وسط مطالب بتعويضه بالحرف اللاتيني.. هل يعرقل “تيفيناغ” تعميم تدريس الأمازيغية؟

شكل اعتماد حرف تيفيناغ لكتابة اللغة الأمازيغية بشكل رسمي سنة 2003، خطوة ذات أهمية كبيرة في ملف النهوض بالأمازيغية، لكن مازال النقاش مستمر منذ أزيد من عشرين سنة، حول مسألة عرقلة حرف تيفيناغ لتعلم الأمازيغية، واقتراح استعمال الحرف اللاتيني بدل تيفيناغ في تعليم اللغة الأمازيغية.
وفي هذا السياق، أكد الناشط الأمازيغي لحسن امقران، أنه “ليس هناك معطيات أو إحصائيات رسمية، تثبث أن حرف تيفيناغ يعيق تعلم الأمازيغية، فاختيار حرف تيفيناغ من طرف المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، كان وفق مجموعة من المعايير، التي من شأنها تسهيل التعلم كالوضوح والإقتصاد، والوحدة وعدم الإلتباس، مما يجعل منه حرف سهل التعلم”، وفق تعبيره.
وأضاف لحسن امقران، في تصريحه لجريدة “”، أنه “لو خيرت الأمازيغية بين الحروف لاختارت الحرف اللاتيني، وهذه مسألة معروفة وتمتد إلى مرحلة التداول في اختيار الحرف”.
اعتبارات إيدولوجية
وأوضح المتحدث ذاته أنه “لاعتبارات إيدولوجية وسياسية، تم التوافق على حرف تيفيناغ، باعتباره أقل تعقيدا من الحروف الأخرى، خاصة إذا تعلق الأمر بالخط العربي أو الأرمي، التي تختلف حروفها بين الكتابة في بداية الكلام ووسطه ونهايته”.
ولفت المتحدث ذاته أن “الحرف اللاتيني يكتب بطريقتين مختلفتين، عكس حروف تيفيناغ التي تكتب بطريقة موحدة”، مبرزا أنه “يمكن اكتساب حروف تيفيناغ في أقل من ثلاث أيام، بناء على ما يتصوره مدرسو اللغة الأمازيغية، وكذلك مكونو أساتذة الأمازيغية”.
وتابع الناشط الأمازيغي قائلا: “لا أجازف أن من يقول عن حروف تيفيناغ أنها معقدة إنما ينطلق من قاعدة إيدولوجية وغير علمية”.
وحول ما إذا كان من الممكن أن يساهم الحرف اللاتيني بشكل كبير في تعليم اللغة الأمازيغية للأجانب، أوضح امقران أنه “إذا كان الإختيار مبني على ما هو موضوعي وعلمي وأكاديمي، فلا أحبذ أن تكتب اللغة الأمازيغية بغير حروفها، رغم الإكراهات الموضوعية التي يطرحها”.
وأضاف أنه إن “كنا نقارب الموضوع مقاربة نفعية، فمن شأن كتابة اللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني أن يوفر على الناس تعلم أبجديتين مختلفتين”، مردفا أن “مشكل الحرف مشكل ثانوي، لأن هناك من اللغات من غيرت حرفها لاعتبارات معينة، كاللغة التركية واللغة الكردستانية التي تكتب بثلاث أبجديات”.
وواصل الناشط الأمازيغي شارحا: “وهو نفس الشيء في الجزائر، بحيث تكتب اللغة الأمازيغية شمالا بالحرف اللاتيني، والوسط بالحرف العربي، وفي الجنوب بحرف تيفيناغ، ما يعني أن هذا للإشكال مجرد إشكال جزئي، ولا يطرح نفسه بإلحاح”.
عوائق بيداغوجية
من جانبه، أكد الباحث في الثقافة الأمازيغية أحمد عصيد، أن “الذين يعتبرون حرف تيفيناغ عائق أمام تعلم اللغة الأمازيغية إنما يقومون بإسقاط حالتهم على الأطفال، خاصة أنه لم يتجاوز تدريس هذا الحرف مستوى السنة السادسة ابتدائي حتى الآن”.
وأكد عصيد في تصريح لجريدة “العمق”، أن “السبب وراء اعتبار تيفيناغ حرفا غير مألوف، هو أن أغلب الناس عاشوا ماضيا دراسيا طويلا بحرفين العربي واللاتيني، بينما حرف تيفيناغ أدخل إلى التعليم حديثا لهذا يعتبرونه غريبا، عكس الأطفال الذين يجدون أمامهم ثلاث أبجديات يتعلمونها بسهولة خاصة أن مَلَكة التعلم لديهم قوية”.
وسجل المتحدث ذاته، أن ‘التقريرين اللذين أنجزهما كل من وزراة التربية الوطنية، والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أشارا إلى أن تعلم الأطفال لحرف تيفيناغ، لا تواجهه أية عوائق بيداغوجية، بل على عكس تماما فهو يلقى إقبالا كبيرا بسبب عدم تغيير أشكال الحروف، بحسب موقعها من الكلمة، كما يحدث في الحرف العربي، إضافة إلى أشكاله الهندسية “الجميلة و البسيطة”، على حد تعبيره.
ويرى أحمد عصيد أن “ما يعيق حرف تيفيناغ، هو عدم توفير وسائل تعليمه ونشره، حيث قدم مثالا عن عدد المغاربة الذين يعرفون كتابة الحرف اللاتيني بين سنتي 1956 و2025، ونفس الشيء بالنسبة للحرف العربي، حيث كانت نسبة الأمية في بداية الإستقلال تصل إلى 94%”.
وأضاف الناشط الأمازيغي، أن “الذين يقولون بأن حرف تيفيناغ عائقا، يسعون في الواقع إلى إخفاء السبب الرئيسي لعدم تعميم تدريس اللغة الأمازيغية، وهو عدم توفير الموارد البشرية، مشيرا إلى أن الوزارة لا توفر إلا عددا ضئيلا من المدرسين كل سنة، وهو ما يدل على انعدام الجدية لدى الوزارة في العمل على هذا الورش.
وخلص الباحث في الثقافة الأمازيغية إلى أنه “بهذا يصبح الحديث عن حرف تيفيناغ باعتباره عائقا، مجرد كبش فداء من أجل إخفاء الأسباب الحقيقية وراء تعميم الأمازيغية”.
المصدر: العمق المغربي