اخبار المغرب

هذه هي أسباب استعداد إدارة ترامب لتصنيف البوليساريو كتنظيم إرهابي

تشير مصادر عديدة إلى كون الولايات المتحدة الأمريكية تستعد لإدراج جبهة البوليساريو ضمن قوائمها الخاصة بالتنظيمات الإرهابية، خاصة بعد خروج تصريح رسمي لممثل الولايات المتحدة الامريكية عن دائرة الكونغرس الثانية في ولاية كارولينا الجنوبية التابع للحزب الجمهوري الذي ينعت فيه الجبهة بالتنظيم الإرهابي، وكذا إعلانه عن مبادرة لتقديم تشريع أمام الكونجرس الأمريكي يعتبر فيه رسميا جبهة البوليساريو تنظيما إرهابيا.

ومن الواضح أمام هذا التحول، ان الجبهة التابعة للنظام العسكري الجزائري قد غيرت خارطة طريقها وتم إعادة هيكلة مسارها منذ اغتيال الجزائر للوالي مصطفى السيد في مرحلة أولى والموت الغامض لحد الآن لزعيمها محمد عبد العزيز.

إن بوليساريو اليوم عبارة عن مليشيات متعددة الجنسيات تقيم فوق أراضي جزائرية لايعرف الكثيرون أنها أراضي متنازع عليها في إطار الأراضي المتقطعة من الصحراء الشرقية التابعة للمغرب قبل الاستعمار الفرنسي.

1. اغتيال القائد الأول للبوليساريو والموت الغامض للقائد الثاني:

ان اغتيال قيادة تنظيم معين يعتبر في الدراسات الأمنية ،حسب مجموعة من الخبراء الدوليين ، بمثابة إعادة هيكلة و مسح تام للبوصلة السياسية الخاصة بالتنظيم.

ونجد على سبيل المثال لا الحصر تنظيم بوكو حرام الذي تحول من تنظيم ديني ذو مقولات متطرفة  إلى تنظيم ارهابي صرف، يُنفذ عمليات إرهابية وينشط في مختلف أنواع البضائع المدرة للربح في السوق السوداء كتجارة المخدرات و الرقيق و تجارة الأعضاء في شمال نيجيريا، بعد اغتيال قائده محمد يوسف واعتلاء ابو بكر شاكو منصب الإمارة في التنظيم.

أما فيما يخص البوليساريو، فيمكن اعتبار أنه منذ اللحظة التي اغتيل فيها الوالي مصطفى السيد مؤسس جبهة البوليساريو، تحول التنظيم بشكل رسمي إلى كيان هجين لا علاقة له بالأسس الأولى التي رسمت له عند دعم تأسيسه من طرف ليبيا القذافي و جزائر الهواري بومدين.

2. انقسام التنظيم:

 إن التغيير الذي طرأ في القيادة بشكل عنيف (اغتيال القائد المؤسس) أدى إلى جنوح التنظيم عن توجهاته الأساسية التي كانت تتمحور أنذاك حول محاولة السيطرة على الأراضي المغربية الجنوبية بهدف إضعاف و عزل المغرب عن بقية إفريقيا، و كذا فتح بوابة نحو المحيط الأطلسي في وجه الجزائر.ويمكن تسمية ما طرأ على جبهة البوليساريو لحظة اغتيال زعيمها تحولا نوعيا في أسس الجبهة التنظيمية.

وبعد اغتيال الوالي مصطفى السيد  انقسم التنظيم إلى ثلاث جبهات/ جناحات تنشط كل جبهة في مجال معين:

الجبهة الأولى،لازالت تحافظ على التوجه الأساسي للوالي مصطفى السيد ألا و هو السيطرة على الجزء الجنوبي من الأراضي المغربية و إحداث كيان تابع للجزائر يروم إلى عزل و تقسيم المملكة. إلا أن هذه الجبهة أصبحت ضعيفة بعد اغتيال المؤسس وهو ما يفسر مطالبة الجزائر و ووليدتها البوليساريو بوقف إطلاق النار خلال منتصف التسعينات. كون  الجبهة  فقدت العنصر البشري القادر على الإستمرار في حرب العصابات التي كانت تخوضها ضد المملكة المغربية،هذا الضعف الذي جعل الجزائر تنظر لمحمد عبدالعزيز بكونه قيادة ضعيفة إنتهت بوفاته الغامضة لحد اليوم .

الجبهة الثانية،و تمثل جناحا ذو طبيعة إجرامية يهدف إلى تحقيق أرباح مادية، هاته الجبهة تنشط بشكل ملحوظ داخل مخيمات اللاجئين في تيندوف و تعمل في مجالات اجرامية عدة نذكر من بينها: الإتجار في الاعضاء و هو ما يفسر اختفاء جثث مجموعة من الأشخاص داخل المخيمات بما فيهم جثث أطفال تمت تصفيتهم عمدا من طرف الأطباء العاملين و المتواطئين مع هذه الجبهة داخل مستشفى ‘بني حواس’ بتندوف، وكذا افراد المليشيات الذين تم قصفها خلال محاولتهم الدخول إلى المنطقة العازلة و التي تمنع البوليساريو افراد عائلتهم من فتح توابيتهم أو تسلم جثثهم، بالإضافة لجثث القتلى الذين يتم تصفيتهم من طرف الجزائر داخل المخيمات.

وتنشط هاته الجبهة أيضا في مجال الإتجار بالمخدرات، الشيئ الذي يفسر التصريحات المعلنة بين الفينة و الأخرى من طرف سلطات الجزائر حول حيازة كميات كبيرة من المخدرات و التي يتم فيها اتهام المغرب في محاولة لتشتيت انتباه الرأي العام الجزائري. بينما في واقع الأمر، فإن هاته الشحنات تصنع إما داخل المخيمات أو يتم استقبالها من طرف البوليساريو على الحدود المالية الجزائرية أو الموريتانية الجزائرية و توصيلها نحو سواحل أوروبا، حيت تعمل هاته الجبهة معية التنظيمات العابرة للحدود المهربة للمخدرات و التي تدخل كميات ضخمة من مخدر الكوكايين و الماريجوانا من موانئ نيجيريا نحو أوروبا و التي تتخذ الجزائر كنقطة عبور. وهذا الجناح بقوده المسمى السيد إبراهيم البشير بيلا.

أما بالنسبة للجبهة الثالثة، فهي جبهة تنشط بالأساس في مجال الإرهاب، حيث تركز على عملية إمداد الجماعات الارهابية بما فيها جبهة نصرة الإسلام و المسلمين و كذا تنظيم الدولة في الصحراء الكبرى بالمقاتلين المستقطبين و المدربين داخل المخيمات. وتعتبر الجبهة الثالثة أحدأهم الأجنحة الخاصة بالبوليساريو داخل الجزائر، لأنها تمثل لمواليد مخيمات تندوف الوسيلة الوحيدة للخروج من الجزائر والإنظمام للجبهات الارهابية النشطة بالساحل. وهنا نذكر واحد من أهم أمراء الدولة في الصحراء الكبرى، الأمير الملقب بعدنان أبو الوليد الصحراوي العضو السابق في جبهة البوليساريو و الذي قاد تنظيم الدولة في إحدى أهم فترات نشاط داعش داخل منطقة الساحل قبل تصفيته . هذه الجبهة الثالثة يقودها المدعو محمد لمين أحمد.

إن البوليساريو اليوم تنظيم مكون من مجموعة فروع تنشط داخل ما يسمى المنطقة الرمادية الموجودة بالساحل، و التي تتميز بإنعدام تواجد السلطة أو الجيش. و من أهم الموارد المالية للجبهة تلك التي يتم تحصيلها هي عن طريق المتاجرة مع التنظيمات الإرهابية النشطة بالمنطقة، و هو ما يفسر على سبيل المثال، كيف أن نفس العتاد و اللباس العسكري الذي ظهرت به ما تسمى بقوات النخبة للبوليساريو في فيديو دعائي تهدد فيه المملكة المغربية، ظهرت به أيضاً عناصر تنظيم جبهة نصرة الإسلام و المسلمين في فيديو دعائي خاص استعرض فيه التنظيم تمارين عسكرية لمقاتليها النشطين في شمال مالي و النيجر.

