اخبار المغرب

يطمح لبناء 100 سفينة.. قلق إسباني من تحرك المغرب لإطلاق أكبر حوض لبناء السفن بإفريقيا

كشفت صحيفة “elEconomista” أن المملكة المغربية تتهيأ لإحداث تحول نوعي في الصناعة البحرية الإقليمية، من خلال إنشاء أكبر حوض لبناء السفن في إفريقيا، على مساحة تتجاوز ثلاثين ملعبا لكرة القدم، مسجلة أن الحوض الجديد لن يقتصر دوره على صيانة وإصلاح السفن، بل سيخوض غمار المنافسة المباشرة مع أحواض بناء السفن في جنوب أوروبا، وخاصة مع إسبانيا ومجموعتها العمومية “نافانتيا”.

وحسب المصدر ذاته، خصص المغرب استثمارا قدره 300 مليون دولار لإقامة “حوض بناء السفن الجديد لميناء الدار البيضاء”، في إطار استراتيجية تهدف إلى تكرار النجاح اللافت الذي حققه قطاع السيارات، ووفقا للوكالة الوطنية للموانئ، التي أطلقت مؤخرا مناقصة لإسناد إدارة الحوض لمدة 30 سنة، يجري البحث عن مشغل دولي يمتلك خبرة طويلة لتطوير هذا المشروع وتشغيله.

وأشار تقرير الصحيفة الذي ترجمته جريدة “العمق” إلى أن المؤشرات تتزايد يوما بعد يوم على تحول المغرب إلى قوة اقتصادية صاعدة في إفريقيا، مدعوما بتطور قطاع السيارات، وتوفر يد عاملة مؤهلة نسبيا، وموقع استراتيجي جذاب للاستثمارات الأجنبية، ومع ذلك، لا يتوقف الطموح المغربي عند حدود البر، بل يمتد نحو البحر عبر مشروع ضخم يهدد قطاعا حيويا في الاقتصاد الإسباني.

ويطمح المغرب إلى بناء 100 سفينة بحلول سنة 2040، معتمدا على نفس المقومات التي جعلت منه أكبر مصدر للسيارات في إفريقيا، حيث صدرت مصانع “رونو” و”ستيلانتيس” في المغرب أكثر من نصف مليون سيارة إلى أوروبا عام 2023، بعائدات بلغت 15,1 مليار يورو.

ولا تقتصر طموحات المغرب على السفن التجارية فقط، بل تشمل أيضا استقطاب الطلب على بناء وصيانة السفن العسكرية، مما قد يزعزع موقع الشركات الإسبانية، وفي مقدمتها “نافانتيا”، التي كانت حتى الآن تستفيد من هذا السوق الحيوي.

وأورد المصدر ذاته،  أن المشروع الجديد يمتد على مساحة 210 آلاف متر مربع (21 هكتارا)، ويتضمن حوضا جافا بطول 244 مترا وعرض 40 مترا، بالإضافة إلى رافعة قادرة على التعامل مع سفن يصل وزنها إلى 9 آلاف طن، وبفضل هذه القدرات، سيتمكن المغرب من صيانة أسطوله العسكري محليا، مما سيوفر له مبالغ كبيرة من العملة الصعبة، خاصة مع اقتراب تحرير نظامه النقدي بحلول سنة 2026.

وتزداد أهمية هذا المشروع في ضوء التحولات الجيوسياسية، لاسيما بعد نقل روسيا صيانة جزء من أسطولها البحري من جزر الكناري إلى الموانئ المغربية، إثر العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب الحرب في أوكرانيا.

هذا، وتنص قواعد المناقصة على ضرورة أن تتمتع الشركات المتقدمة بعشر سنوات من الخبرة في إدارة أحواض مماثلة، مع إمكانية الترشح الفردي أو عبر تحالفات تقودها شركات ذات خبرة، وبينما يبرز اسم المجموعة الكورية الجنوبية “HD Hyundai” والفرنسية “Naval Group” كمرشحين محتملين، تبدو “نافانتيا” الإسبانية مستبعدة، بحسب مصادر صناعية نقلتها صحيفة “إل كونفيدينسيال”، بسبب طبيعة المنافسة المباشرة التي يستهدفها المشروع المغربي.

وكان نزار بركة، وزير التجهيز والماء، قد زار حوض “أولسان” التابع لمجموعة “HD Hyundai” في كوريا الجنوبية أواخر العام الماضي، لبحث سبل التعاون ونقل التكنولوجيا، في إشارة واضحة إلى توجه المغرب نحو شراكات قوية مع قوى صناعية آسيوية وأوروبية بعيدة عن الجوار الإيبيري.

وحسب التقرير فإن المغرب يمتلك بنية تحتية بحرية واعدة، مع شريط ساحلي يمتد على 3.500 كيلومتر، وأكثر من 1,2 مليون كيلومتر مربع من المساحات البحرية، و43 ميناء تجاريا، وتتكامل هذه القدرات مع الصناعات الأخرى الناشئة، كصناعة السيارات والطيران، في إطار رؤية شاملة تهدف إلى تسريع التحول الصناعي.

وتعزز هذه الجهود سلسلة من المبادرات الأخرى، مثل تحديث البنية التحتية للموانئ، وإنشاء بنك مشاريع للصناعات البحرية، واعتماد برامج دعم مالي موجهة للمستثمرين ضمن السياسة الجديدة للاستثمار، مما يكرس موقع المغرب كمنصة صناعية ولوجيستية على مستوى القارة.

وفي هذا السياق، يبرز أداء ميناء طنجةالمتوسطي، الذي سجل نموا بـ18,8% سنة 2024، مقابل ركود ميناء الجزيرة الخضراء الإسباني، ما يعكس نجاح المغرب في منافسة جيرانه الأوروبيين على المدى المتوسط.

وأشار المصدر ذاته على أن المغرب يستفيد من اتفاقيات تبادل حر مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ما يضعه في موقع مميز لاستقطاب استثمارات أجنبية موجهة نحو الأسواق الكبرى، خاصة مع تنامي الحواجز التجارية الدولية، كما تنبأ العديد من المحللين بأن يصبح المغرب منصة مثالية للشركات الصينية والهندية والأوروبية الراغبة في التصدير نحو الولايات المتحدة عبر بوابة آمنة وموثوقة.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *