هل تستجيب الإنتاجات الفنية الرمضانية لانتظارات الجمهور المغربي؟

أعادت الإنتاجات المغربية المعروضة على شاشة القنوات الوطنية خلال الموسم الرمضاني الحالي الحديث عن جودة الإنتاج الدرامي والكوميدي للواجهة، والنقاش حول نقاط قوته وضعفه، ومدى استجابته لانتظارات الجمهور المغربي.
ويتنافس على نسب مشاهدة الموسم الرمضاني 2025 عدة أعمال وطنية تتوزع بين مسلسلات درامية، وأفلام تلفزية درامية وكوميدية بالإضافة إلى السيتكومات التي تتعرض لانتقادات لاذعة من قبل الجمهور والمهتمين بالمجال الفني في كل عام، حيث بات مصطلح “الحموضة” لصيقا بها بسبب “افتقارها للإبداع وتكرارها لنفس الوجوه والأفكار” رغم الامكانيات المالية الكبيرة التي تخصص لها.
ورغم التطور الذي بدأت تشهده الدراما المغربية خلال العشر سنوات الأخيرة، سواء على مستوى المواضيع التي تتناولها أو الإنتاج، إلا أنها لازالت برأي الجمهور والمختصين في المجال الفني بحاجة لعمل كبير، من أجل اللحاق بنظيرتيها المصرية والسورية.
ويرى مجموعة من النقاد المغاربة أن الدراما المغربية تعيش على وقع العديد من الاختلالات التي تتسبب في إنتاج أعمال رديئة تمنع نجاحها محليا وانتشارها عربيا، حيث اتفق الكثير منهم على معاناتها من ضعف السيناريو، وبحث المنتجين عن هامش الربح الكبير، إضافة إلى “الشللية” التي تؤدي لمنح الأدوار لنفس الوجوه وحرمان فنانين ذو مستويات عالية.
وفي هذا الصدد، قال الناقد الفني فؤاد زويريق، إن “أغلب الأعمال الدرامية لدينا تمول من طرف القناة الأولى والثانية المغربيتين كمؤسستين عموميتين رئيسيتين، ويوكل إنتاجها لشركات نطلق عليها تجاوزا شركات الإنتاج وهي في الحقيقة مجرد شركات تنفيذية، لأنها تُشرف على إنتاج الأعمال بأموال تحصل عليها من هاتين القناتين المنتميتين لأجهزة الدولة”.
وأضاف زويريق، أن النقطة السابقة الذكر تعد “العائق الأول أمام الإبداع الذي يصطدم في أولى خطواته برقابة الدولة، فمادامت الدولة هي الممول الرئيسي للأعمال الدرامية فحتما ستقيد حرية التنوع والخوض في مواضيع درامية معينة قد تقلقها، بل أكثر من هذا، ستجعل كل جزئية متعلقة بالكتابة تحت المجهر الرقابي، راسمة بذلك خطوطا حمراء لا ينبغي تجاوزها وإلا فلن يحظى العمل بأي تمويل، لهذا يجد المُشاهد نفسه في أغلب الأحيان أمام مواضيع اجتماعية سطحية مستهلكة ومبتذلة”.
وتابع زويريق في تصريح لـ”العمق”، أن “شركات تنفيذ الإنتاج هذه أو الوسطاء أو السماسرة، سميهم ما شئت، رغم أنهم في الدول المحترمة جزء رئيسي من العملية الفنية، والمنتج المنفذ تكون له مهارات ومواهب خاصة، بالاضافة إلى التكوين وشواهد عليا في هذا المجال، ففي بلادنا يكفي أن يكون للمنتج المنفذ علاقات تؤهله للتلاعب بأموال الشعب”، واصفا إياها بـ”المطحنة التي تسحق الدراما المغربية”.
واعتبر الناقد الفني، أن “ضعف المراقبة والمتابعة من طرف المؤسسات المانحة، أي القنوات التلفزية، يجعل التلاعب بالسيناريو الموافق عليه من طرف لجنة القراءة أو الانتقاء تحصيل حاصل، أما الخطير في الأمر هو غياب التنافسية والشفافية مما يعطي الحق لشركات بعينها دون غيرها باقتسام الكعكة التي تكلف ميزانية الدولة الملايير، وهكذا نجد أن خمس أو ست شركات تنفيذ الإنتاج هي المسيطرة على السوق، وهي التي تحظى بكل الأعمال المنتَجة بينما العشرات تُرفض طلباتها، والكثير منها أفلست واندثرت من المشهد نهائيا”.
وزاد ذات المتحدث، أن من العلل التي تعاني منها الدراما المغربية هي استحواذ أسماء بعينها على أدوار البطولة وتكرارهم في الكثير من الأعمال في نفس الموسم، لافتا إلى أن ذلك يخلق نوعا من التشتت الذهني لدى المُشاهد وخصوصا ذاك الذي ينتقل من عمل إلى آخر في نفس اليوم، كما أن تواجدهم في أكثر من عمل لا يخدم مسيرتهم بقدرما يعرضهم للاستهلاك وبالتالي نفور الجمهور منهم ومن العمل ككل، على حد وصفه.
وأشار ذات المصدر، إلى أن ضعف الكاستينغ، بحكم الشللية والفساد الذي ينخر هذا المجال، أدى إلى أن أصبح الاختيار الصائب للممثل هو آخر ما يُفكر فيه، ناهيك عن ضيق الوقت وقصر مدة التحضير والتصوير المخصصة للعمل.
وسجل الناقد فؤاد زويريق، أن ضعف الجانب الإبداعي الذي تعاني منه الأعمال الدرامية المغربية ما هو إلا نتاج لأسباب أخرى متراكمة ومتنوعة، أبرزها غياب التنافسية الإنتاجية وحصر الإنتاج داخل مؤسسات بعينها مما يخنق السوق الدرامي ويحد من طموحاته وتطوره، وتحكم المستشهرين وتدخلهم في تفاصيل الأعمال وتوقيت العروض.
المصدر: العمق المغربي