3. الجزائر أم إيران: من الذي يقود البوليساريو اليوم؟

إن الجزائر إلى حدود 2010 كانت هي المستفيد الأول  من الأدوار التي تلعبها البوليساريو داخل المجال الحيوي الساحلي و المغاربي، أولاً لأنه من الناحية العسكرية فإن الجبهة هي الخط الدفاعي الأول للجزائر ضد أي هجوم مفاجئ وتعتبر الجبهة في هذه الحالة بمثابة مليشيات ميدانية مسلحة قد تستدعيها الجزائر في أي حالة صراع مسلح مع أي دولة كانت بما فيها دول الساحل. ثانيا لأن البوليساريو يعتبر هو ورقة ضغط تضمن  للجزائر إضفاء جمود عسكري و سياسي داخل منطقة شمال أفريقيا، الشيئ الذي يخول للجزائر في نظرها السيطرة عن طريق الفوضى الإقليمية.

أما اليوم، ومع بداية توسع المد الإيراني داخل إفريقيا و منطقة الساحل، فإنه و بشكل رسمي أصبحت جبهة البوليساريو ذراع مسلح إيراني متواجد فوق التراب الجزائري. و هنا نذكر بتصريح احد قادة الجيش الإيراني الذي هدد بإغلاق مضيق جبل طارق، و كيف تزامن هذا التصريح مع استعراض عسكري للبوليساريو أظهرت فيه عناصر مسلحة من الضفادع البشرية مجهزة بزوارق ضمن عتادها، و من قد يفكر في تصغير حجم الأضرار التي قد تنجم في حالة استعمال هاته الزوارق، فإننا نذكر بالوضع القائم إلى حد اليوم في مضيق هرمز و كيف يقوم الحرس الثوري الإيراني بضرب سفن عسكرية و مدنية تحاول العبور من المضيق عن طريق استعمال زوارق عسكرية صغيرة في محاكات لحرب عصابات توظفها ايران في الميدان بحري، إضافة إلى مايقوم به الحوثيون في باب المندب.

ونجد أيضا أنه و بالتزامن مع ظهورمعلومات حول  استعداد أمريكي لإطلاق هجوم كاسح على ايران الزيارة التي قام بها وزير خارجية إيران  عراقجي إلى الجزائر ليلا و هو ما قد يعتبر استعدادا إيرانيا لإشعال بؤرة صراع داخل شمال إفريقيا و في جنوب الحدود الأوربية في محاولة للضغط و تشتيت الإنتباه الامريكي عن الإقدام على ضرب إيران.

إن ضم جبهة البوليساريو إلى قوائم الإرهاب اليوم،أصبح مسألة وقت فقط، ومع بداية ظهور سياسة تقشفية أمريكية فيما يخص دعم المنظمات الدولية، فالظاهر أن اول المنظمات التي ستحل ستكون منظمة اللاجئين، الشيئ الذي سيسحب من سكان المخيمات المحتجزين مزاعم الترويج أنهم لاجئين  ،بمعنى أن  جزءا  من ساكنة الجزائر سيصبح بأمر أمريكي تجمعا وتنظيما إرهابيا،و بالتالي، فإن الجزائر بالتبعية ستصبح دولة حاضنة و راعية لتنظيم  أرهابي وأحد الأذرع الأفريقية الإيرانية فوق الأراضي الجزائرية . فهل البنية الإجتماعية و الإقتصادية الجزائرية الهشة قادرة على الصمود ضد عقوبات قد تصل إلى حدة العقوبات الدولية المطبقة على ايران؟ أم أننا على موعد مع مشاهدة انهيار دولة عسكرية حرصت على زعزعة استقرار شمال أفريقيا لمدة تفوق النصف قرن؟

*باحث في الدراسات الأمنية بسلك الدكتوراه بجامعة محمد الخامس وخريج جامعة الأخوين

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *