نشطاء يدعمون “تكوينات طاقية” لتعزيز العدالة الاجتماعية في المغرب

بالموازاة مع السعي المغربي المتوصل نحو تسريع الانتقال الطاقي المستدام والنظيف، وتخفيض الاعتماد على الوقود الأحفوري في مختلف القطاعات، وعلى رأسها الصناعة والفلاحة، أكد ناشطون بيئيون وخبراء في التنمية المستدامة ضرورة تكريس “العدالة الاجتماعية للتحول المنشود؛ من خلال الحرص على توفير الحماية الاجتماعية والتكوين اللازم في ميدان الطاقات المتجددة لمختلف العمال والفلاحين الذين يرتبط قوتهم اليومي بأنشطة تعتمد أساسا المصادر الطاقية الملوثة”.
هؤلاء الناشطون رفعوا المطلب المذكور عشية تخليد اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، الذي أكدت بمناسبته الأمم المتحدة أن “تعزيز التحول العادل نحو مستقبل مستدام يعني التأكد من أن توجهنا نحو اقتصادات منخفضة الكربون يعود نفعا للجميع، وبخاصة الفئات الأشد ضعفا”، مبرزة أن “ذلك يتطلب نهجا شاملا يُدمج الاستدامة البيئية مع العدالة الاجتماعية، ويضمن حصول العمال والمجتمعات المهمشة على الدعم الذي يحتاجون إليه ببرامج إعادة التدريب، وإيجاد فرص العمل”.
وفي هذا الصدد، استحضر الناشطون أنفسهم “التوجيه الملكي بأن الانتقال الطاقي يجب أن ترافقه مواكبة العمال والفلاحين وغيرهم من التكوين اللازم في المهارات المرتبطة بالقطاعات الخضراء والابتكار، فضلا عن الاعتماد على الخبرات الوطنية”.
“انتقال عادل”
مصطفى العيسات، خبير في التنمية المستدامة والبيئة والمناخ، قال إن “ضمان تشكيل المشتغلين ضمن الصناعات المرتبطة بالوقود الأحفوري قاعدة الإنتاج في المشاريع الاستثمارية بالقطاعات الخضراء التي يتم تنفيذها، طالما دعا إليه الملك محمد السادس في تصوره للانتقال الطاقي ولمستقبل هذه المشاريع”، لافتا إلى أن “هذا التصور يقوم على ضرورة مواكبة عملية الانتقال بالتكوين اللازم في المهارات الخضراء والابتكار والاعتماد على الخبرات الوطنية”.
وأضاف العيسات، ضمن تصريح لهسبريس، أنه “في خضم الطموح المغربي نحو تسريع الانتقال الطاقي، يتعين على النقابات التي يبدو أنها تخلت عن أدوارها في هذا الجانب أن تستشرف المستقبل عوض الانتظار حتى تقع الكارثة، واللجوء حينئذ إلى حلول ترقيعية”، شارحا أن “الإشكال يتمثل في كون البرامج الحكومية المغربية، على هذا الصعيد، تفتقر إلى الدراسات الاستراتيجية التي من شأنها أن تصل بالمغرب إلى مصاف الدول المتقدمة على مستوى الانتقال الطاقي”.
بالمقابل، أورد المتحدث نفسه أنه “أساسا التغيرات المناخية التي يتسبب بها الانتشار الواسع للكربون هي السبب وراء الهشاشة الاجتماعية بالكثير من القرى، حيث نتحدث عن فقدان أكثر من 300 ألف منصب شغل بالعالم القروي”، مفيدا بأنه “بخلاف ذلك فإن الانتقال الطاقي النظيف سيوفر مناصب شغل جديدة، ليمتص العطالة قد يخلفها التخلي عن الوقود الأحفوري”.
وشرح العيسات أن “مشاريع الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر ومحطات تحلية مياه البحر كلها تحتاج الآلاف من التقنيين والعمال والمراقبين”، مبرزا أنه “أساسا نحن لن نصل إلى 100 في المائة من الانتقال الطاقي في غضون عشر سنوات مثلا”، مشددا على أن “الكلفة الأثقل في نهاية المطاف هي تداعيات التغيرات المناخية، التي ليست سهلة بل خطيرة”.
“جُهد يحتاج التثمين”
أكد مصطفى برامل، خبير بيئي رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية، أنه “مبدئيا، الانتقال الطاقي يحقق العدالة الاجتماعية؛ ففي المغرب مثلا سكان عديدون بالمناطق الفلاحية القروية والجبلية كانوا يلاقون صعوبة في الوصول إلى مصادر الطاقة، ما كان يضطرهم إلى الاعتماد على حطب الغابات دائما؛ غير أنه اليوم بات جزءا مهما من هؤلاء يستخدمون الطاقات المتجددة، عوض الوقود الأحفوري والغاز”.
وقال برامل، ضمن تصريح لهسبريس، إن “توسيع شبكة الطاقة الشمسية في كل ربوع المملكة يهدف إلى تسريع الانتقال الطاقي وتوفير الإضاءة بأقل تكلفة”، مُردفا أن “المغرب يمضي في تكريس هذا الأمر من خلال البحث العلمي، وتشجيع الزراعة من خلال توزيع آلات تشتغل بالطاقات الشمسية، فضلا عن الحملات التحسيسية باستخدام الأخيرة بعقلانية”.
بالمقابل، شدد الخبير نفسه على أن “هذه المجهودات تبقى غير كافية أمام تطلعات المغرب والمواطنين”، مضيفا أنه “من خلال مشروع الزراعة الذكية المستدامة، الذي كانت قد أطلقته الجماعية، وجدت أن أغلب الفلاحين يطالبون بدعم للألواح الشمسية وبتشجيع المقاولات المحلية بالطاقة الشمسية”.
وخلص برامل إلى أنه، وكما “يطالب هؤلاء كذلك، يجب أن يكون ثمة دعم لتكوين أبناء المزارعين والمزارعات، خصوصا في مسالك التدرج بشعب الطاقات المتجددة؛ من أجل تمكينهم من المعارف والمهارات اللازمة لاستخدامها وصيانتها”، بتعبيره.
المصدر: هسبريس