اخبار المغرب

هل سحب المغاربة أموالهم من البنوك بعد “التسوية الضريبة”؟ أرقام بنك المغرب تجيب

كشفت الإحصاءات النقدية الصادرة عن بنك المغرب خلال شهر يناير الماضي، استمرار استخدام النقد “الكاش” في الاقتصاد الوطني رغم التحولات الاقتصادية المتعددة، حيث بلغت قيمة العملات المتداولة “الكاش”، بالإضافة إلى الودائع تحت الطلب، حوالي 1,385 مليار درهم.

ورغم أن الرقم يعكس انخفاضا طفيفا بمقدار 15,028 مليون درهم مقارنة بشهر ديسمبر 2024، إلا أن التقرير يظهر زيادة ملحوظة بنسبة 8.7% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، ما يعكس استمرار الإقبال الكبير على النقد في المعاملات الاقتصادية.

وتشير هذه الأرقام إلى أن ظاهرة استخدام الكاش لا تزال تهيمن بقوة في المغرب، مما يعكس التحديات المستمرة في تعزيز استخدام الوسائل الإلكترونية والرقمية في النظام المالي، ما يثير العديد من التساؤلات حول الأسباب التي تقف وراء استمرار الاعتماد على “الكاش”، خاصة في أعقاب المصالحة الضريبية التي تمت في نهاية العام الماضي، حيث سارع العديد من المواطنين إلى التصريح بممتلكاتهم وأموالهم مقابل دفع ضريبة بنسبة 5% فقط. وهو ما يفتح الباب للتفكير في مدى تأثير هذه المصالحة على السلوك المالي للمواطنين واستخدامهم للكاش.

في هذا السياق، أوضح الخبير الاقتصادي ياسين أعليا أن استمرار تداول “الكاش” يعكس الثقافة السائدة لدى شريحة واسعة من المواطنين الذين لا يثقون إلا فيما هو مادي وملموس، معتبرا أنه وبالرغم من الجهود المبذولة لتعزيز الشمول المالي، إلا أن حوالي 30 في المئة، لا يمتلكون حسابات بنكية، ما يطرح إشكالات مرتبطة بالثقة في النظام المالي بشكل عام.

ويؤكد المحلل الاقتصادي أن الحد من تداول الكاش يستدعي تقليص حجم القطاع غير المهيكل، الذي يشكل جزءًا كبيرًا من النشاط الاقتصادي في البلاد، خاصة وأن هذا القطاع، بحكم طبيعته غير المصرح بها، يساهم بشكل كبير في تعزيز المعاملات النقدية، في ظل غياب وسائل الأداء الإلكترونية واعتماد محدود على الشيكات ووسائل الدفع غير النقدي.

وأشار المتحدث في تصريح لـ “العمق” إلى أن معالجة هذه الإشكالية لا يمكن أن تقتصر على الحملات التي تقوم بها الأبناك، بل تتطلب إصلاحات هيكلية أعمق تشمل إعادة تنظيم القطاعات الاقتصادية وتحويل القطاع غير المهيكل إلى قطاع مهيكل، مما سيجعله خاضعًا للقوانين الضريبية والمحاسبية. وكنتيجة لذلك، سيتراجع الاعتماد على النقد، ما سيساهم في تحسين السيولة المالية لدى الأبناك.

ومن بين العوامل التي تفاقم المشكلة، يلفت أعليا إلى الأعطاب التقنية التي تصيب الصرافات الآلية، والتي تؤثر على سلاسة عمليات السحب. لكنه يؤكد أن الإشكالية الحقيقية لا تكمن في سحب النقود بحد ذاته، وإنما في استمرار الاعتماد على النقد في ظل غياب ثقافة مالية تعزز استخدام الوسائل الإلكترونية في الدفع والمعاملات اليومية.

ورغم المجهودات الحكومية، مثل التصالح الضريبي الأخير الذي مكن من تحصيل 172 مليار درهم، إلا أن هذه العملية لم تنعكس بشكل واضح على تعزيز السيولة لدى الأبناك، حيث لا تزال الحاجة إلى تدخل بنك المغرب قائمة، ويرجع ذلك، وفق أعليا، إلى التدفقات المالية الخارجة التي تؤثر بشكل مباشر على السيولة النقدية المتوفرة لدى المؤسسات البنكية.

في ظل هذه التحديات، يرى أعليا أن أي استراتيجية لتقليل الاعتماد على الكاش يجب أن تكون شاملة، تتضمن تعزيز الشمول المالي، مع اتخاذ تدابير أكثر صرامة لدمج القطاع غير المهيكل في الاقتصاد الرسمي، مما سيسهم في تقليص حجم المعاملات النقدية وتعزيز الاستقرار المالي في البلاد.

يُذكر أن الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، كشف في وقت سابق أن التسوية الضريبية الطوعية نتجت عن التصريح بأزيد من 127 مليار درهم، فيما استفادت خزينة المملكة من 6 مليارات درهم، مما يشكل دفعة تمويلية قوية لدعم الاقتصاد.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *