اخبار المغرب

هل تطيح عاصمة المملكة بالدار البيضاء من عرش المدينة الأكثر جاذبية بالمغرب؟

تساءلت المجلة الفرنسية حول ما إذا كان بإمكان العاصمة الإدارية للمغرب الإطاحة بالدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمملكة، من عرش المدينة الأكثر جاذبية، مشيرة في بداية تقريرها إلى ساحة الأمم المتحدة بالدار البيضاء التي كتب عنها سنة 1955 المهندس المعماري الفرنسي ميشيل إيكوشار، في كتابه” الدار البيضاء، قصة مدينة”، حيث قال إنها المكان الذي يمكن أن تصل إليه ” عبر البر والبحر والجو وحتى القطار”، والتي كانت تعج بالمقاهي الكبرى، والفنادق، والبنوك، ومراكز الأعمال، ومكاتب الاستيراد والتصدير، وأسعار الأسهم، والمحلات الفاخرة.

ووفقا لتصنيف حديث أصدرته مجلة “تايم أوت” البريطانية، يقع في الجوار القريب من هذه الساحة ثاني أروع حي في العالم وهو مرس السلطان، المعروف بمعماره الفني والديكوري القديم والمقاهي التقليدية، حيث “يتقاطع سكان الحي الأكبر سنا مع شباب السينمائيين الموهوبين، والرسامين الجرافيتي، وفناني الموسيقى الإلكترونية الراقصة الذين يتحدثون مزيجا سحريا من العربية المغربية والفرنسية والإنجليزية”.

وقالت المجلة الفرنسية “جون أفريك” إن هذه الحيوية، وهذا السحر الخفي للأحياء النابضة بالحياة، هي ما يقدمه سكان “كازابلانكا” غالبا كحجة ضد منافسيهم الأبديين، سكان الرباط، الذين يحملون صورة العاصمة البطيئة وغير الديناميكية، بل المملة في بعض الأحيان. ومع ذلك، لا يصمد هذا التصور أمام تحليل تطور هذه المدينة المُدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، والتي تضم عشرات المعاهد الثقافية الدولية، وتنظم مهرجانات مشهورة مثل “موازين” و”الجاز في شالة”.

وقد استعملت الرباط كواجهة للمملكة أثناء استقبال الفريق الوطني لكرة القدم بعد كأس العالم 2022، وكذلك في زيارة الدولة التي قام بها إيمانويل ماكرون إلى المغرب في أكتوبر الماضي، ولا تملك شيئا لتخشاه من منافستها في ما يتعلق بالبنية التحتية. فبفضل شبكة الترامواي الخاصة بها و5,725 كيلومترًا من الطرق في منطقتها، يمكن للعاصمة أن تتفاخر بتفوق بسيط على كازابلانكا، التي لا تزال تعتبر مشروعا مفتوحا على مصراعيه.

فيما يتعلق بجودة الحياة تتفوق الرباط أيضًا على كازابلانكا. ففي تصنيف حديث للمختص الأمريكي في الموارد البشرية ميرسر، تحتل الرباط المرتبة السادسة في أفضل المدن الإفريقية، متفوقة على كازابلانكا التي تحتل المرتبة الثامنة.

وأضافت المجلة أنه لا غرابة في أن تتفوق مدينة الدار البيضاء على منافستها الرباط في مجال الأعمال. فهي الرئة الاقتصادية للمملكة، حيث تساهم بنحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي الوطني (32.2%)، بينما تكتفي العاصمة بالمساهمة بنحو 16% من ثروة البلاد. وتعد الدار البيضاء أول مركز للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وأكبر محرك للاستثمارات العامة الوطنية، وأكبر منطقة من حيث إنشاء الشركات في المغرب. كما تشهد جهة الدار البيضاءسطات ازدهارا ماليا كبيرا، إذ تضم “مدينة الدار البيضاء المالية”، التي تصدرت تصنيف المركز المالي الأول في إفريقيا. كما تستحوذ على الغالبية العظمى من نشاطات البنوك وشركات التأمين في المملكة.

وفي أحدث تصنيف لمجلة “جون أفريك”، برزت مدينتا الدار البيضاء والرباط المغربيتين ضمن أفضل 5 مدن أكثر جاذبية في القارة الإفريقية، حيث احتلتا مراكز متقدمة بفضل ما اعتبر “مزيجا متوازنا من الديناميكية الاقتصادية والجودة العالية للحياة”. ويأتي هذا التصنيف ضمن تقرير حصري تناول 30 مدينة إفريقية، كشف عن أبرز مكامن القوة والتحديات التي تواجه المدن الكبرى في القارة.

واعتمد التصنيف على أربعة معايير رئيسية، وهي جودة الحياة، فرص العمل والتنمية الاقتصادية، توفر الخدمات الأساسية، ومستوى البنية التحتية والنقل. بالإضافة إلى ذلك، تم الأخذ بعين الاعتبار الاستثمارات الأجنبية المباشرة بين 2019 و2023 كعنصر إضافي يعكس جاذبية المدن للمستثمرين.

واحتلت كيب تاون المرتبة الأولى في التصنيف بإجمالي نقاط 7.7، تلتها كيغالي في المركز الثاني بنفس الدرجة تقريبًا 7.6. ثم جاءت جوهانسبرغ في المركز الثالث بنفس النقاط 7.6. وفي المركزين الرابع والخامس نجد الدار البيضاء 7.5 والرباط 7.5. أما نيروبي والإسكندرية فقد احتلتا المركزين السادس والسابع بنقاط 7.3 لكل منهما، تليهما القاهرة في المركز الثامن 7.2. جاءت أبيدجان في المركز التاسع بـ 7.1، بينما أكملت أكرا قائمة العشرة الأوائل بـ 6.9.

واحتلت الدار البيضاء مكانة متقدمة بفضل أدائها الاقتصادي اللافت، حيث نجحت في جذب أكثر من 113 مشروع استثماري خلال السنوات الأخيرة، بقيمة إجمالية تجاوزت 2 مليار دولار. وتعد المدينة اليوم مركزاً رئيسياً للتكنولوجيا والخدمات المالية، حيث تحتضن مؤسسات رائدة مثل اتحاد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بالإضافة إلى المكاتب التجارية الأمريكية.

أما الرباط، فقد تفوقت في مجالات جودة الحياة والأمان. صنفها التقرير كأفضل مدينة من حيث الأمن والمساحات الخضراء، وهو ما يعزز مكانتها كعاصمة تجمع بين التاريخ العريق والبنية الحديثة.

لم يقتصر الأداء المتميز على المدن المغربية فقط؛ إذ شمل التصنيف أيضاً مدناً جنوب إفريقية مثل كيب تاون وجوهانسبرغ، التي تفوقت في مجالات السياحة والاستثمار العالمي. لكن التميز المغربي جاء ليؤكد تزايد قوة المملكة كمحرك اقتصادي واجتماعي في القارة.

وخلص التقرير إلى أن المدن المغربية، وبالأخص الدار البيضاء والرباط، تمتلك مقومات قوية لمواصلة تحقيق النمو، مما يجعلها نموذجاً يحتذى به في مجال الإدارة الحضرية في إفريقيا.

 

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *