يجب حفظها كتراث لامادي
اكتسحت طقوس وتقاليد الأعراس المغربية دولا بشمال إفريقيا، خاصة بالجزائر التي صارت أعراسها لا تخلو من طقوس لباس العروس التقليدي وحمل العروس بالعمارية، وإرفاق هذه الطقوس بالموسيقى الشعبية المغربية التي تواكب تفاصيل هذه المناسبة.
وفي برنامج إعلامي على قناة “الشروق” الجزائرية المعروفة بتوجهها الإعلامي العدائي ضد المغرب، ناقش ضيوفه قضية اكتساح طقوس الأعراس المغربية للأعراس الجزائرية، وعبر بعضهم عن تضايقهم من هذا الاكتساح، معتبرين أنه يهدد ثقافة العرس الجزائري.
وصارت العديد من مزينات العرائس أو ما تسمى بالماشطة في اللهجة العامية الجزائرية والنكافة في اللهجة المغربية، يعتمدن في عرضهن على اللباس المغربي وهزة العروس بالعمارية بطلب من العرائس.
وأكدت مزينة عرائس حلت ضيفة بالبرنامج، أن أغلب العرائس الجزائريات صرن يفضلن ما يصفونه “بالرفدة المغربية”، في إشارة إلى “هزة العمارية باللباس المغربي التقليدي”.
واعتبر ضيوف البرنامج، أن ما صارت تشهده الأعراس بالجزائر “تقليد أعمى واختراق طقوس وتقاليد الأعراس المغربية لأعراسهم بالجزائر”، بينما رفضت ضيفة أخرى بالبرنامج هذا التقليد لأنه، بحسبها، “يضايق ويهدد ثقافة العرس الجزائري”.
وفي هذا الصدد تساءلت جريدة “العمق”، عن مدى حماية طقوس وتقاليد الأعراس المغربية كموروث ثقافي مغربي أصيل من القرصنة، وعن دلالات اكتساح هذه الطقوس لدول مجاورة.
وتفاعلا مع هذه الأسئلة، اعتبر سعيد بنيس، الأستاذ الجامعي والباحث في علم الاجتماع، أن حماية طقوس العرس المغربي كموروث ثقافي تتجلى في “تدبير دينامية هذه الطقوس في علاقتها بعلامة مغربي، وذلك بتسجيلها وحفظها كتراث لامادي مغربي وتثمين خصوصية عناصرها مثل العمارية واللباس التقليدي والحلي المتنوع والذي يحيل على خصوصيات ترابية مغربية”.
واعتبر بنيس، أن اكتساح طقوس العرس المغربي لدول مجاورة، “قد تم من خلال مرور هذه الطقوس إلى مرحلة العولمة من خلال بعض العناصر، منها القفطان المغربي الذي انتقل من لباس تقليدي تراثي إلى لباس عصري معولم وكذلك تشبت مغاربة العالم بإحياء أعراسهم في بلدان المهجر على الطريقة المغربية بجميع تفاصيلها”.
وتباعا لذلك، يضيف الباحث في علم الاجتماع، “تخطت جاذبية هذه الطقوس حدود التراب المغربي لتحتضنها بلدان الجوار لا سيما مع تداعيات الثورة الرقمية وسيولة ثقافة التقاسم الافتراضي”.
وأكد على أن شروط حماية هذا الموروث “ترتهن برؤية سياسية تجعل من اليقظة الثقافية إحدى ركائزها الأساسية من خلال العمل على ضبط عناصر الفرادة والأصالة في خصوصية طقوس العرس المغربي. لأن هذه اليقظة ستمكن هذه الطقوس من كسب رهان الإستمرارية وكذلك التنافسية على أساس أن هذه الطقوس عنصر من عناصر القوى الناعمة”.
وتسهر الأسر المغربية خلال مناسبات الأعراس، على الاحتفال “بليلة العمر” بالتقاليد والطقوس الأصيلة التي توارتثها أبا عن جد، باعتبار العرس هو المناسبة الوحيدة التي تعتمد فيها الأسرة المغربية إضافة إلى الطقوس المذكورة، مظاهر البذخ من خلال اعتماد مصاريف وتكاليف باهظة تليق بعرس يمكن وصفه بالخيالي أو الأسطوري.
واعتبر الباحث في علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن الأسر المغربية خلال مناسبة العرس، “تنتقي أثمن المشتريات وأرفعها، والبذخ من هذه الزاوية قائم في جوهره على نسق أنثروبولوجي وثقافي لانتقائية الأفضل”.
وارتباطا بهذه النقطة، أشار بنيس إلى أنه “لا يمكن حصر ظهور البذخ في الأعراس المغربية في وقت محدد، غير أنه يمكن إرجاع انتشاره كظاهرة ثقافية إلى سنوات الثمانينات على وجه التقريب”.
وأكد أن بعض مظاهر البذخ بالأعراس المغربية، “كانت قائمة حتى قبل ظهور قاعات الأفراح وانتشارها، حيث كنا نلمسها مثلا في بعض أعراس الأعيان، فرغم أن العرس كان يقام في المنزل (أي بدون تغيير مكاني)، كانت مظاهر البذخ في الاحتفال موجودة.
في المقابل، يرى المتحدث أنه “نجد أنه في الحي الشعبي أو “لْحُومَة”، كانت “الدَّار لَكْبِيرَة”، التي ترادف دلالتها الأنثروبولوجية منزل الوجيه أو الغني في الحي الشعبي، مفتوحة في وجه الجميع” وفق تعبيره.
المصدر: العمق المغربي