أطلقت جماعة بني ملال ورشة تشاورية تهدف إلى توحيد لون واجهات المباني داخل المجال الحضري للمدينة، في إطار تعزيز الحكامة الجيدة والديمقراطية التشاركية التي أكد عليها دستور 2011. تأتي هذه المبادرة، التي أشرفت عليها لجنة التعمير برئاسة حسن حرشي، ضمن استراتيجية لتحديث المشهد العمراني وإعادة صياغة الهوية البصرية لبني ملال.
عقد اللقاء التشاوري يوم 28 ماي 2025 بمقر الجماعة، بعد مرحلة أولى من العمل التشاركي انطلقت عبر المنصة الرقمية ومكتب الضبط، حيث استقبلت الجماعة ملاحظات وآراء المواطنين التي شكلت قاعدة نقاش ثرية ومتوازنة لصياغة قرار عام يخدم مصلحة الجميع.
شارك في اللقاء مجموعة من الخبراء والمهنيين من مختلف التخصصات، من بينهم مهندسون معماريون، أطباء، فنانون تشكيليون، مختصون في التراث والتاريخ، صحافيون وفاعلون جمعويون، وجرى بحث المشروع من جوانب عدة: تاريخية، عمرانية، بيئية، صحية، وجمالية. وأدى النقاش إلى اقتراح توحيد اللون الأبيض لواجهات المباني باعتباره الأنسب للمشهد الحضري.
وأوضح محمد شكري، المحافظ الجهوي للتراث، أن اللون الأبيض يعكس جوهر الهوية المعمارية لبني ملال، ويربط المدينة ارتباطًا وثيقًا بمحيطها الجغرافي. من جهته، أكد سعد نور الدين، رئيس هيئة المهندسين المعماريين، أن اللون الأبيض يلائم المناخ المحلي عبر تقليل امتصاص الحرارة، مما يساهم في تحسين الراحة المناخية ويحد من استهلاك الطاقة.
أما الدكتور محمد حلومي، ممثل الجسم الطبي، فقد أبرز الأثر الإيجابي للألوان على الصحة النفسية وبيئة المعيشة، مشددًا على أهمية اختيار ألوان ترفع من جودة الحياة. فيما حث ممثل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على ضرورة احترام حرية الأفراد، داعيًا إلى اعتماد خطة تنفيذ تدريجية تراعي ظروف وخصوصيات الساكنة.
ورأى فنانون تشكيليون ومثقفون وأكاديميون، من ضمنهم الدكتور المصطفى عربوش، عبد العزيز هنو وعبد الكريم جويطي، أن اللون الأبيض رمز للنقاء والصفاء، وجزء لا يتجزأ من الذاكرة البصرية للمدينة. وأشاروا إلى أن بعض الأحياء التي خرجت عن هذا النمط تحتاج إلى تدخل تصحيحي ضمن مشروع عمراني متكامل يعيد لبني ملال رونقها وجمالها.
في ختام اللقاء، تقرر عرض مقترح توحيد لون واجهات المباني باللون الأبيض خلال دورة استثنائية للمجلس الجماعي قصد المصادقة عليه. كما تم الاتفاق على إطلاق حملة تحسيسية واسعة النطاق، مصحوبة ببرنامج زمني تدريجي للتنفيذ، يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الأحياء وظروف ساكنتها.
في هذا الصدد، أوضح رئيس جماعة بني ملال، في بلاغ رسمي، أن الاجتماع خلص إلى اختيار اللون الأبيض كلون موحد لواجهات المباني لما يحمله من رمزية ودلالات جمالية، إلى جانب ما يوفره من انسجام بصري يتماشى مع الطابع المعماري والمناخي للمدينة. وأضاف أن الأبيض لا يكتفي بدوره الجمالي فقط، بل يُساهم أيضاً في التخفيف من امتصاص الحرارة، ما ينعكس بشكل إيجابي على استهلاك الطاقة داخل المباني.
وأكد الرئيس أن هذا الورش، الذي أطلقته جماعة بني ملال بشراكة مع مختلف مكوناتها، يُجسد إرادة جماعية حقيقية لإرساء تخطيط عمراني مندمج، يُعبر عن روح الديمقراطية التشاركية المنصوص عليها في الدستور، ويهدف إلى إضفاء مزيد من الانسجام والتناغم على الفضاءات الحضرية، في أفق تحقيق تنمية عمرانية مستدامة وشاملة.
المصدر: هسبريس