هل تستغل أحزاب الأغلبية برامج الدعم الاجتماعي لأغراض انتخابية؟

في دجنبر من 2023، أُطلق رسميا برنامج الدعم الاجتماعي المباشر في المغرب كمبادرة وطنية تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية للأسر ذات الدخل المحدود، خاصة تلك التي لديها أطفال في سن التمدرس أو تعاني من أوضاع هشة، ويقدم البرنامج دعماً مالياً شهرياً يتفاوت حسب تركيبة الأسرة وعدد أفرادها، مع حد أدنى قدره 500 درهم شهرياً لكل أسرة مستحقة.
ويهدف البرنامج، الذي جاء بناء على توجيهات الملك محمد السادس، إلى تعزيز ركائز الدولة الاجتماعية، من خلال دعم القدرة الشرائية للأسر المستهدفة، ومحاولة الحد من الفقر والهشاشة الاجتماعية، وتعزيز العدالة الاجتماعية والمساواة، وذلك وفقاً لنصوص تشريعية وتنظيمية.
غير أن هذه المبادرة الاجتماعية لم تخلُ من انتقادات وتخوفات، خاصة من قبل أحزاب، عبرت عن قلقها من إمكانية استغلال أحزاب الأغلبية، وعلى رأسها حزب التجمع الوطني للأحرار، لبرامج الدعم الاجتماعي في الاستقطاب السياسي.
في هذا السياق، رجح الباحث في العلوم السياسية، محمد شقير، أن ترؤس شخصيات مقربة من رئيس الحكومة لبعض المؤسسات التي تشرف على برامج الدعم، كالمديرة العامة لوكالة دعم السكن أو رئيس وكالة الأطلس، وهو ما حرك هذه المخاوف خاصة لدى أحزاب المعارضة.
وأضاف شقير “لقد عبر أحد أحزاب المعارضة، عن تخوفاته من إمكانية استغلال أحزاب الأغلبية، خاصة حزب التجمع الوطني للأحرار المتصدر للحكومة، لبرامج الدعم الاجتماعي في الاستقطاب والمواجهة في أفق الانتخابات القادمة، حيث يرى الحزب بأنه يمكن أن تُستغل المعطيات الخاصة بالمستفيدين من هذه البرامج في برامج انتخابية لأحزاب الأغلبية”.
وأشار المتحدث، في تصريح لجريدة “”، إلى أن هذه التطورات والانتقادات تحتاج إلى أدلة، خاصة وأن هناك هيئات عمومية مكلفة بحماية المعطيات الشخصية”.، مضيفا، ليس من المؤكد “استغلال المعطيات في الانتخابات القادمة، خاصة بعد أن قنّنت الحكومة مجال الإحسان الاجتماعي وأصبحت وزارة الداخلية تشرف على كل مبادرة من هذا النوع”.
ويرى مراقبون أن الواقع الانتخابي القادم سيُحسم بشكل كبير قبل الاقتراع نفسه، عبر حسابات سياسية واجتماعية لا تعتمد على التعبئة التقليدية أو الشعارات التي تدفع الناخبين للانخراط في معارك مبدئية. ووفقاً لتحليلاتهم، إذا ما تم استغلال معطيات برامج الدعم الاجتماعي، مثل برنامج الدعم المباشر وبرنامج دعم الفلاحين.
ويشير محللون إلى أن اللوائح الخاصة بهذه البرامج تضم ما يزيد عن 7 ملايين مسجل في اللوائح الانتخابية، مع توقعات بأن ثلثي هؤلاء المستفيدين سيشاركون في الانتخابات المقبلة. وبالتالي، فإن الفائز لن يخرج عن دائرة أحزاب الأغلبية، إذا ما استفادت من هذه المعطيات في حملاتها الانتخابية، خاصة عبر شبكة المستشارين الجماعيين.
ويُحذر مراقبون من أن أحزاب الأغلبية قد تعمل على نشر رسائل ضمنية بين المستفيدين مفادها أن عدم استمرارها في الحكم قد يؤدي إلى إلغاء أو تقليص هذه البرامج. كما هو الحال في تجارب دولية سابقة، حيث أعيد انتخاب الأحزاب التي أطلقت برامج دعم نقدي مباشر، بسبب ارتباطها في أذهان الناخبين بتحسين الأوضاع المعيشية.
ويذهب محللون إلى أن انتخابات 2026 قد تكون أقل إثارة من سابقاتها، مع توقعات بأن تسير بوتيرة رتيبة وبدون رهانات سياسية كبرى تستدعي تعبئة جماهيرية واسعة، في ظل غياب أحزاب قوية ذات قاعدة مناضلين معبئين إيديولوجياً، مما قد يفق المهرجانات الشعبية في الساحات العامة جزءاً كبيراً من تأثيرها.
المصدر: العمق المغربي