اخبار المغرب

“هشاشة” الطبقة المتوسطة بالمغرب .. لا امتيازات الفقراء ولا ثراء الأغنياء

سجلت المندوبية السامية للتخطيط في تقريرها الأخير تطورًا لافتًا في مستويات المعيشة بالمغرب، حيث تكشف الأرقام عن تفاقم الفوارق الاجتماعية، إذ انتقل مؤشر التفاوت من 39.5% إلى 40.5% بعد أن سجل انخفاضًا طفيفًا في سنة 2019.

الأرقام التي سلطت الضوء على هشاشة اقتصادية متزايدة، حيث بلغ عدد الأشخاص الذين يعانون من هذه الهشاشة حوالي 4.75 مليون شخص في 2022، تعكس، حسب الخبراء، تباينًا في نتائج السياسات الاقتصادية والاجتماعية المعتمدة، فبينما شهدت الفئات الأكثر فقرًا والأكثر يسرًا تحسنًا عامًا في مستوى معيشتها، نجد أن الطبقة المتوسطة لم تستفد بنفس القدر من هذا التحسن، مما يفتح المجال لتحليل أعمق لوضعها الحالي وتأثيرات هذه الفوارق على الاقتصاد المغربي.

وحسب مندوبية بنموسى، فقد شهدت معدلات الفقر المطلق تراجعًا طفيفًا على المستوى الوطني بين عامي 2014 و2022، حيث انخفضت من 4.8% إلى 3.9%، وفي الوسط القروي، تراجع المعدل من 9.5% إلى 6.9%، بينما ارتفع في الوسط الحضري بشكل طفيف من 1.6% إلى 2.2%. وبذلك، بلغ عدد الفقراء في المغرب في 2022 نحو 1.42 مليون شخص، من بينهم 512 ألفًا في الوسط الحضري و906 آلاف في الوسط القروي.

في هذا السياق، قدمت المندوبية صورة مفصلة حول تحركات متوسط النفقات السنوية للأسر المغربية، حيث ارتفع هذا المؤشر من 76,317 درهمًا في 2014 إلى 83,713 درهمًا في 2022، لكن هذه الزيادة ترافقها إشارات واضحة على تباطؤ نمو النفقات بين 2019 و2022، ما يطرح تساؤلات حول طبيعة النمو الاقتصادي في المغرب وأثره على الفئات المختلفة.

المحلل الاقتصادي، محمد جدري، أكد أن البحث الوطني الذي قامت به المندوبية السامية للتخطيط يغطي الفترة ما بين 2014 و2022، وبالتالي نتحدث عن تطور مستوى عيش المواطن المغربي خلال هذه الفترة.

وحسب المتحدث، فإن البحث أظهر تحسنًا في المستوى المعيشي للمغاربة، لكنه لم يخلُ من آثار الجائحة التي خلفت وراءها تداعيات سلبية، مضيفًا أن الجائحة، رغم التحسن العام، كانت لها آثار عميقة على العديد من الأسر المغربية التي فقدت مصادر دخلها، إضافة إلى الزيادة في أسعار العديد من السلع والخدمات، مما شكل تحديًا إضافيًا.

ومن جانب آخر، أشار المحلل الاقتصادي إلى أن نسب الفقر المطلق والفقر متعدد الأبعاد قد شهدت تحسنًا، مما يعكس الجهود الكبيرة المبذولة في مجال الولوج إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم، الصحة، الماء والكهرباء، مسجلًا أن الفقر متعدد الأبعاد لم يعد في المستوى الذي كان عليه في السابق، وهو أمر إيجابي يعكس التحسينات في البنية التحتية والخدمات الاجتماعية.

على الرغم من التحسن في وضعية الطبقات الفقيرة والغنية، إلا أن التقرير أشار إلى أن الطبقة المتوسطة لم تشهد تحسنًا ملحوظًا خلال الفترة بين 2014 و2019، ويرجع جدري ذلك إلى أن الطبقة المتوسطة أصبحت الحلقة الأضعف في معادلة المستوى المعيشي، إذ لا تستفيد من الكثير من الامتيازات التي تحصل عليها الطبقة الفقيرة.

فيما يخص التفاوتات الجهوية، أشار المحلل الاقتصادي إلى أن خمس جهات في المغرب ما تزال فوق عتبة الفقر، وأنه يجب أخذ هذه المناطق بعين الاعتبار، مبرزًا أن جهتي فاسمكناس وخنيفرةبني ملال ما تزالان تعانيان من مشاكل متعلقة بالماء والجفاف، داعيًا إلى ضرورة إيجاد حلول عاجلة لهذه الإشكالات، “فهذه المناطق فلاحية وتواجه تحديات كبيرة بسبب ندرة الموارد المائية، ما يستدعي تدخلًا عاجلًا لمعالجة هذه الأزمات”، يقول جدري.

وأشار المتحدث إلى أن بعض المناطق الأخرى تعاني من مشاكل في البنية التحتية، خاصة فيما يتعلق بالطرق السريعة، بالإضافة إلى مشاكل أخرى في الجهة الشرقية، وجهتي درعةتافيلالت وكلميمواد نون، مسجلًا وجود حاجة ماسة لتقليص التفاوتات المجالية من خلال تخصيص مزيد من الجهود لتحسين الوضع الاقتصادي في هذه الجهات.

وفي الختام، أبدى جدري تفاؤله بشأن المستقبل، حيث اعتبر أن البحث القادم الذي ستقوم به المندوبية السامية للتخطيط قد يظهر تحسنًا ملحوظًا في مستوى معيشة العديد من الأسر ذات الدخل المحدود، بفضل الدعم الاجتماعي المباشر والمبادرات الحكومية.

وحسب المتحدث، فإن الدعم المباشر للأسر الفقيرة سيؤدي إلى تحسين المستوى المعيشي، وسيسهم في تقليص التفاوتات الاجتماعية بين الطبقات المختلفة في المجتمع المغربي.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *