هل يفاقم إرجاء افتتاح أزيد من ألف مؤسسة تعليمية الهدر المدرسي بمناطق الزلزال؟
أثار إعلان الحكومة، عقب الاجتماع الـ11 للجنة البين وزارية المكلفة ببرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الثامن من شتنبر من السنة الماضية، بأن 1.287 مدرسة يُنتظر أن تكون جاهزة بعد انتهاء أشغال التأهيل والبناء لاستقبال التلاميذ قبل بدء الموسم الدراسي 2025/2026 حفيظة فعاليات محليّة ووطنية اعتبرت أن “افتتاح 111 مدرسة هذه السنة لن يحلّ مشكل عشرات الآلاف من التلاميذ في المناطق المنكوبة الذين تأثر حقّهم في التعليم”.
وأفاد البلاغ الصادر عن رئاسة الحكومة، بإن “الكلفة التقديرية لإنجاز برنامج تأهيل وإعادة بناء مختلف المؤسسات التعليمية المتضررة تقدر بحوالي 3.5 مليارات درهم”؛ غير أن الفعاليات التي تحدثت لهسبريس حذرت من “كلفة خفيّة متأتية من بوار حقّ التعليم إذا لم يجد التلاميذ ظروفا ملائمة يمكن أن تفاقم حدّة الهدر المدرسي في المناطق الجبلية”. ولهذا، وصفت هذه الفعاليات مستجدات التعليم بمناطق الزلزال بـ”المقلقة”؛ فحسبها، افتتاح مدارس “مهم”، ولكنه “لا يكفي”.
سؤال المردودية
نجية آيت محند، فاعلة جمعوية بالمنطقة منسقة الائتلاف المدني لأجل الجبل بالمنطقة، قالت إن عدم قدرة السلطات العمومية على تأمين الانتهاء من إصلاح أغلب المؤسسات التعليمية المتضررة جراء الهزة الأرضية التي ضربت المنطقة السنة الفائتة تعدّ “مؤسفة ومقلقة”، بما أن “التمدرس في الخيام لديه تأثير واضح على مردودية التلاميذ بحكم الظروف المناخية التي لديها أثر كذلك على القدرة على التركيز؛ وهو ما يستدعي تصوراً واضحاً وشفافاً من الجهات المختصة يتم التواصل بشأنه مع السكان والرأي العام”.
وطالبت آيت محند السلطات العمومية بـ”مسارعة الزمن لتوفير المؤسسات التعليمية الكافية لكل منطقة منكوبة”، مشددة على أن “الحق في التعليم يجبُ ألا يتعرض لأيّ مساس، بما أن مقتضيات الوثيقة الدستورية واضحة في تأكيدها على أن هذا الحق أساسي ويتعيّن أن يتوفر لكل تلميذ وتلميذة من أبناء المغاربة”.
وزادت المتحدثة سالفة الذكر، في تصريحها لهسبريس، أن 1287 مؤسسة تعليمية تعني أن “مئات التلاميذ سيكونون أمام خيار النقل نحو المدن أو سيدرسون مرة أخرى في أوضاع مزرية وفي ظروف صعبة تجعل الرغبة في التعليم محنة”.
ونبهت الفاعلة الجمعوية إلى مشكلة الهدر المدرسي، مبرزة أنه في “البداية لم يكن ثمّة بديل عن ما كان متوفراً؛ ولكن كان هناك أمل بأن يجري تغيير هذا الواقع المزري ويكون هذا الدخول الدراسي الجديد فرصة لجميع التلاميذ للعودة إلى الأقسام”، مشيرة إلى أنه “حين نتحدث عن السكن، فنحن نعي وجود إكراهات مطروحة، ولكن المنطق نفسه لا يمكن أن ينسحب إلى غياب منشآت تعليمية تستطيع أن تعيد الشعور بأهمية التعليم بالنسبة لأطفال المناطق المتضررة”.
حق التعليم..
عبد الإله الخضري، رئيس المركز الوطني لحقوق الإنسان، قال: “إننا الآن بصدد أجواء الدخول المدرسي؛ ووزارة التربية الوطنية تخبر الرأي العام الوطني رسميا بأن 1287 مؤسسة تعليمية لن تكون جاهزة خلال الموسم الدراسي الحالي، أي أكثر من 500 ألف تلميذ وتلميذة قد يحرموا من الدخول المدرسي في بداية هذا الموسم، وقد يضطر المحظوظون منهم إلى الانتقال إلى مدن أخرى لمتابعة دراستهم، بعدما عانوا ما عانوه في السنة الماضية من انقطاع عن الدراسة وسوء تدبير الحلول المؤقتة التي اعتمدتها الوزارة”.
وأضاف الفاعل الحقوقي: “الوزارة التربية الوطنية تكشف أنها تعاني جديا من ضعف الأداء المؤسساتي وضعف الكفاءة في مواجهة الحالات الطارئة وغياب التقدير الصحيح لمخاطر الهدر المدرسي الذي قد تتسبب فيه مثل هذه الانقطاعات عن الدراسة، بسبب عدم تهيئة المدارس لاستقبال الأطفال المتمدرسين”، متسائلاً: “هل دور الوزير إبلاغ الرأي العام بعدم قيام وزارته بواجبها في إيجاد الحلول، مع أنه كان لديها حوالي سنة من الوقت للقيام بما يلزم لترميم وتهيئة معظم المؤسسات التعليمية”.
وفي هذا الصدد، تابع رئيس المركز الوطني لحقوق الإنسان متسائلا: “لماذا هذا التأخر؟ هل الأمر يتعلق باتباع الوزارة للمساطر التقليدية البطيئة في تمرير صفقات التهيئة للمتعهدين، في الوقت الذي كان من المفروض السرعة في تنفيذ الأشغال وتجاوز المساطر المعرقلة، لأن حق الأطفال في التعليم والتمدرس لا يمكن أن يهدر بمبرر ضرورة اتباع مساطر وإجراءات بطيئة”.
وبعد أن شدد على الحق في التعليم، أبرز المتحدث لهسبريس أن “الأمر في الواقع يستلزم اعتراف الوزير بفشله في تدبير هذا الملف، ضمن جملة ملفات أخرى لم تكن أفضل حال منها، وتقديم استقالته؛ لأننا للأسف سئمنا من واقع مرير، حيث يظهر جليا فشل بعض الوزراء في تدبير القطاعات التي يتولونها، وبدل إقالتهم أو تقديم استقالتهم تتم ترقيتهم أو تنقيلهم إلى قطاعات أخرى، حتى ينقلوا الفشل والعبث بحقوق المواطنين بلا حسيب ولا رقيب”، بتعبيره.
هسبريس ربطت الاتصال مع مصادر مسؤولة بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة قصد التوصل إلى خريطة المناطق المعنية التي لن تفتح فيها هذه المؤسسات التعليمية خلال هذا الموسم، فضلاً عن ردود الوزارة الوصية على ما دفعت به الفعاليات الحقوقية على المستويين المحلي والوطني بشأن مخاوف على الحق في التعليم وكذلك إمكانية انتشار الهدر المدرسي؛ لكن التفاعل المستفيض تعذر بحكم زيارة ميدانية للوزير شكيب بنموسى إلى تارودانت، مع تعهد هذه المصادر الرسمية بإصدار بلاغ في الموضوع للرأي العام.
المصدر: هسبريس