نقابة تصف إغلاق كليات الشمال بـ”الانحراف” وتدعو جامعة السعدي لسحب اتفاقيتها مع إسرائيل
تتواصل الإدانات المرتبطة بقرار رئاسة جامعة عبد المالك السعدي القاضي بتوقيف الدراسة لمدة أربعة أيام بمؤسسات الجامعة وإغلاقها، بسبب نشاط لفصيل طلابي حول غزة، وما أعقبه من تطويق أمني لكليات تطوان ومرتيل.
فبعد النقابة الوطنية للتعليم العالي بالمغرب، ندد المكتب الجهوي للنقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي، بقرار رئاسة الجامعة، مشيرا إلى أن القرار اتخذته الجامعة دون الرجوع إلى الهياكل الجامعية ودون الاستشارة مع باقي شركائها.
ووصفت النقابة المغربية للتعليم العالي هذا القرار بـ”الانحراف” و”غير المسبوق”، مشيرة إلى أنه “حيثياته ودوافعه الباطنة لا تزال تُجهل”، وفق بلاغ لها، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه.
وأوضحت النقابة أن القرار “من شأنه التأثير على السير الطبيعي للدراسة والبحث العلمي في جميع مؤسسات الجامعة، ويزرع الشك في قدرة جامعتنا على تدبير مشاكلها بكل حكمة وبصيرة”.
وترى النقابة ذاتها، أن “الجامعة المغربية بكل مكونتها، والتي يراد لها أن تكون قاطرة للتنمية والتطور ومنارة لبناء الإنسان، يعيبها مثل هذه الإنحرافات التي تسيء لبلدنا الذي نروم جميعا أن يكون نموذجا يحتذى به في أفريقيا والعالمين العربي والإسلامي”.
واعتبر البلاغ أن “الجامعة المغربية التي نريد أن تكون رائدة فكريا وعلميا وتقنيا، ينبغي أن تبقى أيضا ساحة للكلمة الحرة وميدانا لتلاقح الأفكار بعيدا عن العنف والإقصاء، ولا تضيرها بتاتا الأفكار المخالفة”.
وعبرت النقابة عن “تضامنها المطلق مع المقاومين في غزة وفي كل فلسطين ضد الصهيونية التي تمارس القتل والدمار في حق الأبرياء بكل صلف وعنجهية وبمباركة قوى الاستكبار”، مطالبة الجامة بالتراجع عن اتفاقية الشراكة المبرمة مع دولة الاحتلال.
تطويق أمني
وشهدت كلية العلوم بمدينة تطوان، صباح اليوم الخميس، تطويقا أمنيا مكثفا لمنع تنظيم نشاط طلابي حول غزة، بعد قرار جامعة عبد المالك السعدي القاضي بتوقيف الدراسة وإغلاق جميع مرافق كليات تطوان ومرتيل، أيام 20 و21 و22 و23 مارس الجاري، وذلك بسبب النشاط الذي كان يعتزم تنظيمه فصيل طلبة العدل والإحسان.
ورغم قرار المنع، أصرت الكتابة الوطنية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، والتي يسيرها فصيل طلبة العدل والإحسان، على التوافد أمام بوابة كلية العلوم من أجل تنظيم النشاط، إلا أن قوات الأمن ضربت طوقا حول الطلاب لمنعهم من الدخول.
واحتج الطلاب على منعهم من تنظيم نشاطهم، رافعين شعارات تندد بما يعتبرونه “استمرارا لمسلسل قمع الأنشطة الداعمة لفلسطين والرافضة للتطبيع”، مستنكرين “الاختراق الأمني للحرم جامعي” وفق تعبيرهم.
وردد الطلاب هتافات من قبيل: “سدو سدو الكليات.. غلقو غلقو الجامعات.. ما مفاكينش ما مفاكينش.. على غزة ما مفاكينش”، “الطالب يريد.. تنظيم الملتقى”، “حقوق الإنسان.. والجماهير شوفي مزيان”، “لا لا ثم لا.. للتطبيع والخيانة”، “كلنا فدا فدا.. فلسطين الصامدة”.
ولم تسلم الاحتجاجات من مناوشات بسيطة بين مسؤولين أمنيين وممثلي طلبة العدل والإحسان، قبل أن يقرر المحتجون قراءة سورة الفاتحة ترحما على أرواح شهداء غزة، ثم الانسحاب من أمام الكلية.
ويتعلق الأمر بـ”ملتقى القدس” في نسخته السادسة، تحت شعار: “طوفان الأقصى.. شرف الأمة وعزتها، عنوان نصرها وسبيل تحررها”، وهو نشاط تنظمه سنويا الكتابة الوطنية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب (طلبة العدل والإحسان).
وكانت رئاسة جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، قد أفادت في بلاغ لها، بأن “مجموعة من المؤسسات الجامعية بتطوان ومرتيل، توصلت أمس الإثنين بإشعار من فصيل طلابي يخبر عن عزمه تنظيم نشاط طلابي أيام 21 و22 و23 مارس برحاب الجامعة”.
وقال البلاغ إنه “بعد الاطلاع على ملصق هذا النشاط، اتضح بأن الأمر يتعلق بملتقى وطني، ويتجاوز نشاطا طلابيا موجها إلى طلبة جامعة عبد المالك السعدي، كما اتضح بأن الجهة المنظمة لهذا النشاط غير مرخص لها”.
وقررت رئاسة جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، عدم الترخيص بتنظيم هذا الملتقي ومنع تنظيمه بجميع مؤسسات الجامعة، وفق البلاغ ذاته.
وبررت الرئاسة قرارها بناء على ما اعتبرته “استحضارا لمصلحة طلبة جامعة عبد المالك السعدي في ضمان ظروف سليمة للتحصيل العلمي والأكاديمي”.
كما أرجعت أسباب القرار إلى “تفادي ما يمكن أن يخلقه هذا الملتقى من توترات داخل الساحة الطلابية”، مشيرة إلى أنها اتخذت القرار “بعد تدارس هذا المستجد مع رؤساء المؤسسات الجامعية المعنية”.
“ضرب لاستقلالية الجامعة”
وفي تفاعله مع القرار، قال صابر إمدنين، الكاتب الوطني للاتحاد الوطني لطلبة المغرب (فصيل طلبة العدل والإحسان)، إن منع هذا النشاط “يضرب في استقلالية الجامعة ويشير إلى أن اختراق التطبيع للجامعات أصبح واضحا”.
وأوضح إمدنين في اتصال سابق لجريدة “العمق”، أن “ملتقى القدس” كان سيناقش في نسخة هذا العام، الحرب في غزة وملف التطبيع، بمشاركة اتحادات طلابية من فلسطين وموريتانيا تونس.
واعتبر أن منع النشاط هو “استمرار لقمع الأنشطة المناهضة للتطبيع”، مشيرا إلى أن إغلاق الكليات وتوقيف الدراسة يمثل “احتقارا للأساتذة والطلبة على حد سواء”، وفق تعبيره.
وكشف المتحدث أن هذه ثالث مرة، على التوالي، يتم فيها منع هذا النشاط، بعدما تم منعه في جامعة القنيطرة سنة 2021، وفي جامعة الدار البيضاء، السنة الماضية.
وأضاف بالقول: “الجميع تابع كيف تم تعنيف وقمع الطلبة في القنيطرة والدار البيضاء، عقب اقتحام قوات الأمن للحرم الجامعي، وهو ما خلف عشرات الإصابات في صفوف الطلاب، والآن يتكرر المنع بنفس الطريقة عبر إعلان إغلاق الكليات وتوقيف الدراسة”.
وأشار المسؤول الطلابي إلى أن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب “أوطم”، قام بإشعار الكليات المعنية بتنظيم النشاط، ولم يطلب ترخيصا “لأننا فصيل طلابي وجزء من الجامعة، وهذا هو العرف الجامعي” وفق تعبيره، لافتا إلى أن المكتب الوطني لـ”أوطم” سيناقش الموضوع لاتخاذ الخطوات المناسبة.
المصدر: العمق المغربي