اخبار المغرب

واد مهاصر بدمنات.. نهر يضع سمعة مدينة على المحك (صور)

على مشارف مدينة دمنات، وقرب القنطرة التي تخبر كل زائر أنه في أرض المدينة التاريخية، توجد علامة كتب عليها “واد محاصر”، وهو نهر يعرفه السكان المحليون بواد مهاصر وليس “محاصر”، نسبة إلى منبع مائي بحوض امينفري يسمى عين سيدي ناصر امهاصر، أو على الأقل هكذا يقول الكثيرون من أبناء المدينة.

وعن النهر، يقول الباحث في سلك الدكتوراه بمختبر دينامية المشاهد والتراث ببني ملال، عماد بويزلان، إن واد مهاصر هو أهم مجرى مائي يتوفر عليه المجال الترابي لجماعة دمنات، والذي وصفه صاحب “إينو لتان” بأنه عصب الحياة الزراعية خلال القرن 19 وهو الأساس الذي اعتمده الاقتصاد المحلي لدمنات من فلاحة وحرف تقليدية.

وأضاف بويزلان أن مياهه يستفيد منها سكان أولاد خلوف وسور العز يإقليم قلعة السراغنة في زراعة الخضر والحبوب، بالإضافة إلى غرس أشجار الزيتون والكروم. كما تعتبر ساقية مدلالة أو مدلانة وساقية ايت يحيى من أهم السواقي التي ارتبطت تاريخيا بواد مهاصر والتي تساهم في سقي أهم  الأراضي الفلاحية المتواجدة بجماعة إمليل، ومدينة دمنات.

ويعتبر واد مهاصر أيضا موئلا لمجموعة من البرمائيات والطيور وأهم عوامل الحفاظ على التنوع البيولوجي بالمنطقة دون أن ننسى دوره الرئيسي كمصدر للطاقة المستعملة في تحريك مجموعة من الطواحن القديمة (إزركان التي لم يبقى منها سوى الأطلال)،  دون أن ننسى الدور السياحي لواد مهاصر حيث يستقطب على مستوى العالية حيت تتواجد القنطرة الطبيعية لإمي نفري مجموعة من السياح المحليين والأجانب والذي يعتبر  إلى حد ما موردا اقتصاديا ينعش ميزانية جماعة تفني وجماعة دمنات.

ماض مشرق يطمسه بؤس الحاضر

أحمد ورضيني، أحد أبناء المنطقة يتذكر الماضي المشرق لواد مهاصر فيقول: “كان النهر مسبحا نظيفا ومجانيا لأطفال وشبان دمنات المركز ولباقي أطفال الدواوير المتاخمة لها، كلنا نتذكر( امي نغيول) وباقي النقط الأخرى الصالحة للسباحة، كان النهر يحتضنهم طول النهار، ويدفع عنهم القيظ الخانق، وعندما يحل المساء يرجعون إلى بيوتهم وقد نال منهم التعب ليخلدوا لنوم عميق استعدادا لليوم الموالي”.

أما الآن، يضيف ورضيني، لاحياة في هذا النهر فقد أبيدت جميع الكائنات الحية به، وبعدما كان يحمل الأمل والحياة في مساره أصبح يحمل اليأس والموت.

وقال ورضيني، وهو رجل تعليم متقاعد، ليتذكر معي القارئء الذي في سني، ذلك الشخص المسمى( مومو) الذي كان يقصد إحدى نقط النهر بشبكته، وفي وقت قصير يرجع الى المدينة بسلة كبيرة مليئة بسمك طري يبيعه بثمن في متناول الجميع،  لايسعنا إلا أن نتحسر على ماضي واد مهاصر الجميل، يضيف ورضيني بكثير من الأسى.

وختم المتحدث كلامه بالقول إن سمعة المدينة برمتها تكمن في إنقاذ واد مهاصر، وهذا تحد لأبناء دمنات بكل مشاربهم وانتماءاتهم، ويجب ان لا ننسى أن مصب النهر هو سد سيدي ادريس، ومن العار ان نصدر ما استحيي عن ذكره، بعدما كنا نصدركل ما كان فخرا لدائرة دمنات، من زيت وزيتون وتين وعنب وسفرجل ودباغ.

وفي نفس السياق، قال الفاعل الحقوقي عبدالرحيم جمار، في تصريح لجريدة “العمق” بالأمس القريب كان واد مهاصر مجالا بيئيا ينضح بالحياة، فقد كان بمثابة مسبح للأطفال، ومصدر عيش لبعض ساكنة دمنات ( صيد الأسماك، جمع الرمال)، ومكانا تعيش  فيه مجموعة من الكائنات الحية.

أما الحاضر فيخبرنا أنه لا حياة في هذا النهر، إذ أصبح حزاما ناسفا خانقا محاصرا لمدينة دمنات، مؤكدا على أن ما يحدث بواد مهاصر هو كارثة بيئية تحدث أمام مرأى ومسمع المسؤولين.

وقال جمار إن الأمر يتعلق بجريمة بيئية في حق واد برمزية تاريخية عميقة، يتعلق بالإضرار بصحة الساكنة، وبالمكونات البيولوجية للوادي، وبالموارد المائية، وبالعمق التاريخي لمهاصر، وفق تعبيره.

المستشار الاستقلالي بجماعة دمنات بدوره تحدث لجريدة “العمق” عن واد مهاصر قائلا: “لا يمكن لأي مواطن عاش في ثمانينات القرن الماضي أن يخطئ المكان ولا الغاية منه عندما يسمع كلمة ‘أسيف’، ‘التعويشت’، ‘أگوگ’، ‘لابيسين’، أو ‘إيمي نغيول’، فكلها أسماء لأماكن محددة على طول واد مهاصر خصوصا بين القصبة وحدود قنطرة إسران أو مصب الوادي خارج الحدود الجغرافية لجماعة دمنات.

ويسترسل بوغالم في حديثه عن واد مهاصر الذي كان، بحسبه، مصدر قوت الكثير من الحرفيين، خصوصا ناقلي رمال البناء على ظهور الدواب وآخرين ممن يمتهنون حرفة الدباغة ومهن أخرى، فكلهم يرتادون من أجل تنظيف بعض جلود أو صوف الماشية قبل المرور إلى مراحل دقيقة بدار الدباغ أو المنازل.

وأضاف المستشار الجماعي ذاته: “بل إن هناك من يكسب قوت يومه من صيد بعض الأسماك التي يسابق بعضنا البعض الآخر لمسكها باليد”.

وأشار بوغالم إلى أن هذا كله كان بفضل وفرة الماء ونقائه، متذكرا حالة النهر في بعض الأحيان عندما يفيض بالماء، فيعتلي السكان بعض الزوايا لمتابعة هذا المشهد، حيث تكتسح المياه الحقول المحاذية للوادي فتصبح مليئة بالوحل والأحجار.

بهذا الشوق والحنين إلى ماضي واد مهاصر، يضيف بوغالم، لم نعد نتحمل حجم الظلم والتجاهل والتحامل على دور الواد كشريان حياة لمدينة دمنات.

وقال إن وضع الوادي أصبح مقلقا بفعل الظلم الذي لحق مياهه التي استسلمت لقنوات الصرف الصحي التي تصب من بعض الأحياء السكنية وبعض المنازل التي تجاوره وأصبح مجرى لجميع أنواع المياه العادمة باختلاف مصدرها سواء سكنية أو صناعية حتى أضحى مصبا رئيسيا للخطوط الرئيسية لقنوات الصرف الصحي للمدينة التي لا تتوفر على محطة للمياه العادمة إلى غاية الآن و لا حتى بعد سنوات من الآن.

ولفت المتحدث إلى أن الوادي أصبح مكبا لجميع أنواع النفايات الصلبة ومخلفات المنازل المهدمة، أصبحت جنباته تتثاقل نحو الأسفل مشكلة شعابا من الأحجار الخرسانية والبلاستيك وعبوات الورق المقوى التي تكون سببا في ابنعاث روائح كريهة تنضاف إلى تلك التي تسببها مياه واد الحار.

وقال: “وكأن هذا الذي يحدث لم يشف غليل البعض، إذ تعمل جهات على الإجهاز على رئة تصريف هذه المياه بسبب توسعة إحدى البقع الأرضية قرب المصب وجعلها مكبا لركام الهدم والبناء، ولم يتبق منه إلا بضعة أمتار لغلق هذا المصب لتطفو مدينة دمنات وأحياءها على بركة من مياه الصرف الصحي”، وفق تعبيره.

من جانبه، قال عبدالصمد لفضالي، وهو احد الفاعلين الجمعويين بالمدينة، إن واد مهاصر في إما أن يكون قيمة مضافة لمدينة دمنات أو يكون عالة عليها، لكن حتى هذه الساعة فإن واد مهاصر يسير نحو الأسوء إذا استمر الأمر على ما هو عليه، فعلى مدار الساعة ترمى مياه الصرف الصحي في هذا الوادى وستزداد الأمور سوءا بازدياد الدور السكنية على ضفاف الوادى صعودا في اتجاه المنبع وما ينتج عن ذلك من روائح كريهة وحشرات وأمراض و توترات نفسية.

