عادت قضية الزمن المدرسي لتطفو على السطح مجددا، في خضم النقاش العمومي حول سبل إصلاح المنظومة التعليمية، حيث جددت النقابة الوطنية للتعليم، المنضوية تحت لواء الكنفدرالية العامة للشغل، مطلبها المركزي بتخفيض ساعات التدريس.
وفي هذا السياق، أكد الكاتب الوطني للنقابة، ربيع الكرعي، في تصريح خص به جريدة “العمق”، أن هذه الدعوة ليست مطلبا فئويا ضيقا بل تمثل خيارا تربويا واجتماعيا يخدم المدرسة العمومية ويحمي حق المتعلمين في تعلم فعال وذي جودة، ويصون في الوقت ذاته كرامة الشغيلة التعليمية.
وأوضح الكرعي للجريدة ذاتها أن الوضع الحالي يكشف عن اختلال واضح في تنظيم الزمن المدرسي، حيث يفرض على التعليم الابتدائي عبء يصل إلى 32 ساعة أسبوعيا، مقابل 24 ساعة في السلك الثانوي الإعدادي و21 ساعة في الثانوي التأهيلي.
وأشار المسؤول النقابي إلى أن هذه الحمولة الزمنية الثقيلة لا تنسجم مع الخصائص النفسية والمعرفية للمتعلمين، خصوصا في السلك الابتدائي حيث يشكل هذا الضغط عبئا حقيقيا على طفل في طور التكوين الأساسي، ما يؤدي إلى تراجع التركيز وضعف الاستفادة وإنهاك جماعي للأستاذ والتلميذ، خاصة في ظل أقسام تعرف الاكتظاظ وتراكم البرامج.
وأضاف في تصريحه لـ”العمق” أنه رغم انخفاض عدد الساعات نسبيا في الثانوي الإعدادي والتأهيلي، فإن طبيعة المواد الدراسية وتشعب المسارات وكثافة المقررات، إلى جانب ضغط الفروض والدعم والتقويم، تجعل زمن العمل الأسبوعي مرهقا وغير متلائم مع المقاربات البيداغوجية الحديثة.
وتابع الكرعي أن مرافعة النقابة لا تقوم على منطق تقليص الجهد في حد ذاته، بل تنطلق من ضرورة إعادة هيكلة الزمن المدرسي بشكل عقلاني يركز على المواد المحورية داخل كل شعبة ويحترم خصوصيات المسارات الدراسية بدلا من الإغراق في حصص زمنية لا تنتج تعلما فعليا.
وكشف المتحدث أن المقارنات الدولية تؤكد أن رفع جودة التعليم لا يتحقق بتضخيم عدد الساعات، وإنما يتحقق عبر تحسين مردودية الحصة الدراسية وتخفيف البرامج وتوفير شروط عمل إنسانية ومهنية تحفز الأستاذ على الإبداع والعطاء.
وطالب في ختام تصريحه بتخفيض محسوب ومبني على أسس بيداغوجية لساعات التدريس، على أن يكون ذلك مرفوقا بإصلاح عميق للمناهج والبرامج، وفتح حوار اجتماعي جاد ومسؤول، لأن جودة التعلمات، كما أوضح للجريدة، لا يمكن فصلها عن كرامة الأستاذ وظروف اشتغاله.
المصدر: العمق المغربي
