نسبة أطباء الإدمان بالمغرب لا تتجاوز % 0,09 ووزارة الصحة تفتقر لخطة مواجهة الانتحار
كشف المجلس الأعلى للحسابات، عن غياب خطة عمل وقائية خاصة بالتكفل بالصدمات النفسية والوقاية من الانتحار، مسجلا أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، لا تتوفر على خطة عمل وقائية خاصة بالتكفل بالصدمات النفسية إبان الأزمات أو الطوارئ أو الكوارث ولا سيما بالنسبة لبعض الفئات كالأطفال والشباب وكبار السن.
وبالنسبة للانتحار، أكد المجلس ضمن تقريره السنوي 2023 2024 ، أنه على الرغم من أن مخطط الصحة 2025، نص على وضع استراتيجية للوقاية منه، وأن الدراسة التحليلية الخاصة بها تم إنجازها سنة 2019 ، فإنه لم يتم بعد اعتماد خطة متكاملة في هذا المجال، مشيرا إلى أن معدل الانتحار يقارب 5 حالات لكل 100.000 نسمة (معطيات (2012).
فجوة العلاج
وفي معرض ردها على المجلس الأعلى للحسابات، أفادت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، أنها قامت بوضع خطة استراتيجية للوقاية من الانتحار سنة 2022، وأكد المجلس أنه على الرغم من أن هذه الخطة لم يتم نشرها بعد، فإن بعض إجراءات الخطة تم تنفيذها بالفعل مثل برنامج سد الفجوة في مجال الصحة العقلية “mhGAP ” لتحسين الوصول إلى رعاية الصحة العقلية وتقليص فجوة العلاج، وكذا برنامج تطوير المهارات النفسية الاجتماعية للمراهقين والشباب في المدارس.
وسجل المجلس الأعلى للحسابات، أنه على الرغم من أن الأطفال والمراهقين والمسنين والمدمنين من بين الفئات السكانية الأكثر عرضة لمشاكل الصحة العقلية، فإن التدابير والإجراءات الوقائية تجاه هذه الفئات في الاستراتيجيات الحالية في حاجة إلى التعزيز.
وتعتبر منظمة الصحة العالمية، أن برامج تعلم المهارات النفسية والاجتماعية، وخاصة في الوسط المدرسي من بين استراتيجيات الترويج الأكثر فعالية في مجال الصحة العقلية.ونبه المجلس الأعلى للحسابات، إلى “محدودية تنفيذ برنامج المهارات النفسية والاجتماعية في المؤسسات المخصصة للأطفال والشباب”.
ويعاني نظام مراقبة الصحة العقلية من نقائص تجعله غير قادر على إنتاج بيانات ومعلومات واقعية تمكن من وضع الاستراتيجيات ذات الصلة، وقياس التقدم المحرز للخطط والاستراتيجيات الوزارية في مجال الصحة العقلية، وفق ما كشف عن ذلك المجلس الأعلى للحسابات مشيرا إلى أنه لم يتم منذ قرابة 20 سنة إجراء دراسة استقصائية بشأن انتشار الاضطرابات العقلية بين عموم الساكنة.
وأوضح المجلس، أنه أجرى تقييما للجوانب الجوانب المتعلقة بالوقاية وتعزيز الصحة العقلية ومدى إدماجها في منظومة الصحة العقلية، وذلك من خلال تحليل الإجراءات والتدابير المخطط لها والمنفذة في إطار استراتيجيات وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في شقها المتعلق بالصحة العقلية.
وسجل المجلس، أنه بالرغم من أن الاستراتيجيات المخصصة للصحة العقلية تعطي حيزا هاما لتعزيز الوقاية من الاضطرابات العقلية، فإن الوضع ما زال في حاجة إلى مضاعفة الجهود لاسيما من لدن وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية.
قصور مراكز الإدمان
من جانب آخر، كشف المجلس الأعلى للحسابات، عن أوجه القصور المرتبطة بمدى تغطية وتدبير مراكز الإدمان، مبرزا أن مراكز الإدمان، “تعتبر مراكز طبية اجتماعية تتكون من قطب طبي تدبره وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وقطب اجتماعي تشرف عليه جمعيات في إطار اتفاقيات شراكة”.
وسجل المجلس، أن نسبة التغطية بأطباء الإدمان لا تتجاوز معدل 0,82 % للمركز الواحد كما أن هذه النسبة تبلغ 0,09 %بالنسبة للأخصائيين النفسيين وأخصائي العلاج النفسي الحركي، لافتا إلى أن الزيارات الميدانية لمراكز الإدمان، أبانت عن نقص حاد وانقطاع متكرر في التزويد بالأدوية وعدم فعالية آليات التعاون بين القطبين الطبي والاجتماعي في غياب خطط عمل سنوية مشتركة بين هذين القطبين أو خطط عمل متعددة السنوات توضح المشاريع الطبية والاجتماعية المرتقبة لهذه المراكز.
وكشف تقرير المجلس، أن سبع جهات فقط، من أصل 12، تتوفر على مركز إدمان أو تقدم خدمة متعلقة بالإدمان، علماً أن المخطط الاستراتيجي الوطني للوقاية والتكفل باضطرابات الإدمان وعلاجها 20182022) نص على توفير هذه المراكز بجميع الجهات، مشيرا إلى أن هذا المخطط نص على تخصيص على الأقل سريرين إلى خمسة أسرة للأشخاص الذين يعانون من الإدمان.
وأكد تقرير المجلس الأعلى للحسابات، أنه لم يتم إنشاء هذه الوحدات، ووحدها المراكز الاستشفائية الجامعية بالرباط والدار البيضاء وفاس تتوفر على أسرة مخصصة لاستشفاء هذه الفئة، منبها إلى أن تسيير مراكز الإدمان يعرف نقصا في الموارد البشرية، ولا سيما الأطباء النفسيين والأخصائيين النفسيين.
نقص الأطباء والأسرّة
وبسبب نقص الموارد البشرية، لا سيما الأخصائيين النفسيين والمساعدين الاجتماعيين وغياب مشاريع طبية اجتماعية تجمع بين القطبين الطبي والاجتماعي في مراكز الإدمان، أكد المجلس أنه يبقى من الصعب تنفيذ مقاربة “بيولوجية نفسية اجتماعية تهدف التعافي من الإدمان كما تم التنصيص عليها في الاستراتيجية المعتمدة من طرف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية.
وحسب المجلس الأعلى للحسابات، يتسم العرض الصحي في مجال الصحة العقلية بعدم قدرته على الاستجابة لكافة الاحتياجاتK وذلك لعدم كفاية البنى التحتية وانعدام تغطية مجالية مكتملة ومتوازنة بين الجهات، ونقص الأطباء المتخصصين وتوزيعهم غير المتكافئ، مسجلا أن عرض أسرة الاستشفاء، يتمركز في مستشفيات الطب النفسي وتوزيع غير متكافئ لهذه الأسرة
وتبلغ الطاقة الاستيعابية للطب النفسي 2.466 سريرا بالقطاع العمومي بمتوسط كثافة يقدر بحوالي 6,86 سرير لكل 100 ألف نسمة، أي دون المتوسط العالمي البالغ 10.8 ويسعى مخطط الصحة لسنة 2025 إلى بلوغ 10 أسرة لكل 100 ألف نسمة بحلول سنة 2025. أما على المستوى الجهوي، فتتركز 48% من الطاقة الاستيعابية للقطاع العمومي في جهتي الدار البيضاء سطات ومراكش آسفي.
وتتوفر مستشفيات الطب النفسي على الحصة الأكبر من أسرة الاستشفاء مقارنة مع مصالح الطب النفسي المدمجة في المستشفيات العمومية، إذ تمثل أكثر من %62% من الطاقة الاستيعابية الاجمالية، بالرغم من أن منظمة الصحة العالمية توصي بإلغاء الطابع المؤسسي في مجال الصحة العقلية (désinstitutionalisation) والتوجه نحو مصالح مدمجة في المستشفيات.
المصدر: العمق المغربي