هل يحاول مجلس جهة سوس “تمويه” الرأي العام بشأن امتناع أشنكلي عن توقيع اتفاقية تأهيل أورير؟
حاول أحد نواب رئيس مجلس جهة سوس ماسة تمويه الرأي العام الجهوي والوطني بشأن امتناع رئيس المجلس كريم أشنكلي عن توقيع النسخة النهائية لاتفاقية تمويل وإنجاز برنامج التأهيل الحضري لمركز جماعة أورير شمال مدينة أكادير، عبر الترويج لمعطيات ووثائق “غير دقيقة” حول الملف، مستهدفا بذلك عددا من الصحافيين والمهتمين بالشأن المحلي لإقليم أكادير إداوتنان وسوس ماسة عموما.
وروج النائب المعني، نسخة قديمة من الاتفاقية تم توقيعها في يوليوز 2024 من طرف الرئيس السابق لجماعة أورير، لحسن المراش، ورئيس مجلس جهة سوس ماسة كريم أشنكلي، وولاية جهة سوس ماسة، وشركة العمران سوس ماسة، ووزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، وورقة تم إرسالها إلى المديرة الجهوية للإسكان وسياسة المدينة.
وأظهرت تحريات جريدة “”، أن النسخة المعدلة التي أعدت لاحقا لتتناسب مع تغييرات المرحلة وتحمل توقيع الرئيس الحالي لمجلس جماعة أورير سعيد بوزي، لا تزال عالقة بسبب رفض رئيس الجهة توقيعها لدوافع سياسية وفق ما أفادت به مصادر مطلعة.
وقد “فضحت” مراسلة صادرة عن وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة بتاريخ 13 غشت 2024 ادعاءات نائب أشنكلي، حيث طالبت المراسلة، التي حصلت “” على نسخة منها، كل من جماعة أورير وجهة سوس ماسة بمد الوزارة بمجموعة من الوثائق بما في ذلك النسخة النهائية الموقعة للاتفاقية، وهذا ما يبرز أن النسخة التي يروج لها النائب ليست النسخة المعدلة والمعتمدة، مما يثير الشكوك حول محاولات الالتفاف على حقيقة التأخير الذي يعيق تنفيذ هذا المشروع التنموي الهام.
وفي بيان اعتبره متتبعون لهذا الملف غامضا، كذب مجلس جهة سوس ماسة بشكل غير مباشر ما روج له نائب رئيسه، حيث اكتفى بإلقاء المسؤولية على عاتق جماعة أورير، مشيرا إلى أن الاتفاقية التي تمت المصادقة عليها في دورة مارس 2024 بتكلفة إجمالية بلغت 73 مليون درهم، ساهمت فيها الجهة بمبلغ 32 مليون درهم، تم إحالتها بتاريخ 31 يوليوز 2024 إلى مصالح الإسكان وسياسة المدينة لاستكمال إجراءات التوقيع.
وأضاف المجلس أن تنفيذ المشاريع يتطلب إجراءات دقيقة يجب أن تتابعها الجماعة باعتبارها صاحبة المشروع، مؤكدا على أهمية التنسيق مع كافة الأطراف المعنية لضمان التنفيذ السليم، ولم يتضمن البيان أي نفي لامتناع رئيس الجهة كريم أشنكلي عن التوقيع على الاتفاقية، مما أثار تساؤلات حول دور الجهة في تسريع الإجراءات.
وفي تطور جديد، أفادت مصادر جريدة “العمق” أن رئيس مجلس جهة سوس ماسة كريم أشنكلي استنفر مصالحه المعنية للترتيب لتوقيع الاتفاقية في محاولة لتدارك الموقف وحلحلة الأزمة.
وسبق لجريدة “” أن كشفت عن البلوكاج الذي واجهه مشروع اتفاقية شراكة لتمويل وإنجاز برنامج التأهيل الحضري لمركز جماعة أورير شمال مدينة أكادير.
الاتفاقية التي حازت على موافقة مجلسي جهة سوس ماسة وجماعة أورير، تواجه اليوم مصيرا مجهولا بعدما قرر رئيس الجهة كريم أشنكلي تجميد توقيعها، مما أثار تساؤلات واسعة حول دوافع هذا القرار الذي جاء في وقت أصبح فيه المغرب قبلة لاحتضان تظاهرات رياضية كبرى قاريا وعالميا.
وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز البنية التحتية في أورير، بما يشمل تقوية وتهيئة الشبكة الطرقية وتأهيل الأحياء ناقصة التجهيز، إلى جانب إنشاء ساحات عمومية ومساحات خضراء وتقوية الإنارة العمومية، بغلاف مالي يقدر بـ 73 مليون درهم موزع بين وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة (22 مليون درهم)، ومجلس جهة سوس ماسة (32 مليون درهم)، وجماعة أورير (19 مليون درهم)، وكان من المفترض أن ينجز المشروع في غضون سنتين، لكن تطورات سياسية عطلت انطلاقته.
وبحسب الوثائق التي اطلعت عليها ، فإن مشروع الاتفاقية كان قد صادق عليه مجلس جماعة أورير في فبراير الماضي، ثم صادق عليه مجلس جهة سوس ماسة في مارس الماضي، كما أن شركة العمران بصفتها حاملة للمشروع والمسؤولة عن تنزيله أطلقت طلب عروض من أجل إعداد الدراسات التقنية والهندسية والتنفيذية للمشروع، كما نشرت طلب عروض آخر يتعلق بمتابعة الأشغال الخاصة بالاتفاقية.
إلا أن الأمور تغيرت جذريا بعد قرار المحكمة الإدارية عزل رئيس جماعة أورير السابق لحسن المراش المنتمي إلى حزب التجمع الوطني للأحرار بعد شهرين فقط من المصادقة على الاتفاقية، ما فتح الباب أمام قيادة جديدة للجماعة تنتمي لحزب الاتحاد الاشتراكي.
ومع تولي الاتحادي سعيد بوزري رئاسة جماعة أورير خلفا للمراش، قرر رئيس جهة سوس ماسة والمنسق الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار كريم أشنكلي تجميد توقيعه على الاتفاقية، ما يوضح وفق متابعين أن القرار جاء في سياق حسابات سياسية تهدف إلى عدم تحقيق إنجازات قد تحسب لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي يقود الجماعة حاليا.
ويعد مشروع تهيئة مركز جماعة أورير ذا أهمية استراتيجية للمنطقة، خاصة وأنه يهدف أساسا إلى تهيئة شبكة طرقية حديثة وتأهيل الأحياء التي تعاني نقصا حادا في التجهيزات الأساسية، كما يتضمن إنشاء مساحات خضراء وساحات عمومية، مما يساهم في تحسين جودة الحياة لسكان المنطقة.
علاوة على ذلك، تكتسي هذه الخطوات أهمية مضاعفة في ظل استعداد الفنادق الواقعة على مستوى النفوذ الترابي للجماعة لاحتضان بعض المنتخبات التي ستشارك في بطولتي كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030.
وأكد عدد من المهتمين بالشأن المحلي لإقليم أكادير إداوتنان أن قرار تعطيل التوقيع على الاتفاقية المذكورة من طرف رئيس مجلس جهة سوس ماسة كريم أشنكلي أثار استياء واسعا بين سكان أورير الذين كانوا يأملون في أن تسهم هذه التحسينات المنصوص عليها في الاتفاقية المبرمة بين جميع الأطراف في تعزيز جاذبية المنطقة سياحيا واقتصاديا، مشددين على أن تأخر تنفيذ هذه الأشغال بفعل الحسابات السياسية قد يفقد المنطقة فرصا استثمارية وسياحية مهمة، خاصة مع تزايد التحديات التنموية التي تعاني منها.
وتعالت الأصوات الداعية إلى تدخل السلطات الوصية من أجل وضع حد لهذه الحسابات السياسية التي تعطل مصالح المواطنين، كما يطالب نشطاء المجتمع المدني بتفعيل آليات مراقبة صارمة لضمان تنفيذ المشاريع التنموية بعيدا عن التجاذبات السياسية.
وأثيرت تساؤلات حول مدى التزام المسؤولين بالمصلحة العامة، خاصة أن المشروع كان قد مر بجميع مراحل المصادقة، ولم يتبق سوى جرة قلم من رئيس مجلس جهة سوس ماسة.
المصدر: العمق المغربي