وهبي متشائم من خروج القانون الجنائي عكس توجهاته.. وينتقد “انحراف” مدونة السير

وجه وزير العدل، عبد اللطيف وهبي انتقادات لاذعة لمدونة السير، واصفا إياها بـ”القانون السيء جدا” لما تحمله من مظاهر “الانحراف والتمييز الطبقي”، على حد تعبيره، موضحا أن التعويضات التي تمنح للأغنياء تُحتسب على أساس الدخل، بينما يُمنح الفقراء “الفتات”.
وقال وهبي خلال الجلسة المخصصة للأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، اليوم الثلاثاء، “مدونة السير من اكبر القوانين المعوقة والمنحرفة في الترسانة القانونية المغربية لأنه يعطي تعويضا للأثرياء ويعطي بعض الفتات للفقراء، لاحتسابه التعويض بناء على الدخل”.
وفي هذا الإطار، كشف الوزير عن قرب عقد اجتماع أخير لإحالة مشروع قانون جديد على البرلمان، يعدل ظهير 1984 المتعلق بحوادث السير، موضحا أن مراجعة شاملة شملت آجال التقاضي، والحد الأدنى للأجر (من 9270 درهم إلى 14270 درهم)، ومسألة التقادم، مؤكدا أنه تم إدراج “تصرفات ووقائع جديدة لم تكن منصوصا عليها سابقا في مدونة1984”.
وبخصوص صندوق مال الضمان، أكد أنه لفترة لم يؤدي مستحقاته، رغم امتلاكه احتياطيات ضخمة، مشيرا إلى أن المحامين قاموا بالحجز على ما مجموعه 186 مليون درهم من أرصدته، فيما ظل مديره العام السابق “لا يحرك ساكنا”. مشيرا إلى أن المدير الجديد قام بتسوية ملفات بقيمة 90 مليون درهم خلال 2023 و2024، و43 مليون درهم خلال السنة الجارية.
وعن مشروع القانون الجنائي، أوضح أنه رغم استكمال صياغة المشروع منذ مدة على مستوى وزارة العدل بعد قطعه عدة مراحل، إلا أنه ما يزال رهين خلافات حادة، الأمر الذي دفعه إلى إعلان تشاؤمه من خروجه إلى حيز الوجود بصيغته المرجوة.
وقال وهبي، “القانون الجنائي انتهينا منه على مستوى وزارة العدل منذ مدة، لكن هناك نقاشا حادا بين توجهات حداثية وتعبيرات محافظة، ولم يُحسم بعد”، مضيفا، “إذا لم يأتِ القانون الجنائي بقناعاتي وقناعات الحكومة، فمن الأفضل ألا يأتي”.
وأشار الوزير إلى أن الوضع الحالي يستدعي قانونا جنائيا جديدا يتفاعل مع التحديات التي يطرحها الواقع، خاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وتنامي الهجمات على الحياة الخاصة، وتطور الذكاء الاصطناعي. مردفا، “لا يُعقل أن نستمر في العمل بعقوبات كالإعدام أو السجن المؤبد دون إعادة نظر”، مبرزا أن القانون يجب أن يكون جوابا فعالا لضمان الأمن القانوني.
واعتبر وهبي أن السؤال الجوهري الذي ينبغي أن يُطرح هو، “أي قانون جنائي نريد؟ هل نريد قانونا حديثا يتعامل مع الجرائم وفق مقاربة قانونية حديثة، أم نريد العودة لممارسات متجاوزة؟”، مشددا على ضرورة استكمال منظومة الإصلاح بإقرار القانون الجنائي بأكمله، كما تم مع العقوبات البديلة، داعيا إلى “عدم الخوف من النقاش”.
كما أثار وهبي مسألة مسؤولية الآباء عن تصرفات أبنائهم القاصرين، خصوصا في ما يتعلق بحمل الأسلحة البيضاء، داعيا إلى التفكير في آليات قانونية لمساءلة الأولياء، سواء جنائيا أو ماديا، من متسائلا إن كان الامر يستدعي فرض غرامات قد تصل إلى 100 مليون سنتيم، مؤكدا أن وزارته تدرس حاليا تصورا جديدا لتقنين هذه المسؤولية.
وأكد وزير العدل على أن “القواعد القانونية من صنع العقل الإنساني، وليست أصناما نعبدها”، داعيا إلى اجتهاد تشريعي يواكب تحولات المجتمع ويحمي الحقوق والحريات.
المصدر: العمق المغربي