اخبار المغرب

نشطاء يتخوفون من “سوء تموقع الأمازيغية” في مشروع قانون المالية الجديد

أعلنت العديد من الفعاليات الأمازيغية “تشاؤمها” بخصوص ما ستؤول إليه النسبة التقديرية للحكومة في مشروع قانون مالية 2024، بحكم تعثر إحداث صندوق تمويل ورش تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية الذي كان يراد منه تعزيز العدالة اللغوية والثقافية، كما جاء في البرنامج الحكومي؛ الأمر الذي دفع الحركة الأمازيغية إلى القول إن “سنتين من عمل الحكومة مرّتا دون أي جديد في قضايا الشأن الأمازيغي”.

وعدّ الكثير من النشطاء الأمازيغ، منهم أحمد عصيد وعبد الله بوشطارت، أن “هناك فرملة حقيقية لأوراش الأمازيغية نتيجة عدم ضخ ما يكفي من الأموال لتنزيل الأوراش الكبرى المتصلة بلغة الأجداد. كما تم إسناد ميزانية الأمازيغية إلى وزارة وصية على قطاعات أخرى”، مع التشديد دائما أن “وضع قانون المالية يجب أن يراعي مستجدات الدستور والقانون التنظيمي، وخصوصا إعلان رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية مؤدى عنها”.

السهل الممتنع

قال الناشط الأمازيغي أحمد عصيد إن “الوضعية الحالية للأمازيغية تجعل الجهود تجد صعوبة في مسار التفعيل؛ بالنظر إلى أن الميزانية التي تخصص تتم ضمن برنامج الميزانية المخصصة لوزارة تحديث الإدارة والرقنة”، موضحا أن “هذا الارتباط يجب أن يتم فكه، لكونه من الممكن أن يجعل الميزانية المسندة للأمازيغية تنفق في رقمنة الإدارة أو في أمور أخرى دون أن تنفق في شؤون الأمازيغية”.

وشدد عصيد على أن “هذا مشكل حقيقي لكونه يتعلق بإنفاق أموال تتعلق بالأمازيغية قد تذهب في منحى لا يصب في صالح تفعيل طابعها الرسمي؛ ما سيجعل الميزانية تحسب زورا على الأمازيغية”، مسجلا أن “وضع قانون المالية المقبل يجب أن يراعي الاعتمادات الضرورية الكافية للإسراع في تكريس أوراش الأمازيغية بشكل شمولي في كل القطاعات، بما فيها التعليم والإعلام والثقافة والصحة…”.

واعتبر الناشط الأمازيغي أنه “في حالة ما إذا لم يكن هناك وضوح في قانون المالية المقبل فيما يتعلق بهذه الأمور عمليا، فإن معنى هذا أننا سنكون ضيعنا سنتين من الولاية الحكومية دون الوفاء بالوعود والالتزامات التي تروم تفعيلا حقيقيا للأمازيغية في كل مفاصل الدولة والمجتمع”، لافتا إلى أن “إدماج الأمازيغية في المنظومة التعليمية وتعميم تدريسها عموديا وأفقيا يحتمان رصد ما يحتاجه لميزانية التعليم، وخاصة فيما يتعلق بتكوين المكونين الكافيين”.

وتعليقا على القدر الذي يمكن اقتراحه لتغطية كافة القطاعات، قال المتحدث سالف الذكر إنه “لا يمكن للحركة الأمازيغية تقديم رقم معين حول الميزانية، لأن هناك مساطر معينة في وضع قانونها”، خاتما بأن “الراجح هو أن تضخ الحكومة ميزانية كافية لتغطية حضور الأمازيغية في كافة المجالات والقطاعات، ومراعاة آجال المحددة للتفعيل؛ لأنه يبدو أن الحكومة الحالية لا تلتزم بالأجندة الزمنية ولا تحترم المراحل التي ينص عليها القانون منذ سنة 2019”.

غياب المستجدات

قال الناشط الأمازيغي عبد الله بوشطارت: “على الرغم من المحاولات الكثيرة، فإن مشروع قانون مالية 2024 يبدو أنه لن يحمل أي جديد فيما يخص النهوض بأوضاع الأمازيغية؛ لأن الحكومة لا تتمتع بأي مشروع أو تصور أو إرادة في هذا الصدد”، معتبرا أن “ما تقوم به الحكومة لا يعدو أن يكون بعض الخرجات الإعلامية التي تزكي طرح أنه ليست هناك رؤية رسمية واضحة تتعلق بالأمازيغية”.

وأكد بوشطارت، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس، أن “الميزانية التي المرصودة في السنتين الأخيرتين كان واضحا أنها لم تخدم الثقافة واللغة الأمازيغيتين بقدر ما تكرس نوعا من الردة والنكوص والتراجع عن الكثير من المكتسبات”، موضحا: “بحكم انعدام الإرادة السياسية الحقيقية، وانعدام برنامج واضح، فلا أعتقد أنه ستكون هناك مقترحات في الميزانية العامة للدولة ستخدم هذه القضية”.

واعتبر المتحدث ذاته أن “الحكومة لم تف بعد بالكثير من التزاماتها؛ منها إحداث صندوق تمويل ورش تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية”، مفسرا بأن “الإعلام بدوره يتطلب ميزانية كبيرة تضخ له لكي تقوم القنوات بتطبيق دفاتر تحملاتها فيما يتعلق بالأمازيغية؛ فلا توجد قناة، باستثناء قناة “تمازيغت”، تلفزيونية أو إذاعية، تحترم هذه الدفاتر أو تحترم الحصص الزمنية المخصصة للأمازيغية والبرامج الناطقة بها”.

وأكد الناشط الأمازيغي أنه “بحكم الكثير من المؤشرات الموضوعية الموجودة، فإن حضور ورش ترسيم الأمازيغية في مشروع قانون المالية لسنة 2024، لا شك سيكون مخيبا للآمال مجددا”، مبرزا أن “الاعتمادات المالية في النهاية ليست هي كل شيء في هذه القضية؛ لكنها مهمة للمساهمة في تنزيل الكثير من المشاريع التي ستكرس حضور الأمازيغية في التعليم والصحة والإدارة والسياحة والثقافة والإعلام والمجتمع”.

وفي النهاية، تجدر الإشارة إلى أن الحكومة أنفقت، على مدى سنتين، نحو 500 مليون درهم فيما يخص الأمازيغية؛ فقد خصصت 200 مليون درهم برسم سنة 2022 و300 مليون درهم برسم قانون المالية لسنة 2023، مع تصور رسمي بأن تتم الزيادة التدريجية في هذا المبلغ لكي يصل إلى 1 مليار درهم في أفق سنة 2025؛ غير أن نشطاء أمازيغ كثيرين يعتبرون أن هذه المبالغ لا تكفي للوفاء بالتعهدات والالتزامات التي رفعتها الحكومة.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *