هل تتفادى الجمعيات عثرات تجربة زلزال الحسيمة في التعامل مع “فاجعة الحوز”؟
الأحداث التي يعيشها كل مجتمع أو بلد تصبح جزءا من تاريخه وذاكرته، تبقى مخبأة يتم الرجوع إليها عند الحاجة أو كلما دعت الضرورة إلى ذلك، تماما كما تسير الأمور اليوم مع الزلازل التي يمتلك المغرب والمغاربة قصصا وتجارب مؤلمة معها تأبى النسيان والانسحاب النهائي من الذاكرة.
أمام هول الصدمة والفاجعة التي خلفها زلزال الحوز المدمر، بعدما أودى بحياة قرابة 3 آلاف مواطن من سكان القرى والمداشر المنتشرة في جبال الأطلس ذات التضاريس الوعرة، تفرض الكارثة عقد المقارنة مع زلزال الحسيمة الذي ضرب شمال المملكة سنة 2004، أي قبل عقدين من الزمن، وهي المقارنة التي ترفع من فداحة خسائر الزلزال الأخير على جميع المستويات.
فاعل أساسي
فيصل أوسار، الناشط الحقوقي وابن منطقة الريف، الذي كان شاهدا على زلزال الحسيمة، استعاد شريط ذكريات الزلزال الذي قضى فيه أزيد من 862 شخصا، وأصيب 629 آخرون، إذ قال: “زلزال الحوز أعادنا للكارثة التي عشناها قبل 19 سنة، وصدمة ومعاناة مدينة الحسيمة جراء الزلزال الذي هز المنطقة في الثانية بعد منتصف الليل”.
وأضاف أوسار في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية أن “المجتمع المدني لعب دورا رئيسيا في زلزال الحسيمة كما في زلزال الحوز”، وزاد: “رأينا حجم التضامن الشعبي الإنساني من المواطنين البسطاء والزيارات التلقائية من المغاربة إلى المناطق المتضررة، وهذه مسألة أساسية ومهمة بالنسبة للمتضررين من الزلزال”.
طلبنا من أوسار الذي كان فاعلا في تدبير زلزال الحسيمة وتقديم يد العون للمتضررين مقارنة الوضع بما جرى ويجري في الحوز حاليا، ورد قائلا: “من السابق لأوانه الحديث عن تجربة الزلزال الحالي وتقييمه”، مؤكدا تسجيل مجموعة من الملاحظات على تدبير الكارثة.
وسجل أوسار أن السلطات “كان عليها أن تفتح قنوات التواصل عبر خط أخضر في المناطق الجبلية والوعرة للتبليغ عن الدواوير المنكوبة ومناطقها”، معتبرا أن “التواصل مع الساكنة مهم لأنها مصدر المعلومة في تحديد المناطق المتضررة واحتياجات الساكنة”.
حدود الجمعيات
أشار الناشط الحقوقي ذاته إلى أن فعاليات المجتمع المدني التي تقدم المساعدات للسكان المتضررين من الزلزال “ينبغي أن تعرف حدودها أين تبدأ وأين تنتهي”، مؤكدا أن السلطات والدولة ينبغي أن تتتبع مسار المساعدات المهمة التي وجهت للمناطق المنكوبة، ومحذرا من “تكرار الأخطاء المرتكبة في زلزال الحسيمة”.
كما أورد أوسار: “التجربة الحالية ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار مجموعة من الأمور التي سقطنا فيها خلال زلزال الحسيمة، وأهمها التواصل والتحسيس والتعبئة وإيجاد قنوات التواصل مع المسؤولين والأطباء النفسانيين لمواكبة المتضررين من الزلزال”.
وشدد المتحدث ذاته على أهمية “ربط المسؤولية بالمحاسبة، لأن الدور في المناطق النائية بين الزلزال خطورتها وهشاشتها، وأن الطريق لا تصل إليها”، متسائلا عن أسباب غياب الطرق في هذه المناطق حتى الآن.
وانتقد الحقوقي ذاته “غياب مسح طوبوغرافي للمناطق المهددة بالزلازل”، لأنه “كان يمكن أن نوجه الناس إلى الأماكن الأقرب إليها لتقديم المساعدات”، وزاد: “الخط الأخضر كان سيلعب دورا كبيرا في توفير المعلومة”، لافتا إلى أن شهادات تابعها “بينت أن الدولة غير حاضرة في الأماكن البعيدة النائية التي في حاجة إلى مخطط استعجالي”.
عمل ارتجالي
اعتبر خالد آيت مسعود، فاعل جمعوي من أبناء جماعة آنكال بدائرة أمزميز بإقليم الحوز، أن “فعاليات المجتمع المدني اشتغلت خلال اليوم الأول بشكل عفوي وساهمت في تحديد القرى المدمرة وتوجيه جهود الإنقاذ والمشاركة فيها”.
وأضاف آيت مسعود، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “بعد الزلزال بأيام قليلة انتقلت جمعيات المجتمع المدني إلى الاشتغال على توزيع المساعدات الغذائية وتلبية الحاجيات الغذائية اللازمة للساكنة المتضررة”، نافيا أن يكون العمل تم وفق أي برنامج محدد يستفيد من التجارب السابقة.
وأقر الفاعل الجمعوي ذاته بأنه “في إطار التواصل مع السلطات المحلية والتنسيق معها كان العمل يجري من خلال التعبير عن الاحتياجات التي يطلبها السكان فتلبيها السلطة، وذلك بعيدا عن استحضار تجربة زلزال الحسيمة في هذا المجال”.
وأفاد آيت مسعود بأن “الخصاص إلى اليوم مازال قائما بخصوص الخيام، والألواح الخشبية (Palette) التي تستعمل في أرضية الخيام للتقليل من حدة درجات البرودة في المنطقة”، وسجل أنه ليس هناك ربط بين تجربة الحسيمة في الزلزال وما نعيشه في الحوز اليوم.
وعبر الناشط المدني ذاته عن تخوفه من حدوث تلاعبات في عمليات الإحصاء ولوائح المستفيدين من المساعدات التي أقرتها الدولة للمتضررين من الكارثة، مردفا: “عملية الإحصاء جارية ونتمنى أن تكون محكومة بالجدية والمسؤولية ويتم تعويض المستحقين في أقرب وقت ونتفادى التجربة التي كانت في الحسيمة”.
المصدر: هسبريس