نقابة مخاريق: قانون الإضراب مشوب بالغموض والتناقض وإلغاء العقوبات “خدعة كبرى”
أعلن الاتحاد المغربي للشغل رفضه لصيغة مشروع القانون التنظيمي للإضراب المصادق عليها من طرف مجلس النواب، وقال إنه يتشبث بكافة الملاحظات والمقترحات المتضمنة في مذكرته الموجهة للحكومة بتاريخ 23 نونبر 2024، مطالباً بإلغاء الفصل “المشؤوم” 288 من القانون الجنائي الموروث عن الاستعمار.
جاء ذلك في بلاغ له عقب لقاء انعقد اليوم الثلاثاء بمقر وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والمتوسطة والتشغيل والكفاءات بين وفد عن الاتحاد المغربي للشغل ووزير التشغيل، يونس السكوري، حول مشروع القانون التنظيمي رقم 1597 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
وانتقد الاتحاد المغربي للشغل مشروع القانون الذي يعنى بتنظيم حق الإضراب في المغرب، والذي تم تمريره من قبل مجلس النواب في جلسة عمومية يوم الثلاثاء 24 دجنبر الجاري، ليحال بعد ذلك إلى مجلس المستشارين في انتظار المصادقة النهائية. وأعرب الاتحاد عن استيائه من الطريقة التي صيغ بها هذا المشروع، معتبراً أنها تمت بشكل “انفرادي” ودون استكمال الحوار والنقاش مع الفاعلين الاجتماعيين.
تمكن وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، من تمرير مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، حيث حصل مشروع القانون على موافقة 124 نائبا، فيما عارضه 41 نائبا، وتمت دراسة والتصويت على أكثر من 330 تعديلاً قدمتها الحكومة والفرق والمجموعات النيابية والنواب غير المنتسبين.
وأوضح الوزير السكوري في كلمته أن المصادقة على هذا المشروع تمثل “مسؤولية تاريخية” لتعزيز المسار الحقوقي في المغرب، مشيراً إلى أن هذا القانون يحمل أبعاداً اجتماعية واقتصادية هامة، تتطلب مناقشة جادة ومراعاة المصالح العليا للمملكة بعيداً عن الانتماءات السياسية.
وأضاف السكوري أن الحكومة تسعى جاهدة إلى احترام المسار الحقوقي الذي سلكته المملكة وفقاً للدستور، مشيراً إلى التوجيهات الملكية السامية في خطاب افتتاح الدورة البرلمانية في 9 أكتوبر 2015، التي أكدت على أهمية تنزيل القوانين التنظيمية المتعلقة بممارسة حق الإضراب.
وتمحورت أهم التعديلات التي أُدخلت على مشروع القانون التنظيمي حول استهلال النص بديباجة تتضمن الأسس والمبادئ العامة والمرجعيات الأساسية لهذا المشروع، وتم تضمين هذه المبادئ بشكل توافقِي في المادة الأولى من القانون، وهو التعديل الذي نال موافقة الحكومة.
ويرى الاتحاد أن المشروع الذي كان من المفترض أن يعزز حقوق الطبقة العاملة المغربية ويضع إطاراً قانونياً ينظم ممارسة حق الإضراب “مشوبٌ بالغموض والتناقض”. ويتهم الاتحاد الحكومة بمحاولة “تكبيل وتجريم حق الإضراب” عبر وضع عدد من العراقيل التي “تفرغ هذا الحق الدستوري والإنساني من محتواه”، مما يجعل ممارسته “شبه مستحيلة”.
وكانت الحكومة قد تعهدت في اتفاق الحوار الاجتماعي لأبريل 2022 وفي ميثاق مأسسة الحوار الاجتماعي الموقع في أبريل 2023 أن تبني أي تشريعات جديدة بعد التشاور مع الأطراف الاجتماعية. لكن، وفقاً للاتحاد، فإن هذا المشروع “يخالف تماماً هذه الالتزامات” من خلال تمريره عبر الأغلبية البرلمانية في مجلس النواب دون الأخذ في الاعتبار ملاحظات النقابات.
وترى النقابة أن معظم المواد في المشروع لا تحمي حق الإضراب كما كان مأمولاً، بل على العكس، تمنح الأولوية لحقوق المشغلين في القطاعين الخاص والعام. ولفت الاتحاد إلى أن “ثلث مواد المشروع مخصص للعقوبات الزجرية” التي تتضمن غرامات مالية ضخمة، وهو ما يشكل عبئاً غير قابل للتسديد بالنسبة للعاملين والنقابيين.
ويعتبر الاتحاد أن إلغاء العقوبات السالبة للحرية في هذا المشروع هو “خدعة كبرى”، حيث إن العقوبات المالية الضخمة ستؤدي في النهاية إلى “الإكراه البدني” وبالتالي إلى السجن، ناهيك عن التهديد باللجوء إلى القضاء الاستعجالي واستخدام الفصل 288 من القانون الجنائي ضد المضربين.
وطالب المصدر ذاته الحكومة بإجراءات مصاحبة لهذا القانون التنظيمي تهم معالجة أسباب ودواعي الإضراب حتى لا يصبح هذا القانون ذريعة لتكبيل حق الإضراب وإنما لتطوير العلاقات المهنية والنهوض بالحوار الاجتماعي وبالمفاوضة الجماعية من قبيل احترام الحريات النقابية، واحترام تشريعات العمل الوطنية منها والدولية.
وشددت النقابة على ضرورة دعم أدوار وزارة التشغيل بتطوير جهاز تفتيش الشغل وتشجيع المفاوضة الجماعية وطنياً، جهوياً، قطاعياً وداخل المؤسسات الإنتاجية، واحترام إلزامية التصريح بالأجراء في القطاع الخاص لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وأعلنت النقابة التزامها بالصمود أمام أي مساس بحق الإضراب باعتباره حقاً دستورياً وإنسانياً، مهيبةً بكافة المناضلات والمناضلين في الجامعات والنقابات الوطنية والاتحادات المحلية والجهوية عبر التراب الوطني، إلى مزيد من التعبئة والاستعداد للتصدي لهذا القانون التراجعي التكبيلي لحق الإضراب.
وأشارت المركزية النقابية ذاتها إلى تعبئة فريقها البرلماني بمجلس المستشارين من أجل الترافع الجاد والمسؤول والدفاع المستميت عن حق الإضراب خلال أطوار مناقشة مشروع هذا القانون بالغرفة الثانية وذلك خدمةً لمصالح الأجراء والحركة النقابية وخدمةً للبلاد.
وخلص الاتحاد إلى أنه ليس ضد سن قانون تنظيمي لممارسة حق الإضراب شريطة أن يؤدي هذا القانون إلى حماية وضمان هذا الحق الدستوري والإنساني، وأن يكون عادلاً ومتوازناً ودون انحياز لصف الباطرونا على حساب حقوق وحريات الطبقة العاملة ومنظماتها النقابية، المكفولة دستورياً وبالتشريعات الوطنية وبالمواثيق الدولية.
المصدر: العمق المغربي