اخبار المغرب

هل ينهي التخلي عن مقالب الكاميرا الخفية “نقاش الحموضة” في رمضان بالمغرب؟

بعدما أعلن محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، “التخلي” عن إنتاج برامج “الكاميرا الخفية” بالقنوات التلفزيونية بالقطب العمومي، وجد مواطنون ونقاد ومتتبعون وهيئات حماية حقوق المشاهد أن “هذه الخطوة هي انتصار رسمي لمختلف أشكال الاستنكار التي كانت ترافق البرمجة التلفزيونية كل رمضان، خصوصا مقالب الكاميرا الخفية التي تُعرض في وقت الإفطار حين تجتمع لمة العائلة باختلاف الأذواق”.

ما قاله المسؤول الحكومي، أمس الأربعاء خلال تقديمه عرضا بلجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين حول مشروع الميزانية الفرعية للوزارة برسم السنة المالية 2024، اعتُبر في النقاشات المجتمعية المُصاحبة “استجابة لآراء اقتربت إلى “ما يشبه الإجماع” سنويا”؛ بما أن هذا النقاش كان دوما يتجدد في جبة أوصاف “قاسية” أحيانا من قبيل “الحموضة” و”الرداءة” و”الضحالة” التي “تُمول من المال العام”.

“قرار منتظر وبإلحاح”

عبد العالي تركيت، رئيس جمعية حقوق المشاهد، قال إن هذا القرار، الذي أعلنه الوزير محمد المهدي بنسعيد، كان منتظرا؛ لأن مقالب الكاميرا الخفية تحولت، طيلة السنوات الأخيرة الماضية، إلى سبب لتذمر واستياء المغاربة، وليس إسعادهم أو إضفاء لمسة خاصة على يومهم بعد أداء فريضة الصيام”، مبرزا أن “العديد من العناوين، من قبيل “الحموضة” وغيرها، كانت ملازمة لهذه البرامج التي تعرض في وقت الإفطار، أي زمن الذروة للأسف”.

وشدد تركيت، في تصريحه لجريدة هسبريس، على أن “المنع ليس فعلا ديمقراطيا؛ بل حبذا أن نتحدث عن تخلي الإعلام العمومي عن الاستثمار في هذه البرامج، لأن لا خيرا يُرجى من ورائها ولا تؤدي الأدوار التي يناط بالإعلام تأديتها”، مؤكدا أن “التخلي عن الكاميرا الخفية بهذا المعنى لا بد أن يكون فرصة لإعادة نظر شاملة في طريقة انبناء البرمجة التلفزيونية الخاصة بالقنوات العمومية، من خلال التركيز على تنمية الذوق العام”.

وأوضح المتحدث ذاته أن “هذه المقالب لا تشبه روح الكاميرا الخفية التي تعتمد في العديد من الدول الغربية. كما أن مصداقيتها مشكوك فيها، لأن هناك شهادات لمشاركين سابقين فيها تفيد بأنها مفبركة ومصطنعة؛ وبالتالي هي مجرد “ضحك على الذقون” وليست شيئا آخر بهذا المعنى”، مؤكدا أن “الحاجة إلى هذه البرامج ليست مطرُوحة؛ بل الحاجة اليوم تقعُ على البرامج السياسية والثقافية والدينية، التي تساهم في تنمية وعي المغاربة”.

وأكد رئيس جمعية حقوق المشاهد أن “القنوات الممولة من المال العام يجبُ أن تضمن برامج ومحتويات تشبه الشخصية المغربية، وتساهم في تنميتها على كافة الأصعدة؛ وهو ما لم تقُم به برامج المقالب في السنوات الأخيرة”، لافتا إلى أن “الإعلام العمومي يجب أن ينفتح على قيم الديمقراطية وحرية التعبير داخل المجتمع، وأن يسمح لكل الأصوات بالظهور، بعدما تبين مرارا أن الرأي الواحد لا يخدم الحقيقة ولا يخدم عملية البناء بالضرورة”.

“الحاجة إلى الضبط”

مبارك حسني، ناقد وكاتب مغربي، قال إن “هذا القرار يبدو إيجابيا؛ لأن النموذج الذي كان متداولا للكاميرا الخفية في قنواتنا سنويا كان يظهر أنه لم يستدمج جيدا “السخرية” بما هي شكل تعبيري. لذلك، كنا نعاين كيف تتجه هذه البرامج في المنحى السطحي أكثر من أي شيء آخر”، مبرزا أنها “كانت أيضا “تورط” الشخصية التي تكون محورا للحلقة، لأن العديد من الحلقات كانت تتخطى حدود الاحترام”.

وأضاف حسني، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن “العديد من الشخصيات تم المساس بكرامتهم وبشخصهم وبمكانتهم الاعتبارية في هذه البرامج خلال كل رمضان، بسبب المبالغة في تعابير التهكم”، معتبرا أن “هذه الممارسات التي لا ضوابط لها، سواء من الناحية الأخلاقية أو النقدية، في حاجة إلى الضبط وليس المنع؛ لأن الكاميرا الخفية تؤدي أدوارا معينة وممتعة يكون الكل فيها راضيا، صاحب الفكرة والضيف والمتلقي. وقد عاينا هذا في بعض التجارب، بكندا بالتحديد”.

ولفت المتحدث إلى أن “الاشتغال في مجال المقالب ليس عملا سهلا. لذلك، لا بد أن يخضع لمعايير معينة، ولا بد أن يتوفر الذين يشتغلون فيه أو عليه على حس نقدي مُؤسس على ثقافة معينة، وأساسا ثقافة الصورة والاحترام وعدم تجاوز مجموعة من الخطوط التي تمس الجسد وتمس الضيف وتضعه في موقف محرج أو تضع المتلقي أيضا في موقف يرفض تلك المشاهد أو ينفر منها”، مشددا على أن “الكاميرات الخفية السابقة كانت تعمل على “توريط” الجميع”.

وعاد الكاتب والناقد المغربي ليذكر أن “مجال الإبداع يستدعي قدرا عاليا من الحرية، ولا أحد مؤمن بهذا المبدأ سيقف في صف المنع؛ ولكن مع منح الفرصة لمن يملكون حسا نقديا عاليا لكي يقدموا لنا منتوجا تلفزيونيا في المستوى، يفهم القائمون عليه معنى المتعة والفرجة واحترام ذكاء المتلقي”، مضيفا أن “اللغة المُعتمدة بدورها مسألة حاسمة؛ فلا يتعين أن تتجاوز حدودها لتبلغ درجة “الزنقاوية”، التي كانت تمطرنا بها هذه البرامج في السابق”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *