قال محللون سياسيون إن “الجزائر لا تزال تتمسك بتقديم نفسها كبلدٍ مؤثر في المنطقتين المغاربية والقارية، لا سيما بعد العُزلة التي أحاطت بها، نتيجة لتمكن المغرب من كسب أصوات مؤيدة له، خصوصا بالداخل الإفريقي، وتأسيسه لمشاريع اقتصادية داعمة للتنمية الشاملة، بما فيها أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي”.
جاء ذلك بعد اللقاء الذي جمع أحمد عطاف، وزير الشؤون الجزائرية، بمايتاما تونغارا، وزير الشؤون الخارجية لجمهورية نيجيريا، والذي قيل إنه خُصص “لتبادل الرؤى والتحاليل حول جملة من القضايا الدولية والإقليمية الراهنة؛ وفي مقدمتها المسائل المرتبطة بالعمل الإفريقي”.
وتشير قراءاتٌ مركبة إلى “عدم وجود مجالٍ لأية مناورات من جانب الدبلوماسية الجزائرية لخلط الروابط المشتركة التي تجمع الرباط بأبوجا، لاسيما وأنهما منكبتان حاليا على إنهاء الدراسات الأولية الخاصة بأنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي؛ ما يعني أن هذا المشروع دخل منذ زمنٍ مرحلة الحسم”.
محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، قال إن “هذه الزيارة لا تعدو أن تكون روتينية في إطار الحفاظ على التوازنات بين البلدين؛ غير أن الجزائر ستعمد مجددا إلى إعطائها أكثر من قيمتها، لا سيما من خلال إقحام النقاش بشأن أمور المنطقة عموما”.
واعتبر الغالي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية لا تزال مصرة على جعل البلد قطبا قاريا ودوليا مهما، بالموازاة مع التحركات الوازنة التي تُقدم عليها الديبلوماسية المغربية والتي أعطت أكلها، لا سيما فيما يخص ملف الصحراء”.
وأوضح الأستاذ الجامعي المتخصص في العلوم السياسية أن “الجزائر ترغب في خلق وضع مريح لها داخل القارة الإفريقية، لاسيما بعد النكبات التي عرفتها دبلوماسيتها في مجموعة من المواقع والعزلة التي أحاطت بها بعد تمكن المغرب من تحقيق الريادة بعدد من المجالات”.
وأبرز المتحدث عينه في المقابل أن “أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا يبقى أكثر واقعية من نظيره الخاص بالجزائر؛ وبالتالي فإن أمر هذا الملف بات محسوما”.
من جهته، قرأ عباس الوردي، أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط، في هذا المستجد “محاولة من الجزائر للَعب الورقة نفسها التي لعبتها في وقت سابق؛ أي محاولة استمالة بعض الأطراف لفرملة أو مواكبة السرعة التي يتقدم بها المغرب في عدد من المجالات والقضايا”.
وأكد الوردي، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن “الإشكالية المطروحة في الجانب هي أن الثقة باتت مفقودة في الجزائر ودبلوماسيتها، باعتبارها دولة تتصالح اليوم وتتخاصم غدا. ولذلك، فإن وقوع الجمهورية النيجيرية في شراك ومطامع الجزائر أمرٌ مستبعد وغير وارد”.
ورصد الأستاذ الجامعي المتخصص في القانون الدولي ما بدا له “سعيا جزائريا حثيثا من أجل معاكسة المصالح المغربية والدخول في تنافس ثنائي محموم فيما بينهما، ورغبة في استمالة آراء الدول التي لها شراكات ثابتة ومستمرة مع الرباط”.
المصدر: هسبريس