نصوص غير كافية وعقوبات بلا سند قانوني.. إشكالات تحول دون فاعلية مدونة السير
طرحت القاضية بالمحكمة الابتدائية بمراكش المكلفة بمادة حوادث السير، سعاد دادا، جملة من الإشكاليات التي تحول دون تطبيق النصوص القانونية المتعلقة بمدونة السير، إما لعدم كفايتها أو صعوبة إثباتها، وحتى غياب نصوص خاصة بعقوبات بعض الجنح.
وقالت القاضية في مداخلة لها، حول دور القضاء في تحقيق السلامة الطرقية، إن حوادث السير من “المعضلات المستمرة في تصاعد مضطرد، حتى أصبح يبدوا أنها تستعصي على الحل، بسبب تزايد عدد العربات وتشابك حركات السير”.
وأشارت إلى أن حوادث السير حصدت ولازالت تحصد الكثير من الأرواح، وتسبب العديد من الإعاقات مخلفة الكثير من المآسي الاجتماعية، لذلك جيء بقانون 52/05 بمثابة مدونة السير، والتعديلات اللاحقة بها في غشت 2016، لردع وزجر المخالفين.
إلا أن هذه الترسانة القانونية، وفق سعاد دادا “غير كافية لتحقيق السلامة الطرقية”، مشددة على ضرورة “مراجعتها للوقوف على مكامن النقص فيها وتدارك الإشكالات القانونية المطروحة”.
وزادت أنه رغم وفرة النصوص القانونية والتنظيمية، إلا أن الجهاز القضائي، يجد صعوبات في تطبيق هذه النصوص، بسبب عدد من الإشكاليات التي يطرحها الموضوع.
عقدة “التريبورتور”
من هذه الإشكاليات، تورد القاضية المذكورة، تلك المتعلقة بالدراجات الثلاثية العجلات، وما تشكله من خطورة واضحة على مستعملي الطريق العمومي، فإنه وإلى الآن لم يصدر قانون تنظيمي يعالج كيفية الحصول على رخصة السياقة الخاصة بها.
هذا الوضع، يجعل القاضي وفق المتحدثة، ملزم في حالة متابعة السائق بعدم التوفر على الرخصة بالتصريح بالبراءة، فضلا على أثر ذلك على الدفع بانعدام الضمان (التأمين).
إضافة إلى ذلك، فإن صانع هذه الدراجات لم يحدد عدد المقاعد المسموح بحملها على متن هذه الدراجة وبذلك سائقها له حق حمل عدد غير محدد من الركاب دون جزاء قانوني يذكر.
في النقل بلا رخصة
أشارت القاضية في مداخلتها، إلى أن الجديد الذي جاء به العمل القضائي هو أن المحكمة غير مختصة للبت في مآل رخصة السياقة، وأنها تحال على الإدارة المختصة والتي عليها تحديد مدة توقيفها حسب الأحوال إما 3 أشهر أو ستة، والمحكمة أصبح دورها مقتصرا في البت في الغرامة وإرجاع الناقلة ليس إلا.
لكن المشكل المثار هنا وفق كلام المتحدثة، هو كيف للإدارة أن تحدد حالة العود لتشديد مدة التوقيف والحال أن هذا من اختصاص القضاء دون غيره.
إثبات حالة السكر
تلزم المادة 183 من مدونة السير خضوع المتهم لرائز تحديد نسبة الكحول المنبعث في الهواء، إلا أنه و بعد تفشي وباء كورونا أصبح الرائز في حكم العدم ولا يلجأ إليه حتى في حالة الإنكار المطلق للمتهم والمنازعة في السكر.
لذلك فإن المحكمة في حالة غياب محضر المعاينة وفق مرسوم 1967 وفي حالة إنكار المتهم حالة السكر البين، وإن أشير في المحضر إلى أن المتهم تبعث منه رائحة الخمر، وإن أفاد المتهم بأنه احتسى كمية دون أن تصل إلى السكر، فإن المحكمة تحكم بالبراءة من السياقة في حالة السكر، وتدينه من أجل السكر العلني لأن الأولى تتطلب درجة محددة تتجاوز نسبة الـ0,01.
جنحتان
تتابع النيابة العامة شخصا واحد من أجل جنحة الفرار عقب ارتكاب حادث، وجنحة عدم تقديم المساعدة لشخص في خطر، رغم أنهما فعل واحد، فلا يمكن لفعل واحد أن يعطى أكثر من تكييف وبذلك فإن المحكمة تدينه من أجل الأولى دون الثانية.
مخالفات غائبة
سجلت القاضية سعاد دادا، كذلك عدم شمل مدونة السير على عقوبات لبعض المخالفات، منها: غياب قانون يعاقب على عدم تقديم وثائق المركبة رغم أنه كان لها محل في قرار 1953، والجزاء الوحيد هو ايداع المركبة في المحجز إلى غاية تسوية الوضعية.
وذكرت أيضا جنحة السياقة الاستعراضية، فهي غير مجرمة من الناحية القانونية إلا أنها أصبحت تدخل في إطار مخالفة عدم احترام قواعد السير المطبقة على الدراجات النارية، طبقا للمادة 186 من مدونة السير، وهي متابعة فضفاضة يمكن أن تسري على مجموعة من الأفعال الجرمية بعيدا عن الدقة في التحديد.
وأشارت أيضا إلى أن عدم صلاحية رخصة السياقة، فهي لا تعني جنحة عدم التوفر على رخصة السياقة. وعدم تنظيم مخالفة انعدام الضريبة السنوية، مشيرة إلى أن هناك محاكم تدين ومحاکم تبرئ ونيابات عامة تتابع وأخرى تحفظ.
وفي ما يتعلق بجنحة إدخال تعديلات على الناقلة دون المصادقة عليها طبقا للمادة 157 من مدونة السير، قالت القاضية، إن المحكمة تواجه مشكلة في إثبات من قام بالتعديلات، خاصة أمام تصريح المتهم بأنه اشتراها من محل على حالتها ولم يعمل على إدخال أي تغيير عليها.
المصدر: العمق المغربي