أسباب وضعية واد مهاصر

وعزا أستاذ الجغرافيا بثانوية دمنات التأهيلية، عبدالله الوعزاني، أسباب الوضعية الحالية لواد محاصر إلى التغيرات المناخية، مشيرا إلى أن حوض واد محاصر هو جزء من الأطلس الكبير الأوسط ويتسم مناخه بخصوصيات المناخ شبه الجاف حسب التصنيف البيومناخي لمؤشر أومبيرجي (عالم مناخ)، والذي يتميز بعدم انتظام التساقطات وفجائيتها وتتحكم فيه عدة عوامل أهمها الارتفاع الطبوغرافي وتوجيه السفوح وانتظام التضاريس فضلا عن التأثيرات المختلفة للكتل الهوائية المحيطية والمدارية المرتبطة بالدورة الهوائية العامة. ويقل متوسط التساقطات المطرية بالحوض عن 500 ملم سنويا وتسجل تغايرات سنوية مهمة داخل المحطات المناخية.

وأضاف الباحث في سلك الدكتوراه بمختبر دينامية المشاهد والمخاطر والتراث أن حوض واد محاصر، وعلى غرار كل مناطق المغرب والعالم، يشهد تأثير التغيرات المناخية حيث تعاقبت سنوات الجفاف المناخي في السنوات الأخيرة مما أدى إلى تراجع صبيب واد محاصر حتى في فصل الشتاء كما أدت إلى جفاف هيدرولوجي (العيون) وتراجع الفرشة المائية التي تغذي المجرى الرئيسي مما ينذر بخطر استمرار واد محاصر كمجرى دائم.

ومن الأسباب أيضا يقول وعزاني، استنزاف الماء في الري بأسلوب الغمر وهو أقدم الطرق وأكثرها انتشارا في الحقول والأراضي المختلفة والمحاصيل الزراعية وهذه التقنية متنوعة في أساليبها وطرقها وقد تطورت تلك الأساليب في مجموعة واسعة من التشكيلات التي من أهمها: الري بالحوض الري بالسواقي.

أما السبب الثالث، بحسب المتحدث، فيعود لتلوث المياه بفعل تصريف المياه العادمة في واد محاصر، إذ لا تتوفر مدينة دمنات على محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي ويتم توجيهها الى مصب واد محاصر الذي يمر بجوار المدينة، مما يخلف أزمة بيئية تتجلى في تلوث المياه والوسط النهري ويمتد هذا التلوث لعدة كيلومترات مخلفا انعكاسات بيئية وخيمة على الانسان والبيئة، مما يفرض تضافر جهود كل الفاعلين من صناع قرار وباحثين ومدبرين للشأن العام لإيجاد حل يفضي لبناء محطة للمعالجة، وبالتالي معالجة هذا الاشكال البيئي.

وفي نفس السياق، قال الباحث في سلك الدكتوراه بمختبر دينامية المشاهد والتراث ببني ملال، عماد بويزلان، إن الدور الحيوي الذي كان يلعبه واد مهاصر في الماضي تراجع بفعل تراكم مجموعة من العوامل الطبيعية والبشرية، فمن خلال المقارنة بين الأمس واليوم واعتمادا على بيانات التساقطات المطرية السنوية وصور الأقمار الاصطناعية نجد أن كمية التساقطات التي تستقبلها المناطق التي تغذي واد مهاصر خصوصا التساقطات الثلجية عرفت تراجعا ملحوظا، بسبب تأثير التغيرات المناخية على المجال المغربي بصفة عامة وبشكل خاص على المناطق ذات المناخ الجاف وشبه الجاف  التي ينتمي أليها مجال واد مهاصر والتي تتجه نحو ارتفاع درجة الحرارة وعدم انتظام التساقطات وتردد الكوارث الطبيعية من فيضانات وأمطار رعدية حسب تقارير (Groupe d’experts intergouvernemental sur l’évolution du climat) مما أدى إلى تراجع صبيب واد مهاصر ونضوب الخزانات وبعض العيون.

وأضاف أن العوامل البشرية زادت من حدة ذلك، والمتمثلة  من جهة في تزايد النمو الديمغرافي حيث انتقل عدد سكان مدينة دمنات من 459 23 نسمة سنة 2004 إلى 504 29 نسمة سنة 2014 مما سيشكل ضغطا متزايدا على الموارد المائية سواء للاستعمالات المنزلية أو الفلاحية ومن جهة أخرى غياب التدبير العقلاني في التعامل مع مياه واد مهاصر حيت نسجل على طول مجراه تواجد مجموعة من نقط جلب المياه دون الخضوع إلى قوانين تحدد كمية المياه المسموح بها حسب مساحة الملكيات الفلاحية الخاصة.

وأشار المتحدث أيضا إلى أن الثلوث يعتبر من بين أهم المعضلات التي تحول دون الاستفادة من مياه واد مهاصر والذي له انعكاس كبير على صحة المواطنين من جهة وعلى التنوع الحيواني والنباتي.

