بغرض “إدماج أقوى للنسيج الجمعوي في تنفيذ السياسات العمومية” بالمغرب، اقترحت مبادرة تشريعية جديدة تعديل القانون رقم 113.14 المتعلّق بالقانون التنظيمي للجماعات، بغاية توسيع شراكة هذه الأخيرة مع المجتمع المدني لتشمل “كافة الجمعيات العاملة في مجال من مجالات الاختصاصات الذاتية لها”، عوض الاقتصار فقط على تلك المعترف لها بصفة المنفعة العامة.

وتقدّم فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب بمقترح قانون يرمي إلى تغيير وتتميم المادة 149 من القانون التنظيمي المذكور لتسمح للجماعات بإبرام اتفاقيات تعاون مع كافة الجمعيات العاملة في أحد مجالات اختصاصات هذه المؤسسات، وليس فقط الحاصلة على صفة المنفعة العامة كما تنص المادة في صيغتها الحالية.

وبموجب التعديل، ستقضي المادة المذكورة “بإمكانية إبرام الجماعات، في إطار الاختصاصات المخولة لها، فيما بينها أو مع جماعات ترابية أخرى، أو مع الإدارات العمومية أو المؤسسات العمومية، أو الهيئات غير الحكومية الأجنبية، أو الهيئات العمومية الأخرى، أو الجمعيات التي تعمل طبقاً للقانون والدستور في مجال من المجالات المندرجة ضمن الاختصاصات الذاتية للجماعات، اتفاقيات للتعاون أو الشراكة من أجل إنجاز مشروع أو نشاط ذي فائدة مشتركة لا يقتضي اللجوء إلى إحداث شخص اعتباري خاضع للقانون العام أو الخاص”.

وشدد نواب فريق التقدم والاشتراكية على الحاجة اليوم إلى “تطوير الإطار القانوني المنظم لهذه الشراكات (شراكات مجالس الجماعات مع الفاعلين غير الحكوميين)، بما يسمح بإدماج أقوى للنسيج الجمعوي في تنفيذ السياسات العمومية الترابية، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإيكولوجية والمجالية الراهنة”.

وعدّ المصدر ذاته، في المذكرة التقديمية لمقترح القانون هذا، أن “اقتصار الشراكات على الجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة، كما هو منصوص عليه حاليا في المادة 149 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، لا يعكس بالشكل الكافي واللازم غنى وتنوع الحقل الجمعوي المغربي، ولا يمكّن مجالس الجماعات من تعبئة كل الكفاءات والموارد المدنية المتاحة”.

وأضاف نواب “الكتاب” أنه “في ضوء التوجهات الجديدة التي حملها تقرير النموذج التنموي الجديد، الذي دعا إلى تقوية ‘القطاع الثالث’ كمكون مكمل وظيفي لأدوار الدولة والقطاع الخاص، أصبح من الضروري توسيع دائرة الشراكات الترابية لتشمل كافة الجمعيات العاملة في أحد أو بعض أو كل مجالات الاختصاصات الذاتية للجماعات على أساس فقط أن يكون اشتغالها (الجمعيات) طبقا للدستور والقانون، وشريطة احترام الشفافية والمساءلة، وبغض النظر عن تصنيفها كمعترف لها بصفة المنفعة العامة أم لا”.

ويندرج هذا التعديل، بحسب المذكرة التقديمية، “في إطار دينامية عامة تروم الاعتراف الفعلي والواسع بالمجتمع المدني كفاعل مسؤول ومؤهل للمساهمة في التنمية الترابية الشاملة والمستدامة، وفي تحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز الرأسمال الاجتماعي الوطني”.

وضمن المرجعيات التي يستند إليها التعديل، ذكر فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب “الفصل الأول من دستور المملكة، الذي يكرس الديمقراطية المواطنة والتشاركية كمرتكز من مرتكزات النظام الدستوري لبلادنا، كما يكرس الاختيار الديمقراطي كثابت من الثوابت الجامعة للأمة المغربية”، والفصل 12 “الذي يعترف بدور الجمعيات في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها”.

كما يستند كذلك إلى “التوجيهات الملكية السامية، لا سيما منها تلك المتعلقة بتعميق وتطوير اللامركزية وتوسيع إشراك المواطنات والمواطنين، وتلك المتعلقة بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حيث تم التأكيد على مركزية المجتمع المدني في محاربة الفقر والإقصاء”.

واستحضر المصدر نفسه، في هذا الصدد، أن توصيات تقرير النموذج التنموي الجديد (2021) “دعت إلى تأهيل القطاع الثالث كفاعل تنموي كامل، مع دعمه قانونيا وتمويليا”، كما أن الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني “تبرز دور الجمعيات كمكون محوري في الاقتصاد الترابي والاجتماعي”.

المصدر: هسبريس

شاركها.