هل ساهمت الاختلالات البيئية البشرية في زيادة الكوارث الطبيعية بالعالم؟
تعرضت العديد من المناطق عبر العالم لكوارث طبيعية مختلفة، سواء فيضانات وسيول أودت بحياة آلاف الضحايا أو زلازل خلفت قتلى وجرحى.
النشاط الإنساني عرف، منذ أزيد من قرن من الزمن، توجها نحو الصناعة والاعتماد على الوقود الأحفوري؛ وهو ما أدى إلى اختلالات بيئية يفسر علماء وخبراء علاقتها بما يحدث من كوارث، منبهين في الآن ذاته إلى ضرورة وضع حد لعدد من السلوكات البشرية بشكل عاجل قبل أن تتحول الأرض إلى مقابر جماعية سببها وضحيتها الإنسان.
محمد بنعبو، خبير مناخي، أكد أن كل ما يتعلق بالكوارث الطبيعية يعود أساسا إلى الأنشطة البشرية والأنشطة الصناعية وما يرافقها من انبعاث كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون والغازات الدافئة التي تصعد إلى الغلاف الجوي وأدت إلى ظاهرة الاحتباس الحراري.
وقال الخبير المناخي، في تصريح لهسبريس: “نتحدث عن تغير مناخي تعدى كل الحدود، كما وصفه الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة، حيث تجاوزنا مرحلة الغليان المناخي ونعيش على إيقاع انهيار مناخي، يخلف آلاف القتلى والمفقودين”.
وأشار بنعبو أن العامل البشري كان حاضرا كذلك فيما حدث في ليبيا، مبرزا أن السدود كانت منهارة بكاملها ولم يتم القيام بتهيئتها أو إعادة صيانتها.
كما أشار المتحدث ذاته إلى ما يتسبب فيه الإنسان من تلوث للمياه الصالحة للشرب، بالإضافة إلى ما يحدث في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط؛ آخرها الحرائق التي اندلعت بالجزائر.
أما فيما يتعلق بالزلازل، أوضح الخبير أنها ظاهرة طبيعية لا دخل للإنسان فيها وشأنها شأن البراكين، من الصعب القول إن الإنسان يساهم في خلقها، مبرزا أن الامر يتعلق بتكوين الأرض ونشأتها، مستبعدا قدرة الدول مهما بلغت قوتها على التسبب في زلازل اصطناعية، كما جرى الحديث مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال محمد بنعبو إن الأضواء التي شاهدها الناس تزامنا مع الزلزال الذي وقع مثلا بالمغرب ناتجة عن احتكاك طبقات معينة من الصخر مثل الجرانيت والبازلت، موضحا أن زلزال الحوز حدث على مستوى ما يفوق 18 كيلومترا تحت سطح الكرة الأرضية وهناك زلازل تقع على ما يفوق 60 كيلومترا تحت سطح البحر ولا قدرة للإنسان على افتعاله.
وتابع المتحدث: “يمكن أن تحدث الأنشطة الصناعية والنووية نوعا من الانفجارات والخلخلة على سطح الكرة؛ لكن لا تصل القدرة الإنسانية والتقدم التقني الحالي إلى أبعد من ذلك”.
من جهته، قال محمد بناطا، باحث في المناخ، إن الزلازل ظاهرة طبيعية؛ إلا أن نقاشا طفا، مؤخرا، حول وجود آلة حربية تتوفر عليها البحرية الأمريكية تستعمل طاقة تؤثر على تحركات الصفائح التي تخلق الزلازل.
وأشار الباحث في المناخ إلى “عدم وجود حجج ثابتة تؤكد ضلوع الإنسان في هذا النوع من الكوارث؛ لكن في حال كان الأمر صحيحا، فإن أثره يفوق آثار الدمار الشامل بسبب ما يسفر عنه من ضحايا”.
أما بالنسبة للفيضانات والجفاف، أوضح بناطا، فقد تصاعدت وتيرتها بفعل التغيرات المناخية، حيث إن التساقطات المطرية أضحت تتسبب في فيضانات نتيجة تصرف الإنسان واستعمال الطاقة الأحفورية، في ظل عدم إلزامية التراجع على استعمالها، بالرغم مما تسببه من تصاعد غازات سامة ترفع درجة حرارة الجو.
وشدد الباحث ذاته على ضرورة تفعيل قرارات ملزمة للدول من أجل التخلي عن بعض الأنشطة المخربة للبيئة، بدلا عن التوصيات وترك حرية الاستجابة من عدمها من قبل الدول. كما أكد المتحدث عينه، في تصريح لجريدة هسبريس، على استعجالية التوجه إلى الطاقات البديلة؛ “لأنه إذا استمر الإنسان بهذه الوتيرة لسنوات أخرى لن نستطيع العودة إلى الوراء لتدارك الأمر، حتى وإن أردنا”.
المصدر: هسبريس