اخبار المغرب

هذه نصائح لتسهيل الاندماج النفسي للتلاميذ في الدخول المدرسي الجديد

مع دنو انطلاقة الموسم الدراسي الجديد، تواصل الأسر المغربية استعداداتها من أجل عودة سلسة لأبنائها إلى مقاعد الدراسة، من خلال اقتناء مختلف الأدوات واللوازم الدراسية، وتوفير ملابس جديدة إضافة إلى الزي المدرسي، إلا أن هذه الأسر تجد نفسها كل سنة وسط دوامة من التساؤلات بخصوص سبل تهيئة أطفالها نفسيا للدخول المدرسي، بعد شهرين من العطلة الصيفية غالبا ما يتبّعون خلالها سلوكا “سلبيا” يجعل تأقلمهم مع الروتين المدرسي أمرا في غاية الصعوبة.

وغالبا ما يؤثر عدم القدرة على التخلص من هذا السلوك السلبي، الذي يشمل السهر لساعات متأخرة من الليل، والتسمّر لمدة طويلة أمام الهواتف والأجهزة الإلكترونية الأخرى، وعدم التقيّد بوقت محدد لتناول الوجبات الغذائية، على حماسة نفسية الأطفال للعودة إلى أجواء الدراسة، وهو ما يفرض على الأسر، بحسب الباحثين في علم النفس، استثمار الأيام القليلة المتبقية في ضخّ التحفيز في نفسية أبنائها والابتعاد عن الحديث أمامهم بتذمر وقلق عن الدخول المدرسي.

ولأن “المسؤولية مشتركة”، فإن الخبراء التربويين بدورهم يلفتون انتباه المدرسين إلى ضرورة تبنّي مقاربات جديدة لرفع جاذبية المدارس لدى هؤلاء التلاميذ، من قبيل “الإنصات إليهم وتبديد مخاوفهم بشأن الموسم الحالي، واعتماد صيغ جديدة للتعارف تضمن إشاعة علاقات الود والتعاون، دونما نسيان أهمية رفع حصة الزمن المخصص للمهارات الاجتماعية والعاطفية”.

أولوية التحفيز

محمد حبيب، باحث في علم النفس وقضايا الأسرة، حث الأسر على “استثمار الأيام القليلة المتبقية لأجل تهيئة أبنائها نفسيا للدخول المدرسي، من خلال التذكير بكون المدرسة فضاء للقاء الأصدقاء السابقين والتعرف إلى أصدقاء جدد والقيّام بمجموعة من الرحلات الاستكشافية والأنشطة الترفيهية صحبة الأساتذة”، مشيرا إلى “ضرورة سيادة الخطاب الإيجابي والتحفيزي داخل الأسرة لأجل إذابة القلق والتوتر الذي يعتري الكثير من التلاميذ بشأن الصعوبات التي سيواجهونها بفعل الانتقال من مستوى دراسي إلى آخر”.

وأوضح حبيب، في تصريح لهسبريس، أن “التهيئة النفسية للأبناء تشمل أيضا إعادة تنظيم وقتهم، من خلال إلزامهم بعدم السهر لساعات متأخرة من الليل كما تعوّدوا خلال العطلة الصيفية، وضبط وقت نومهم واستيقاظهم تبعا للتوقيت المدرسي”، مضيفا أنه “يتعيّن الخفض التدريجي لعدد ساعات لعب الأبناء في الشارع، وتحديد مدة تصفحهم للهواتف ومختلف الأجهزة الالكترونية في ساعة في اليوم على أقصى تقدير، عدا عن التشديد على تناول كل وجبة غذائية في وقتها المحدد”.

وأكد الباحث في علم النفس وقضايا الأسرة أنه “ينبغي إعادة الارتباط تدريجيا بين الطفل والكتب المدرسية خلال هذه الفترة، من خلال مراجعة خفيفة للمقررات الدراسية الخاصة بالمستوى السابق، وتصفح الجديدة الخاصة بالمستوى الحالي”، مشددا على أن “الأسر بناء على هذه المراجعة مطالبة بفتح حوار مع أبنائها لمعرفة مختلف الصعوبات المعرفية التي لا تزال تواجههم، ووضع خطة لتداركها في الموسم الجديد”.

وأورد المتحدث ذاته، في ختام تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “زيادة الحافز النفسي لدى الأطفال للدخول المدرسي تستلزم التعجيل باقتناء الزي المدرسي واللوازم الدراسية من أدوات ودفاتر وكتب، وكذا الحسم بخصوص وسيلة النقل إلى المدرسة بين سيارة النقل المدرسي وسيارة العائلة”، مشددا على ضرورة “تفادي الأسر التذمر والشكوى أثناء مناقشة هذه المسائل أمام أبنائها”.

صيغ جديدة

من جهته، قال عبد الناصر ناجي، خبير تربوي رئيس مؤسسة أماكن لجودة التعليم، إن “تسهيل الاندماج النفسي للتلاميذ في الأجواء الدراسية يتطلب من المدرسين التوفر على استراتيجية للإدماج العاطفي عن طريق الإنصات لمختلف مخاوفهم وانتظارتهم خلال هذا الموسم، عوض تدبير هذا الدخول بمنطق العلاقة الرأسية التي لا تؤدي سوى إلى تنفير التلاميذ من المدرسين والمدارس على حد سواء”.

وشدد ناجي، في تصريح لهسبريس، على “ضرورة التدرّج في تلقين المحتويات الدراسية، وزيادة حضور أنشطة الحياة المدرسية المنفتحة، من أجل تقليص الزمن المخصص للتعلمات المعرفية لفائدة الزمن المخصص للمهارات الاجتماعية والعاطفية التي تدعمها هذه الأنشطة، مما يؤدي إلى تنمية حب المدرسة في نفس الطفل المتعلم”.

وأضاف الخبير التربوي ذاته أن “الإدماج النفسي يبدأ من خلال الحصص الأولى للتعارف، التي يجب أن تتجاوز صيغها الكلاسيكية القائمة على استعراض الأسماء ومهنة الأب ونقط السنة الماضية…إلخ، إلى صيغ جديدة تمكّن من التأسيس لعلاقات ود وتعاون بين مختلف المتعلمين تساهم في رفع جاذبية المدرسة لديهم على أنقاض العلاقات القائمة على منطق التنافس التي تسود المدارس المغربية، بسبب سيادة ثقافة التقييم والتقويم التي يجب إعادة النظر فيها”.

وأكد رئيس مؤسسة أماكن لجودة التعليم، في ختام تصريحه، على “استثمار الحصص الأولى للإحاطة بمستوى التلاميذ، خاصة بعد الموسم الدراسي السابق الذي كان استثنائيا بفعل كثرة الإضرابات التي تخللته، وتهيئة برنامج لمراجعة وتقوية معارفهم طيلة شهر شتنبر، بما يضمن إعادة الثقة إليهم وتبديد مخاوفهم من تأثير التأخرات المعرفية الناجمة عن إضرابات الموسم السابق على تحصيلهم المعرفي خلال الموسم الجديد”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *