بعد الحصول على شهادة البكلوريا، يختار عدد من الطلبة السفر إلى خارج المغرب لإتمام دراستهم العليا، رغم المشاكل التي تعترض طريقهم وصعوبة التأقلم في بلدان غربية.
وتختلف اختيارات البلدان المناسبة للدراسة باختلاف نوع الشهادات المراد الحصول عليها وكذا مدة الدراسة، مع مراعاة تكلفة السكن والمعيشة وغيرها من المصاريف، يتحمل مسؤوليتها أولياء الأمور رغبة منهم في توفير عيش كريم ومستقبل زاهر لأبنائهم.
وفي هذا الإطار تسعى العديد من الجامعات في الخارج إلى تقديم برامج تعليمية متميزة تعتمد في ذلك على أحدث التقنيات والمناهج، الأمر الذي يجذب الطلاب الباحثين عن تعليم ذي مستوى عال، فضلا عن تمكينهم من توسيع آفاقهم المعرفية، مما يزيد من فرصهم في الحصول على وظائف مرموقة ذات رواتب جيدة نتيجة اكتسابهم لمهارات معترف بها عالميا.
وفي هذا السياق، أكد الخبير في الشأن التعليمي، سعيد أخيطوش، في تصريح لجريدة “”، أن عددا مهم من حاملي الباكالوريا بالمغرب يتوجهون للدراسة بالخارج خصوصا مع بروز عدة شركات تؤمن لهم خدمات ميسرة للمغادرة، تبدأ من إعداد ملفات الترشيح ومواكبة كل مترشح أو مترشحة في مختلف الإجراءات البيداغوجية والتنظيمية والقنصلية، وحتى ما يتعلق بتوفير السكن ومواصفات العيش في الدول المستقبلة، لتصل إلى توفير ممثلين لتلك الشركات للاستقبال في ديار المهجر ومواكبة الطالب الجديد هناك إلى غاية تحقيق الاندماج.
وذكر أخيطوش أن المغرب انتقل من الرتبة 21 بالنسبة لأصل الطلبة المسجلين في فرنسا سنة 2017 إلى الرتبة 18 سنة 2022، فضلا عن بروز وجهات جديدة استقطبت عددا هائلا من الطلبة المغاربة كالصين ورومانيا ودول وسط وشرق أسيا، مرجحا هذا الارتفاع في تفضيل الدراسة بالخارج بمثابة البحث عن أصل الداء في الجامعة المغربية، وعدم قدرتها على استيعاب العدد المتزايد للطلبة المغاربة جراء إجراءات التقويم التي باتت أسهل في سلك التعليم الثانوي، وذلك في ظل اعتماد مواد خاصة بكل امتحان إشهادي، واعتماد أطر مرجعية مبسطة للعملية.
ومن جهة أخرى، أكد الخبير ذاته على وجود تنافس كبير بين الأكاديميات لتحقيق نسب نجاح كبيرة واحتلال مراتب متقدمة في عدد الناجحين، علاوة على انعدام الجدوى وابتعاد التكوينات الجامعية عن متطلبات سوق الشغل بالمغرب، خصوصا في تكوينات الدراسات الأساسية، مع عدم القدرة على تطوير الجامعة لتكون مسايرة لعصر الواقع المعزز والذكاء الاصطناعي، والصناعات المتطورة والزراعات الحديثة والطاقات البديلة.
وأوضح سعيد أخيطوش، أن انسداد أفق الاستثمار في الأبناء بالنسبة للأسر المغربية بالمغرب هو أيضا من أسباب ارتفاع هذه الظاهرة وذلك من خلال عدم تناسب عدد الخريجين من السلك الثانوي الحاصلين على شهادة الباكالوريا ومجموع الأعداد المطلوبة من قبل المدارس العليا ومدارس المهندسين والأكاديميات العسكرية.
كما أن “بروز سلوكات غير قانونية وغير أخلاقية في عدد من الجامعات المغربية، من قبيل ما تم تسجيله في ملفات الجنس مقابل النقط، وعمليات التزوير وانتشار المحسوبية والزبونية التي تظهر خلال كل سنة جامعية”، كل ذلك في نظر الخبير سعيد أخيطوش، جعل اختيار المغادرة والاستمرار في التكوين الجامعي خيارا ضمن خيارات الطلبة والأسر.
وأشار الخبير إلى أن عددا مهما من الطلبة الذين غادروا المغرب بحثا عن التكوين الجامعي لا يعودون إلى وطنهم، فيما يتم إدماجهم بشكل مباشر في سوق الشغل بالدول المستقبلة لهم، بالرغم من وجود اتفاقيات تطالبهم بالعودة فور الانتهاء من الدراسة، إلا أن العروض المقدمة لهم هناك غالبا ما تكون أفضل بكثير مما يقترحه سوق الشغل الوطني.
المصدر: العمق المغربي