وقال إن مجموعة من الباحثين والفاعلين الجمعويين قد تطرقوا لهذه المعضلة البيئية عبر مجموعة من البحوث ومواقع التواصل الاجتماعي التي وتقت خطورة هذه المشكلة سواء على المستوى القريب أو البعيد.

ومن المظاهر التي لا تخطئها العين، يضيف بويزلان، تصريف المياه العادمة في اتجاه واد مهاصر لمجموعة من المنازل المتاخمة له (إغرفان بوحلو القصبة اسران)، بالإضافة إلى مياه واد واريتزديك الملوثة والذي يشكل رافدا من روافد واد مهاصر، دون الاكثرات بالأضرار الناجمة عن ذلك في غياب محطة معالجة المياه العادمة، فضلا عن الثلوث الناجم عن غسل الملابس والحبوب والأواني المنزلية على مستوى الواد كسلوك مألوف لدى الساكنة منذ القدم.

فاعلون يقترحون ورئيس لا يجيب

يقول الفاعل الجمعوي، عبدالصمد لفضالي، إن الحل هو أن يكون هذا المشكل من الأوليات و أن تدق جميع الأبواب جهويا وحتى وطنيا بهدف إنشاء محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي واستغلال هذه المياه المعالجة في السقي غير الغذائي بمعايير صحية صارمة، أما الطرق التقليدية المعتمدة على الحفر لامتصاص المياه العادمة فلن تكن فعالة نظرا لجغرافية المدينة.

وشدد على أن مستقبل هذه المدينة مرتبط بالحل الفوري لمشكل المياه العادمة التي تلوث مياه واد مهاصر، فلن تكون أي فائدة من المشاريع التنموية وسط بيئة ملوثة، إذن فلا مفر من أن يكون مشروع إنشاء محطة لمعالجة المياه العادمة كهدف مصيري بالنسبة للمدينة وساكنتها ويكون هذا المشكل هاجسا يجب حله بالنسبة للمسؤولين المحليين و المنتخبين، إن لم نقل يجب أن نربط انتخابهم بتحقيق هذا الهدف.

من جانبه قال عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عبدالرحيم جمار، إن الوضع الخطير لواد مهاصر يستدعي الترافع بشكل مسؤول والضغط على الجهات المسؤولة للإسراع في إيجاد الحلول العاجلة لمشكل تلوث مياه الوادي وتبني مقاربة فورية تجعل من حماية المجال البيئي وحماية سلامة المواطنين هدفها الأساسي.

وأضاف: “وعلى المجتمع المدني تحمل مسؤوليته التاريخية وذلك بعدم الاكتفاء بدور نشر الوعي البيئي وتنظيم بعض اللقاءات والندوات المناسباتية، بل يجب لعب دور جماعة ضغط بتنظيم مبادرات شعبية ومسيرات للضغط على الجهات المسؤولة”، وفق تعبيره.

وختم تصريحه بالقول: “قضية حماية البيئة هي قضية مجتمع ككل تتطلب تعبئة جهود الفاعلين الاجتماعيين من مؤسسات المجتمع المدني والهيئات الرسمية والمؤسسات الاقتصادية قصد تغيير سلوكات الافراد تجاه الاهتمام بالبيئة والمساهمة في حمايتها”.

أما الباحث عماد بويزلان فاقترح إحداث محطة معالجة المياه العادمة، وإحداث وتجديد قنوات الصرف الصحي، واعتماد مزروعات صديقة للبيئة، فضلا عن تقنين جلب مياه واد مهاصر للاستعمالات الفلاحية، وتوعية الساكنة بأهمية الحفاظ على واد مهاصر وروافده.

كما دعا إلى إحداث أندية بيئية صديقة لواد مهاصر من أجل خلق صداقة بيئية بين الناشئة وواد مهاصر، وتشجيع المبادرات الفردية والجماعية التي تصب في حماية هذه الموارد المائية.

أما المستشار الاستقلالي عبداللطيف بوغالم، فقد دعا جماعة دمنات إلى الترافع الجدي حول ملف محطة المياه العادمة، لأن هزالة ميزانية جماعة دمنات لن تكفي حتى لاقتناء عقار مناسب لمثل هذا المشروع الحيوي، داعيا في نفس الوقت جميع المواطنين إلى إحترام هذا التراث البيئي الغني لعل الحياة تعود إليه من جديد.

ولأن المسؤول الأول والأخير عن كل ما يقع بالمدينة هو رئيس الجماعة، نورالدين السبع، فقد حاولت جريدة العمق أن تتواصل معه بخصوص الإجراءات التي قامت بها الجماعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه إلا أن هاتفه ظل يرن دون أن يكلف نفسه عناء الرد على المكالمات رغم إحاطته علما بالموضوع في رسالة قصيرة.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *