نسور ونمور .. وشوم الحيوانات تشكل خطرا داهما في الإكوادور
تشكل الوشوم التي تُظهر حيوانات، كالنسور والنمور، خطرا على حياة مَن يدقها في الإكوادور؛ لأنها قد تدل على انتمائه إلى إحدى العصابات الكثيرة المنتشرة في البلاد، والتي تتخذ من رسوم الحيوانات رموزا لها.
وتنشر عصابات كثيرة، بينها لوس لوبوس (الذئاب) ولاس أغياس (النسور) ولوس تيغيرونيس (النمر) وتشونيروس التي يشكل الأسد رمزها، الرعب في هذا البلد الصغير الذي كان يُعتبر واحة سلام بين كولومبيا وبيرو، باعتبارهما من كبريات الدول المنتجة للكوكايين في العالم.
وتُرفَع صور لذئاب أو أسود أو نسور أو نمور على جدران المنازل، للإشارة إلى أن الحي برمته تابع لإحدى العصابات؛ فيما يدق أفراد من هذه المجموعات وشوما تظهر الحيوانات المذكورة.
وفي مدينة غواياكيل الساحلية التي استحالت مركزا لتهريب المخدرات ولمختلف أعمال العنف بين العصابات، يولي المجرمون والشرطة أهمية كبيرة لعلامات الانتماء هذه.
وفي حديث إلى وكالة فرانس برس، قال شاب وشم على ظهره صورة نمر وفضّل أن يبقي هويته طي الكتمان: “أفضل دائما أن أبقي وشمي مخفيا تحت ملابسي”. وليس قرار هذا الشاب نابعا من كونه ينتمي إلى إحدى العصابات؛ بل لأنه بدأ منذ سنوات يهتم بالحيوانات والرموز المرتبطة بها، من دون أن يتخيل قط أن وشما مماثلا قد يعرض حياته للخطر.
وأضاف الشاب ذاته: “من العبثي جدا أن يُنظر إلينا، ويتم وصمنا” على أننا ننتمي إلى عصابة ما.
“موت محتم”
أفاد فنان وشوم، في حديث إلى وكالة فرانس برس، بأن فناني الوشوم أنفسهم واجهوا الاضطرابات و”قُتل بعضهم”. وقال الشاب، الذي لم يرغب في ذكر هويته لأنه كان يعمل في السابق لصالح إحدى العصابات، إن ما تعرض له فنانو الوشوم لم يكن “بسبب علاقاتهم مع العصابات؛ بل لأن شخصا ما اكتشف أنهم قاموا بتغطية وشم” ما أو أنجزوا وشما يظهر رمزا لعصابة منافسة.
وقال فنان وشوم آخر من غواياكيل: “أجري عمليات بحث عبر منصات التواصل الاجتماعي لمعرفة من يتواصل معي” رغبة منه في الحصول على وشم، مضيفا: “في ظل الخطر المحدق بنا، عليّ التصرف كعضو في مكتب التحقيقات الفيدرالي”.
وحسب ما هو جار راهنا، أكد الفنان ذاته أن الوشم قد يعني “موتا محتما”.
وخلال العمليات التي يجرونها، يبحث عناصر الشرطة والجنود عن أبسط وشم قد يكشف عن انتماء صاحبه إلى عصابة ما. ويُقدِمون على الخطوة نفسها مع الراغبين في الانضمام إلى القوات المسلحة، لحماية هذه الجهة الرسمية من أي اختراق محتمل.
وأوضح العقيد روبرتو سانتاماريا، قائد شرطة نويفا بروسبيرينا، وهو أكثر حي يستشري العنف فيه بغواياكيل، أن الوشوم باتت راهنا مرتبطة بالهوية والولاء للعصابات، كما الحال في أمريكا الوسطى مع الـ”ماراس”؛ وهي عصابات إجرامية، بينها “إم إس13” أو “باريو 18” التي يدق أعضاؤها وشوما على كامل أجسامهم وعلى وجوههم أحيانا.
وقال سانتاماريا لوكالة فرانس برس إن “ثقافة المخدرات تؤدي إلى ابتكار أساطير وروايات، وهي وسيلة لتجنيد القُصر من خلال جعلهم يعتقدون أنهم جزء من هيكلية”.
وتظهر على هاتفه المحمول صور لرجال تغطي وشوم الحيوانات بشرتهم ويحملون أسلحة كلاشنكوف.
وقال سانتاماريا: “لكل عصابة ما تتميز به. فيشكل رمز +لوس تيغيرونيس+ مثلا نمرا يضع قبعة مع نجوم تمثل التسلسل الهرمي داخل العصابة”.
وفي نظام السجون العنيف جدا في الإكوادور، حيث تسببت الاشتباكات بين العصابات بمقتل 460 شخصا منذ العام 2021، فضلا عن العثور على ضحايا مبتوري الأطراف أو مقطوعي الرؤوس أو محروقين، يمثل الوشم مرادفا للحياة أم الموت.
وأشار سانتاماريا إلى أن الأشخاص المُدانين للمرة الأولى “يعرفون عن أنفسهم من خلال الوشوم الموجودة على أجسامهم، حتى لا يتم زجهم في قسم تديره عصابة منافسة؛ لأنهم يدركون أن نقلهم إلى مكان لا تسيطر عليه عصابتهم سيعرضهم للموت”.
المصدر: هسبريس