اخبار المغرب

نصوص الحلال والحرام مجالها العبادات أما المعاملات فليس مجالها النصوص بل المصلحة والعقل اليوم 24

قال عبد اللطيف وهبي وزير العدل، إنه يجب التمييز بين حقلي العبادات والمعاملات، حين الحديث عن النصوص التي تشير إلى الحلال والحرام. وقال خلال لقاء نظمته مؤسسة الفقيه التطواني، أمس بسلا،  إن المرجع والحكم في العبادات هو النقل من نص أو تواتر العمل، مشيرا إلى أنه لا مجال للعقل في تحديد أعداد الصلوات، أو شهر الصيام، أو مكان الحج.

أما المعاملات، فيقول وهبي إن الأصل فيها  هو سلطة المصلحة والعقل, وقال إن هذا التمييز منطقي، لأن العبادة غرضها الروح، وأسسها غيبية لا يدركها العقل، وقد يدرك جزءا منها دون إدراك كل مغازيها ومقاصدها، والنص من يكشف عن ذلك أو يحجبه، بعيدا عن أي بعد منطقي أو عقلاني.

وأما أحكام المعاملات، فحسب وهبي، فليست بقضايا غيبية ولا روحية، وإنما أساسها العقل والصالح العام، فكل ما كان منها منسجما مع المصلحة العامة للمجتمع العقلاني فهو حلال، وما كان منها مصادما للمصلحة العامة ومضرا بها فهو الحرام، “بغض النظر عن النصوص الجزئية التي وردت في هذه الأبواب” لارتباطها بسياقها التاريخي والثقافي، ومناطها المختلف باختلاف الأزمان والأماكن، فارتباطها إنما هو بالقيم المنشئة لها، وبالتالي ليست أحكاما لازمة لكل المجتمعات ولكل الفترات الزمنية.

في سياق  متصل تساءل وهبي  حول علاقة الإسلام بالتاريخ وتقلباته وقوانينه وآفاقه، وقال إنها علاقة معقدة ترد عليها عدد من المتغيرات، “فالدين في أصله خطاب في المطلق، مجرد عن الزمان والمكان”، والتاريخ “متحول وحيوي ومتغير”، فالدين، حسب قوله يهدف إلى الهيمنة على التاريخ، والتاريخ بحكم ديناميته وارتباطه بالزمان والمكان ينزع للتمرد على هذه الهيمنة، وهو ما يفرض على الدين في الأخير أن يعيد إنتاج نفسه باستمرار، حسب ما تقتضيه الخصوصيات الزمانية والمكانية.

ولتحقيق المصالحة بين هذين المكونين، بحيث يكون الدين صالحا لكل زمان ومكان، ومستوعبا لكل تغيرات التاريخ وتحولاته، يقول وهبي “لابد من إعادة مفهومنا وتصورنا للدين، واعتباره منظومة قيم إنسانية كونية، أَكْثَرَ مِنْ كَوْنِهِ جُمْلَةً من الأحكامِ النصيةِ المرتبطة بسياقاتٍ تاريخية وثقافية مَخْصُوصَةٍ.”

وكان ابو بكر الفقيه التطواني، رئيس مؤسسة الفقيه التطواني أشاد خلال تقديم الندوة بمبادرة الوزير وهبي إلى اقتراح هذا اللقاء وعنوانه معتبرا أنها مبادرة وخطوة مهمة نحو الإبداع “لن أحل ماحرم الله، ولن أحرم ما أحل الله” بين الدلالة الشرعية والتوظيف الإديولوجي”، واعتبر أن هذه المبادرة النوعية تساهم في إثراء النقاش العمومي وتحفيزه من خلال القراءة والتأويل والتفاعل.
وقال “نحن في حاجة اليوم إلى هذا النقاش وفي حاجة أن نملأ الساحة بمضمون ومعنى وبجرأة تؤهلنا للخروج من المألوفات والقوالب الجاهزة التي تعفينا من التفكير.
وقال ان العديد من المفكرين المسلمين يتساءلون في عالمنا اليوم، حول واقع العالم الذي نعيشه مسجلين بكونه ليس من صناعتنا لا فلسفيا ولا معرفيا ولا تكنولوجيا، وعن واقع الإنتاج المعرفي الذي في نظرهم، انقطع منذ ستة قرون، فالحاجة تدعو إلى تفاعل عبقرية الإنسان مع المحيط وأن نتحول من حاملي علم فقط بل إلى منتجيه.

أعود إلى عنوان هذه الندوة التي توحي في المقطع الأول منها، إلى منطوق ملكي سامي تؤطره نصوص قرآنية قطعية فيما يشكل المقطع الثاني طابعا سجاليا، وليكن كذلك، نحن نريد من هذه الندوة الفكرية مناقشة الشأن العمومي بعقل منفتح، مستبعدين منذ البداية القول بكون قضايانا الكبرى محسومة حتى قبل أن نطرحها للتفكير.
الأستاذ عبد اللطيف وهبي، يطرح للنقاش بأسلوبه الخاص موضوعا مجتمعيا على قدر كبير من الأهمية، متحررا فيما يبدو من صفته الرسمية كوزير العدل كما جاء على لسانه خلال اللقاء الفكري الأخير، ولكن بصفاته النضالية والحقوقية والنقدية.
وليكن كذلك، وندعوه الآن إلى تناول الكلام بصفته عبد اللطيف وهبي الإنسان الذي نعرفه.

 

المصدر: اليوم 24

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *