أعاد جواب أمين التهراوي، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، عن سؤال كتابي بالبرلمان حول مرض السيلياك الجدل إلى الواجهة بشأن غياب آليات دعم فعلي لمرضى هذا الداء الذين يضطرون إلى الالتزام بنظام غذائي خالٍ من الغلوتين بتكاليف باهظة، في ظل عدم إدراج هذه المنتجات ضمن لائحة المواد القابلة للتعويض.

الوزير أكد أن الكشف عن هذا المرض متاح في المؤسسات الاستشفائية العمومية، ويشمله التأمين الإجباري عن المرض؛ لكنه أقر ضمنيا بوجود إكراهات تواجه المرضى في التزود بالمستلزمات الغذائية الخاصة بهم.

وأوضح التهراوي، ضمن الجواب ذاته، أن الوزارة منكبة على دراسة إمكانية إدراج المواد الغذائية الخالية من الغلوتين ضمن لائحة المنتجات المشمولة بالتعويض، في أفق التخفيف من الأعباء المالية الثقيلة التي تثقل كاهل الأسر المصابة.

كما أشار المسؤول الحكومي ذاته إلى أن المقاربة الجاري الاشتغال عليها ترتكز على الإنصاف الصحي وإعادة النظر في سلة العلاجات والخدمات التي يوفرها نظام التغطية الصحية الأساسية، خصوصا لفائدة الفئات المتضررة اجتماعيا.

وأضاف وزير الصحة والحماية الاجتماعية أن داء السيلياك يُعد من الأمراض التي تتطلب حمية صارمة مدى الحياة؛ وهو ما يجعل كلفة العلاج الغذائي مرتفعة مقارنة بالأمراض الأخرى.

وشدد على أن الوزارة تتجه نحو تبني مقاربة شمولية تشمل التحسيس والتشخيص المبكر، إلى جانب دراسة إدراجه ضمن لائحة الأمراض المزمنة؛ مما قد يتيح مستقبلا استفادة المرضى من دعم مباشر أو تعويض جزئي عن كلفة المنتجات الخالية من الغلوتين.

كما لفت التهراوي إلى أن مصالح وزارته تعمل على تنسيق الجهود مع الوكالة الوطنية للتأمين الصحي من أجل توسيع نطاق التكفل العلاجي والاجتماعي لفائدة مرضى السيلياك، خاصة في ظل تزايد عدد الحالات المُشخصة خلال السنوات الأخيرة.

وأضاف أن الوزارة تتابع باهتمام كبير التوصيات الصادرة عن الجمعيات المهتمة بهذا الداء، مؤكدا أن أي تعديل على سلة العلاجات سيخضع لدراسة دقيقة تراعي الإمكانيات المالية للدولة وحجم الحاجيات الملحّة على مستوى التغطية الصحية الشاملة.

وفي ظل هذه التحديات، تُطالب جمعيات المرضى بتسريع وتيرة الإصلاحات المتعلقة بهذا الملف؛ من خلال إدماج داء السيلياك ضمن البرامج الصحية ذات الأولوية، وتوفير منتجات خالية من الغلوتين بأسعار مدعّمة داخل الصيدليات والمؤسسات الاستشفائية. كما تدعو إلى تعزيز التكوين المستمر للأطر الطبية وشبه الطبية في مجال تشخيص المرض ومواكبة المصابين، إلى جانب إطلاق حملات وطنية للتوعية بخطورته وضرورة الكشف المبكر، من أجل تجنّب المضاعفات الصحية الخطيرة المرتبطة به.

يُرتقب أن تشهد المرحلة المقبلة تفعيل مشاورات موسعة بين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ومختلف الفاعلين المعنيين، بمن فيهم مهنيّو الصحة والجمعيات المدنية وخبراء التأمين الصحي، بهدف إعداد تصور عملي لإدماج مرضى السيلياك ضمن منظومة الدعم الغذائي والصحي. وتراهن هذه

المبادرة، حسب مصادر مطلعة، على إرساء آلية تمويل مرنة تسمح بتعويض جزئي أو شامل للمنتجات الخالية من الغلوتين، أسوة بما هو معمول به في عدد من الأنظمة الصحية المقارنة.

تجدر الإشارة إلى أن داء السيلياك، المعروف أيضا بالداء البطني، يُعد اضطرابا مناعيا مزمنا يُحدث تفاعلا سلبيا مع بروتين الغلوتين الموجود في القمح والشعير والشوفان، ويؤدي إلى تدمير خلايا الأمعاء الدقيقة.

ويستلزم هذا المرض اتباع حمية غذائية دقيقة مدى الحياة؛ ما يضع عبئا كبيرا على المرضى وأسرهم، خصوصا في ظل غياب دعم عمومي مباشر أو تعويض عن المنتجات الخاصة التي تظل مرتفعة التكلفة وغير متوفرة على نطاق واسع في السوق الوطنية.

المصدر: هسبريس

شاركها.