اخبار المغرب

هيئات بالفنيدق ترفض “تسييج المدينة” وتطالب بحلول اقتصادية جذرية لوقف نزيف الهجرة السرية

عبرت “تنسيقية المجتمع المدني للتنمية المستدامة والعدالة الترابية بالفنيدق” التي تضمن مجموعة من الهيئات المحلية، عن رفضها الشديد لما أسمته “تسييج المدينة والمس بصورة البلد أمام المنتظم الدولي، وإفشال جهود المغرب خارجيا، بسبب قرارات وإجراءات تعود لزمن الاستعمار” وفق تعبيرها.

جاء ذلك في تفاعل التنسيقية مع الإجراءات التي اتخذتها السلطات المغربية في مواجهة الموجة الجديدة للهجرة السرية نحو مدينة سبتة عن طريق السباحة، ضمن تحركاتها الأمنية لإحباط المحاولات الجماعية والفردية للتسلل إلى الثغر المحتل.

وأشارت التنسيقية إلى “أسفها العميق وامتعاضها من تصاعد ظاهرة النزوح الجماعي للشباب والأطفال الحالمين بالهجرة إلى الضفة الأخرى عبر معبر باب سبتة”، معتبرة أن “هؤلاء الشباب والمراهقين يفرون من واقع اقتصادي صعب ومعقد منذ إغلاق المعبر في أعقاب جائحة كورونا دون وجود بدائل اقتصادية حقيقية توفر لهم سبل العيش الكريم”.

وأوضحت في بلاغ لها، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أن مدينة الفنيدق “تعاني من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، حيث يعاني السكان من غياب فرص العمل وسط سياسات اقتصادية غير مجدية”، مضيفة أن السلطات المحلية تعاملت مع الوضع بمقاربة أمنية وصفتها بـ”الفاشلة”، معتبرة أن الإجراءات التي اتخذت في هذا الإطار لم تقدم حلاً فعليًا لمشكلة الهجرة السرية التي تضاعفت منذ إغلاق المعبر.

كما عبرت التنسيقية عن استنكارها لما وصفته بـ”الممارسات غير المهنية للقوات العمومية، التي تعاملت مع الأطفال والقاصرين بطرق تعسفية، ما أسهم في زيادة مشاعر الحقد والكراهية لدى هؤلاء الضحايا الذين تأثروا بسياسات عمومية لا تلبي احتياجاتهم” وفق تعبير البلاغ ذاته.

واعتبرت أن عودة السلطات إلى سياسة “تسييج” المدينة ومحاصرتها تعيد إلى الأذهان حقبة الاستعمار، وتخرق الدستور المغربي وقوانين الحريات العامة، دون تقديم حلول حقيقية للوضع المتأزم، بحسب البلاغ ذاته، موجهة انتقادات حادة لعامل عمالة المضيقالفنيدق، معتبرة أن قراراته بتسييج المدينة ومحاصرتها غير ملائمة للوضع الراهن.

ودعت إلى “التراجع عن هذه التدابير الأمنية التي تزيد من تعقيد الوضع الاجتماعي والاقتصادي”. كما دعت إلى إعادة فتح كورنيش المدينة، مع إعادة تثبيت الكراسي به، باعتباره المتنفس الوحيد للساكنة، وأكدت أن معالجة الوضع الاقتصادي لا يمكن أن تتم من خلال التدابير الأمنية فقط.

وفي ظل هذه الأوضاع، ناشد التنسيقية الملك محمد السادس من أجل إعطاء تعليماته بتنمية المنطقة من خلال إحداث منطقة صناعية وخدماتية لتشغيل الشباب وتحريك العجلة الاقتصادية. كما طالبت الحكومة ببرمجة مشاريع هيكلية للسنة المالية 2025، تهدف إلى تحسين الوضع الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة لأبناء المنطقة، خصوصاً لحاملي الشهادات العليا لإعالة أسرهم.

وفي الوقت الذي استنكرت فيه بشدة، “قرارات الترحيل غير القانونية والمتسمة بالشطط والتعسف في ترحيل شباب المدينة خارج تراب الجهة وتعريض حياتهم للخطر”، ثمنت بالمقابل “الجهود المبذولة من طرف كافة المتدخلين لإعادة الأمن والاستقرار للمدينة التي تلاحقها لعنة الفقر والتهميش، ولعنة الضباب” وفق تعبيرها.

وفي ختام بيانها، دعت التنسيقية إلى الحوار والتعاون مع السلطات لإيجاد حلول عملية تنقذ المدينة من أزمتها الحالية، وحثت جميع الفعاليات المجتمعية والسياسية على الوحدة والتحرك الجماعي للدفاع عن حقوق وكرامة السكان والعمل على تحقيق تنمية مستدامة وشاملة للمنطقة.

يأتي ذلك في وقت شددت فيه السلطات المغربية من إجراءاتها الأمنية في مواجهة الموجة الجديدة للهجرة السرية نحو مدينة سبتة عن طريق السباحة، وواصلت تحركاتها الأمنية لإحباط المحاولات الجماعية والفردية للتسلل إلى الثغر المحتل.

وكشف مصادر مطلعة لجريدة “العمق”، أن السلطات المغربية قامت بعملية أمنية واسعة، تمكنت خلالها من توقيف أزيد من 800 مرشح للهجرة السرية خلال ليلة واحدة (ليلة الخميس)، أغلبهم مغاربة وجزائريون، إلى جانب جنسيات عربية وآسيوية أخرى، وسط استنفار أمني كبير طيلة الليلة الماضية.

وأضافت المصادر أنه جرى تقديم الموقوفين المحرضين على الهجرة، وأصحاب حالة العود، أمام أنظار النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بتطوان، فيما تم نقل القاصرين إلى مركز الرعاية الاجتماعية بمرتيل قصد تسليمهم لأولياء أمورهم مع التزام خطي بتحمل التبعات القانونية في حالة عودة أبنائهم القُصَّر.

ووفق المصادر ذاتها، فقد شددت السلطات المغربية، ممثلة في القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والقوات المساعدة والأمن الوطني، بالإضافة إلى رجال السلطة المحلية، من إجراءاتها بشكل صارم للحد من هذه المحاولات المتكررة للهجرة.

ومن بين أبرز الإجراءات الجديدة التي أقدمت عليها السلطات، الإغلاق الكامل للرصيف المؤدي إلى الشاطئ على مستوى المقطع الرابط بين الفنيدق وسبتة، عبر سياجات حديدية، لمنع الجميع من الاقتراب من الشاطئ بهدف وضع حد لمحاولات القفز إلى البحر للسباحة نحو سبتة.

وأشارت المصادر إلى أن السلطات الأمنية توقف أي شخص يُشتبه في نيته القفز إلى البحر، بالموازاة مع حملة أمنية لتعقب وتوقيف المحرضين على الهجرة السرية وأصحاب السوابق الذين تورطوا في تنظيم هذه المحاولات، وإحالتهم إلى النيابة العامة المختصة لمتابعتهم قضائيًا.

وفي هذا الصدد، علمت “العمق” أن مصالح الأمن المغربية تقوم بعمليات متابعة عن كثب لعدد من الحسابات المعروفة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي يُشتبه في تحريضها على الهجرة السرية، إذ من المنتظر أن يتم إحالة أصحاب تلك الحسابات، بعد التعرف عليهم وتعقبهم، إلى النيابة العامة المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضدهم.

في نفس السياق، كشفت صحيفة “إل فارو دي سبتة” أن المغرب عزز من تواجده الأمني والعسكري على الحدود مع سبتة، ورفع من عدد القوارب البحرية التي تراقب عمليات الهجرة السرية بالفنيدق إلى ست قوارب، مع استقدام تعزيزات أمنية كبيرة على طول الرصيد البحري بين الفنيدق وسبتة.

وعلى الجانب الآخر، كشفت سلطات سبتة من إجراءاتها الأمنية بشكل ملحوظ، حيث قامت بتعزيز وحدات الحرس المدني بعناصر إضافية، إلى جانب وحدات من القوات البحرية الإسبانية، ووحدات متخصصة في الإنقاذ البحري، بهدف السيطرة على تدفق المهاجرين عبر البحر. وفق المصدر ذاته.

