كشفت أزمة العزوف المتنامي للكفاءات الصحية عن تولي مناصب المسؤولية، عن تداعيات خطيرة بدأت تظهر في لوائح الترشح لهذه المناصب، أبرزها ما يجري في جهة العيون، حيث فتح الفراغ الإداري الباب أمام عودة أسماء سبق إعفاؤها بسبب اختلالات مالية وإدارية جسيمة للتنافس على إدارة المستشفيات.

وأظهر إعلان حديث لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية عن لائحة المقابلات الانتقائية شغورا واسعا في مناصب مدراء عدد من المراكز الاستشفائية والمستشفيات بمختلف جهات المملكة، في ظاهرة لم تعد فردية بل تحولت إلى “نسق عام” يعكس أزمة هيكلية عميقة داخل القطاع.

وأوضحت مصادر متطابقة أن هذا الفراغ الإداري هو ما قد يفسر ما تشهده جهة العيون الساقية الحمراء من جدل، بعد أن تضمنت لائحة المرشحين أسماء مسؤولين كانوا طرفا في تقارير رسمية تحدثت عن اختلالات قدرت بنحو نصف مليار سنتيم من المال العام، وشملت سوء تدبير الموارد واستعمالا غير قانوني لوثائق طبية.

وأكدت المعطيات ذاتها أن تلك الاختلالات كانت قد أدت إلى إيفاد لجنة تفتيش مركزية انتهت بإعفاء المسؤولين المعنيين، ما يجعل عودتهم اليوم للتنافس على المناصب ذاتها ضربا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، ويضعف الثقة في مساطر التعيين التي تشرف عليها الوزارة.

وفي تصريح سابق حول ظاهرة العزوف، قال يونس لبيض، نائب الكاتب الوطني للجامعة الوطنية لقطاع الصحة، في تصريح لجريدة “العمق”، إن هذا الهروب الجماعي من مناصب المسؤولية إلى أن المنصب الإداري أصبح بمثابة “عقوبة أكثر منه ترقية”، حيث يجد المدير نفسه محاصرا بمسؤوليات واسعة وصلاحيات محدودة وحماية قانونية منعدمة.

وأضاف لبيض أن الأطر الصحية تفضل البقاء في مهامها الطبية أو التمريضية بدلا من المغامرة في “جحيم التسيير الإداري بصلاحيات شكلية ومسؤوليات بلا حدود”، محذرا من أن استمرار هذا الوضع يفرغ القطاع من كفاءاته القيادية ويفتح المجال لتسيير ارتجالي، وربما يضطر الوزارة إلى القبول بملفات مثيرة للجدل لسد الشغور الحاصل.

ودعا الفاعلون المهنيون إلى ضرورة التعامل مع هذه الأزمة بما يضمن الشفافية وتكافؤ الفرص، مطالبين بإعادة هيكلة المنصب الإداري عبر منحه صلاحيات فعلية وتوفير حماية وتحفيزات حقيقية، لقطع الطريق أمام تحول مناصب المسؤولية إلى وسيلة لإعادة تدوير أسماء تحوم حولها شبهات سوء التدبير.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.