في مدينة دبر البلح وسط قطاع غزة الُمدمر والمحاصر يتهافت عشرات الأشخاص على فرع لمصرف فتح أبوابه بعد اتفاق وقف إطلاق النار، على أمل الحصول على بعض النقد، لكن أملهم سرعان ما يتبدد.
على غرار أحمد أبو فول، النازح من شمال القطاع، يصطف عشرات الأشخاص في طابور، الأحد، أمام فرع لمصرف فلسطين في دير البلح، وهو أحد الفرعين اللذين فتحا أبوابهما، إلى جانب فرع النصيرات، وذلك بعد دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في العاشر من أكتوبر الحالي.
وهذه المرة الأولى التي تفتح فيها مصارف أبوابها في القطاع، منذ انتهاء الهدنة السابقة في مارس الماضي، بحسب أحد مسؤولي المصرف.
يقول أحمد أبو فول (38 عاما) لمراسل وكالة فرانس برس: “ذهبت فورا لفرع دير البلح، لكن للأسف ذهبت لكي أسحب راتبي الذي لا أستطيع سحبه” منذ أشهر، ويضيف: “لم أجد أموالا لأسحبها في البنك، لكنني استطعت أن أحصل على بطاقة جديدة لان بطاقتي تلفت”.
ويأمل أحمد أن “يكون هناك حل قريب لكافة خدمات البنك، لأن الوضع مأسوي جدا”.
عبر الهاتف
منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر 2023 فُقد النقد سريعا في قطاع غزة، ولم يكن من السهل استخدام البطاقات المصرفية؛ فمعظم المصارف وأجهزة الصرف الآلي دُمرت، بحسب ما ذكره خبراء في الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي.
وقال الخبراء: “منعت إسرائيل دخول قطع نقدية جديدة، ما أدى إلى أزمة حادة في السيولة، وإلى تضخّم كبير في تكلفة المعيشة وانخفاض في قيمة الرواتب”.
أما السكان المزوّدون بتطبيقات للخدمات المصرفية على هواتفهم فتمكنوا من تحويل المال واستقباله، سواء الرواتب أو الأموال المُرسلة من الأقارب.
ويستخدم البعض محفظة إلكترونية (مثل باي بال) كبديل عن البطاقات المصرفية، أو نظام تحويلات يتيح إرسال مبالغ محدودة من المال أو تلقيها بعمولة عالية.
لكن استخدام هذه الطرق والتطبيقات لا يخلو من الصعوبة في ظل انقطاع الكهرباء والإنترنت.
ويقول أحمد أبو فول إنه من الممكن الحصول على أموال نقدية من التجار، لكن العمولات عليها مرتفعة جدا.
تعب من التجار
قال مسؤول في بنك فلسطين لوكالة فرانس برس الأحد، طالبا عدم الكشف عن هويته، إن المصرف قرر إعادة فتح الفرعين “حسب الظروف الأمنية”، وأضاف: “لا توجد سيولة نقدية حتى الآن”، موضحا أن الناس يستخدمون الأموال النقدية التي كانت موجودة من قبل الحرب، علما أن معظمها متهالك.
ويجري إصلاح هذه الأوراق النقدية، التي كثيرا ما تكون ممزقة، في الأسواق لإعادة استخدامها.
ويقول تيسير أبو شبك لمراسل وكالة فرانس برس في دبر البلح: “نريد حلا، أزمة السيولة لم تُحلّ ونحن مازلنا نعاني”.
وجاء أبو شبك إلى فرع المصرف على أمل أن يعيد فتح حسابه الذي أُغلق، ويقول إنه غير قادر على الشراء نقداً من السوق، وعاجز عن فتح حساب مصرفي، متسائلا: “كيف يمكن أن نأكل ونعيش؟”.
ومن بين زبائن المصرف أمل عثمان التي تشكو من تعليق الخدمات المصرفية ومن خروج التطبيقات الهاتفية عن الخدمة أيضاً.
وتقول الأمم المتحدة إن الحرب الإسرائيلية على غزة أغرقت الغالبية الكبرى من سكان القطاع البالغ عددهم مليوني نسمة في الفقر، في ظلّ اقتصاد مدمّر وبطالة شاملة.
ودعا خبراء الأمم المتحدة منتصف شتنبر الماضي إلى “إلغاء القيود المالية” و”استعادة تدفق السيولة”.
وقال مسؤول مصرفي لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن اسمه: “الناس خسروا الكثير من المدخرات، وقيمة المال خلال الحرب تدهورت”.
حين وجد محمود نصار، النازح من شمال القطاع إلى الزوايدة (وسط)، فرع المصرف فاتحا أبوابه، حداه الأمل في أن يتمكن من سحب مبلغ نقدي من المال، ولمّا فهم أن الأمر ليس كذلك قال: “يعني سوف نعود مجددا لنسحب أموالنا بعمولة كبيرة من التجار الذين أنهكونا وأتعبونا وأكلوا مالنا”.
المصدر: هسبريس