وكالة التنمية الفلاحية توضح بشأن منح ست صفقات لشركة “محظوظة” خلال 4 سنوات

توصلت جريدة “العمق” بتوضيح من وكالة التنمية الفلاحية، ردا على مقال نشرته تحت عنوان “شركة محظوظة تحصد الملايير من صفقات وكالة الريفي في المعارض الدولية”، حيث أوضحت الوكالة أن اختيار شركة ASPEN COM لتنظيم مشاركتها في المعرض الدولي للأغذية بأبوظبي لعام 2025 جاء وفق مقتضيات قانون الصفقات العمومية الجديد، الذي يعتمد قاعدة “العرض الأكثر تفضيلا من الناحية الاقتصادية” بدلا من قاعدة “العرض الأقل ثمنا” المعمول بها سابقا.
وأشارت الوكالة إلى أن المرسوم الصادر في 8 مارس 2023 ألغى اعتماد معيار الأقل سعرا، وأقرَّ مبدأ اختيار العرض الأكثر جدوى اقتصاديا وفق معايير محددة، مؤكدة أن قرار منح الصفقة لشركة ASPEN COM تم وفق هذه المقتضيات القانونية، وأن لجنة طلبات العروض تختار العرض الأقرب إلى الثمن المرجعي بتفريط، دون تجاوزه.
في المقابل، استنكرت الوكالة الصياغة التي ورد بها المقال، معتبرة أنه “من شأنها تضليل الرأي لعام وتشويه سمعتها والتشكيك في عملها وحكامتها ونزاهتها”، مؤكدة أن جميع الصفقات المبرمة تمت وفقا للمرسوم الجديد.
رأي المحرر
إن إصرار وكالة التنمية الفلاحية على الدفاع عن منح شركة Aspen Com سلسلة من الصفقات العمومية دون تقديم تفنيد دقيق أو معطيات واضحة، لا يعكس فقط ارتباكا في التعامل مع هذا الملف، بل يكشف أيضا عن نهج يعاكس مبادئ الشفافية والمنافسة العادلة. فبدلا من تقديم توضيحات مدعمة بالأرقام والوثائق، اكتفت الوكالة بالاحتماء وراء مبررات قانونية فضفاضة، متجنبة الخوض في تفاصيل جوهرية تتعلق بأسس ومعايير منح هذه الصفقات المتكررة لنفس الشركة لعدة سنوات متتالية.
إن ما يثير الاستغراب في رد الوكالة ليس فقط التجاهل التام للمعطيات الواردة في المقال، بل اختيارها الرد بطريقة تثير الشكوك أكثر مما تقدم إجابات. فبدلا من التواصل المباشر مع الصحيفة عبر قنواتها المعروفة، فضّلت الوكالة اللجوء إلى التبليغ الرسمي عبر مفوض قضائي، بواسطة محام له خلفية سياسية، مما يطرح تساؤلات حول الهدف الحقيقي من هذه الخطوة. هل يتعلق الأمر فقط بتوضيح موقفها، أم بمحاولة خلق ضغط قانوني على الصحيفة وترهيبها لمنعها من الخوض أكثر في هذا الملف؟
كما أن اللجوء إلى هذا الأسلوب لا يقتصر فقط على بعده الترهيبي، بل يحمل أبعادا مالية تتعلق بحسن تدبير المال العام، فإشراك المفوض القضائي والمحامي في إرسال التوضيح يضيف تكاليف مالية غير مبررة على ميزانية الدولة، في وقت كان يمكن فيه الاكتفاء بإرسال توضيح رسمي عبر البريد الإلكتروني للجريدة أو نشره بوسائل التواصل الاجتماعي التابعة بها. فهل أصبحت ممارسات من هذا النوع وسيلة لصرف المال العام في معارك قانونية غير ضرورية، بدل توجيهه نحو أولويات أكثر أهمية؟
وبعيدا عن أسلوب التبليغ، أو الترهيب بتعبير أصح، يظل السؤال الأهم قائما حول الطابع المتكرر لهذه الصفقات التي تستحوذ عليها نفس الشركة منذ سنوات. فالمعطيات تؤكد أن Aspen Com حصلت على ست صفقات لتنظيم مشاركات وكالة التنمية الفلاحية في معارض دولية منذ 2020، رغم تقديم شركات أخرى لعروض أقل كلفة. والأدهى أن التبرير الوحيد الذي قدمته الوكالة هو أن عرض الشركة الفائزة كان “الأكثر جدوى من الناحية الاقتصادية”، دون تقديم أي معطيات تفصيلية تبرهن على صحة هذا الادعاء، مما يجعل الأمر أقرب إلى إعادة إنتاج “ممارسات الريع” بدل احترام معايير الشفافية وتكافؤ الفرص.
إن المال العام أمانة في يد المؤسسات العمومية، والتعامل معه يفترض الوضوح في القرارات، خاصة عندما يتعلق الأمر بصفقات بملايين الدراهم. فبدل محاولة احتواء الجدل عبر تحركات قانونية لا تضيف شيئا للنقاش، كان الأولى بالوكالة أن تقدم إجابات مقنعة تبرر لماذا تحظى Aspen Com بهذه العقود المتتالية، رغم وجود عروض أخرى أكثر تنافسية.
وفي ظل هذا الوضع، يبقى السؤال مطروحا؛ هل ستتخذ الجهات الوصية، وهنا نقصد رئاسة الحكومة وكذا وزارة الفلاحة، إجراءات جدية لمراقبة هذه الصفقات والتحقيق في مدى احترامها لمبادئ الشفافية؟ أم أن هذا الملف سيظل مجرد عنوان جديد في سلسلة قضايا المال العام التي تُطوى دون محاسبة؟
المصدر: العمق المغربي