وتشهد السواحل الشمالية للمملكة، خلال الأيام الجارية، تصاعدًا لافتًا في محاولات الهجرة السرية عن طريق السباحة نحو مدينة سبتة المحتلة، مما يطرح تساؤلات عديدة حول الأسباب والدوافع الكامنة وراء هذه الظاهرة المتزايدة، والتحديات التي تواجهها السلطات المغربية في التعامل معها.

وطيلة الأيام القليلة الماضية، أوقفت السلطات المغربية المئات من المرشحين للهجرة السرية، أثناء محاولتهم التسلل إلى سبتة سباحةً، مستغلين الضباب الكثيف بالمنطقة، إذ تم اعتراض مجموعة منهم في البحر من طرف فرق البحرية الملكية والدرك البحري قرب سواحل الفنيدق، وآخرين وسط المدينة وضواحيها ضمن حملات تمشيطية ودوريات أمنية متحركة وثابتة.

وبالموازاة مع ذلك، تتواصل عمليات تنسيق بين السلطات المغربية والإسبانية لإعادة المهاجرين الذين يتمكنون من الوصول إلى سبتة، فيما يتم التحقيق في ملفات التحريض على الهجرة واستغلال القاصرين، بالإضافة إلى تعقب المتورطين في الاتجار بالبشر، وفق ما ذكرته مصادر مطلعة لجريدة “العمق”.

وشددت مصادر ، على أن جميع المتورطين في هذه الجرائم سيتم تقديمهم إلى القضاء، حيث تنتظرهم عقوبات رادعة بموجب القانون، في إطار الجهود الرامية لمكافحة ظاهرة الهجرة السرية وملاحقة الشبكات الإجرامية التي تستغل أوضاع المهاجرين لأغراض غير مشروعة.

ولقيت هذه الجهود والتحركات التي تقوم بها السلطات المغربية للتصدي لموجة الهجرة السرية سباحةً صوب سبتة، خلال الأيام الجارية، إشادة المسؤولين الإسبان بالمدينة المحتلة، معتبرين أنها جهود المغرب أنقذت المنطقة من أزمة إنسانية كبيرة.

وكان مرصد الشمال لحقوق الإنسان قد كشفت أن محاولات الهجرة غير النظامية بالسواحل الغربية للمغرب ارتفعت بنسبة 300% خلال شهري ماي ويونيو 2024، مشيراً إلى نجاح ما بين 1200 و1300 مهاجر غير نظامي، جلهم من الشباب في الفئة العمرية بين 15 و24 سنة، في الوصول إلى سبتة المحتلة، وأغلبهم مغاربة.

وأشار المرصد إلى أن 90% من هؤلاء عبروا الحدود البحرية مع الفنيدق، و5% منهم عبروا حدود المدينة البحرية مع بليونش، و5% عبروا السياج الحدودي، في حين تمكن حوالي 15 مهاجراً مغربياً من دخول مدينة مليلية المحتلة. كما سجل المرصد هجرة غير نظامية لمنتخبين تابعين لجماعات ترابية بإقليم الناظور.

وسجل المرصد في بلاغ له، استمرار تفضيل أغلب المهاجرين غير النظاميين، من بينهم قاصرون غير مصحوبين، الوصول إلى مدينة سبتة سباحةً. كما لاحظ تحولاً نوعياً في الهجرة سباحة من الشكل الفردي إلى الشكل الجماعي عبر استغلال نزول الضباب الذي يعوق المراقبة الأمنية عبر الحدود البحرية.

وأشار إلى ارتفاع محاولات هجرة القاصرين غير المصحوبين نحو شواطئ سبتة المحتلة انطلاقاً من شواطئ الفنيدق، بمسافة تصل إلى أكثر من 10 كيلومترات، تستغرق ما بين 10 إلى 15 ساعة في المقطع البحري بين الفنيدق وسبتة، أو بين بليونش وسبتة الذي يستغرق حوالي ساعتين في المتوسط ويعرف تيارات بحرية. وتزداد خطورة هذا المقطع بسبب الصخور الموجودة على شواطئه.

ولفت المرصد إلى أنه قام بتجميع البيانات والمعطيات بعد فحص وتدقيق، بناءً على شبكة علاقات وتواصل مباشر مع أطراف متعددة، ورصد ما يُنشر على شبكات التواصل الاجتماعي بعد التأكد من المعطيات الواردة فيها.

* الصورة من الأرشيف

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *