من العاصمة المغربية الرباط، استعرض سيدي ولد التاه، الرئيس التاسع لمجموعة البنك الإفريقي للتنمية (المنتخب حديثا)، ملامح استراتيجيته لقيادة المؤسسة الماليةالتنموية الأهم في القارة، كاشفا عن “أربع ركائز” أساسية قال إنها تُوجّه رؤيته للاستجابة للتحديات المُلحّة التي تواجه إفريقيا. تتمثل هذه الركائز في: التعبئة الهائلة لرؤوس الأموال، إصلاح الهيكلة المالية الإفريقية، تحويل النمو الديموغرافي إلى قوة اقتصادية، وتحديث البنى التحتية وتصنيع الموارد محليا.
وخلال الجلسة الافتتاحية لـ”منتدى إفريقيا للاستثمار”، الذي تحتضنه الرباط بحضور مسؤولين مغاربة وممثلين عن الدول الأعضاء، أكد ولد التاه أن شعار دورة هذا العام: “سد الفجوة، تعبئة رؤوس الأموال الخاصة، وإطلاق العنان لكامل إمكانات إفريقيا”، يتقاطع بعمق مع الحاجة الماسة لتوفير الموارد لتمويل تنمية القارة. وأضاف: “رغم أن إفريقيا تزخر بفرص استثمارية واعدة، إلّا أن عجز التمويل المستمر لا يزال حجر عثرة أمام تحقيق طموحنا المشترك”.
في هذا السياق، شدد المسؤول الإفريقي، الذي شغل سابقا منصب وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية في موريتانيا، على ضرورة خلق تآزر فعّال بين مختلف الفاعلين الماليين، قائلا: “إن مؤسساتنا المالية، وصناديق الضمان، والثروة السيادية، والتقاعد، وشركات التأمين، وبورصاتنا، ستجني فوائد جمة من تعزيز العمل المشترك وتطوير التكامل فيما بينها”.
أربع ركائز
في تفصيله للركائز الأربع، أوضح رئيس مجموعة البنك الإفريقي للتنمية أن الركيزة الأولى المتعلقة بـ”التعبئة الهائلة لرؤوس الأموال”، تهدف إلى تعظيم حشد الموارد الوطنية والدولية عبر أدوات مبتكرة قادرة على مضاعفة قيمة كل دولار مستثمر عشر مرات. وأشار إلى التركيز بشكل خاص على استقطاب موارد القطاع الخاص والادخار (الوطني والإقليمي والدولي)، مع تطوير آليات فعالة للضمان وتخفيف المخاطر.

وفيما يخص الركيزة الثانية، دعا ولد التاه إلى “إصلاح الهيكلة المالية الإفريقية” لتمكينها من خلق دينامية جديدة بين المؤسسات المالية وتحديد أدوارها بدقة. وطرح في هذا الصدد تصورا لهيكلة تتكون من ثلاثة مستويات متكاملة تدعم بعضها البعض: مستوى قاري، ومستوى إقليمي، ومستوى وطني.
بخصوص الركيزة الثالثة، ركز المتحدث على “تحويل النمو الديموغرافي إلى قوة اقتصادية”، لافتا انتباه المشاركين إلى إحصائيات دالة تشير إلى أن القوة العاملة في إفريقيا بحلول عام 2050 ستفوق نظيرتها في الصين والهند مجتمعتين. وقال: “يجب تحويل هذه التركيبة السكانية إلى قوى اقتصادية؛ فشبابنا ونساؤنا هم محرك الابتكار والطاقة، وهم رأسمالنا الأهم”.

ولتحرير هذه الإمكانات، اقترح ولد التاه تعزيز الاستقلالية عبر الشمول المالي، دعم ريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة، وإعطاء الأولوية لتنمية المهارات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والرقمنة، فضلا عن العمل على إدماج القطاع غير المهيكل في الاقتصاد الرسمي.
واختتم ولد التاه تصوّره بـ’الركيزة الرابعة’ المتمثلة في “البنية التحتية وتصنيع الموارد”، وأكد أن سد العجز في البنية التحتية يعد “شرطا لا غنى عنه” للنمو المستدام، مشددا على ضرورة “خلق الظروف اللازمة لتحويل موادنا الخام داخل الأراضي الإفريقية لخلق القيمة المضافة وفرص العمل، بدلا من تصديرها كمواد أولية، مع تعزيز قدراتنا الطاقية واللوجستية والرقمية”.
يُذكر أن أعمال “منتدى إفريقيا للاستثمار” تتواصل على مدى ثلاثة أيام (إلى غاية الجمعة 28 نونبر الجاري)، بمشاركة واسعة تهدف إلى تعزيز جاذبية القارة للاستثمارات الدولية.
المصدر: هسبريس
