اخبار المغرب

ندوة علمية تضيء خبايا “زلزال الحوز” .. مادة دسمة تثير فضول الباحثين

رغم مرور أسبوعين على أشد زلزال عاشته المملكة المغربية منذ قرن فإن الجهود العلمية ومقاربات التفسير والفهم الساعية إلى تفكيك “شفراته وتداعياته”، ومن ثمّة تدبيرٍ أفضل لآثاره وسبل تجاوز مخاطر الكوارث، مازالت غير فاترة؛ وهو ما يعِد بالكثير في قادم الأيام.

في هذا الإطار جدد ناصر جبور، رئيس قسم “المعهد الوطني للجيوفزياء” التابع للمركز الوطني للبحث العلمي والتقني (CNRST)، تأكيده السابق الذي تلَا زلزال ثامن شتنبر مباشرة، مطمئناً بأنه “من غير الممكن التنبؤ بحدوث الزلازل، أو تحديد زمانها ومكانها”، معتبراً أن هذا “مستحيل”.

جبور، الخبير المغربي الراسخ في علوم الجيوفيزياء وديناميات الزلازل وحركية الأرض، تابع متدخلاً ضمن عرض قدّمه خلال أشغال ندوة وطنية حضرها خبراء وباحثون علميون مغاربة وأجانب، من مجالات بحثية وأكاديمية علمية متعددة المشارب والآفاق، إلا أنها تنصهر، إجمالاً، في بوتقة واحدة هي “تفسير ومحاولة فهم علمي رصين لما حدث أثناء وبعد زلزال الحوز”، بأن هذا الأخير “يندرج ضمن دورة زلزالية طويلة قد تعود إلى 10 قرون سابقة”.

الندوة التي حملت عنوان “الجيوفيزياء والزلازل في المغرب بين المؤسَّساتي والعلمي: المكتسبات والمنظور”، نُظمت، الجمعة 22 شتنبر، بشكل مشترك بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار والمركز الوطني للبحث العلمي والتقني، بمقر الأخير بالرباط، وحاولت “تسليط الضوء على القضايا المتعلقة بعلم الزلازل في مختلف مناطق المغرب، وخاصة منطقة الحوز والأقاليم المجاورة”.

وأمام حضور تكوّن من مسؤولين عموميين وباحثين، فضلا عن وزير التعليم العالي، استعرض رئيس قسم “المعهد الوطني للجيوفزياء” خرائط الزلازل التي سجلتها “الشبكة المغربية لرصد الزلازل” عام 2023، منذ شهر يناير إلى حدود لحظة وقوع الزلزال ليلة الجمعة المفجعة، مؤكدا أن “أغلبها كانت خفيفة لا يتم الإحساس بها، إلا أن زلزال الحوز شكّل ما يشبه صدمة زلزالية قوية بعدها”، وزاد: “كما انتشرت زلازل المغرب منذ يناير على نطاق النصف الشمالي كله من التراب المغربي؛ لاسيما مناطق الأطلس الكبير والمتوسط، ومناطق الشمال”.

وأبرزت الخرائط التي شرحها جبور، وطالعتها هسبريس، وقوع آلاف الهزات الارتدادية، متباينةِ القوة، خلال الأيام التي تبعت الصدمة الزلزالية الأساسية، موردا أنه “يتم العمل في إطار الرصد الزلزالي بالمغرب على إحداث مُسرّعات في المناطق الحضرية Accélérographes en zones urbaines بكل من مدن طنجة وتطوان وفاس والحسيمة والناظور، فضلا عن وجدة”.

“تدبير المخاطر الطبيعية”

“إدارة المخاطر الطبيعية: سياسة التوقّع والوقاية في ما يتعلق بالحد من المخاطر والكوارث الطبيعية” لم تغب عن أشغال الندوة العلمية الوطنية ذاتها، لتكون حاضرة بذلك العنوان على لسان المسؤول في وزارة الداخلية المغربية، عبد الله نصيف، بصفته “مدير تدبير المخاطر الطبيعية”.

المسؤول ذاته أكد أنه “منذ عام 2004 بُذلت جهود وطنية مُقدَّرة لوضع نهج قائم على الوقاية والترقّب، من خلال تعزيز الترسانة القانونية أو إنشاء هيئات/مؤسسات جديدة لإدارة وتدبير المخاطر المتصلة بكوارث الطبيعة الطارئة”.

وبعد استعراضه الثغرات التي يتعين سدّها، مثل “التنسيق غير الأمثل بين الجهات الفاعلة المعنية”، و”عدم وجود نهج متكامل متعدد المخاطر والفاعلين”، أو عملية استجابة مكلّفة، أثار نصيف خلال كلمته أهم التوصيات الرئيسية للدراسة التي أجرتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بشأن «حكامة سياسات إدارة/تدبير المخاطر الكبرى في المغرب»، وقال إن ذلك “يشمل تعزيز تدبير محلّي للمخاطر، وجعلها أولوية شاملة، مع تطوير رؤية طويلة الأجل وتعزيز سياسة الوقاية”.

فضلا عن ذلك، أشار نصيف في معرض مداخلته إلى أنه “تم إنشاء برنامج دعم وطني للإدارة المتكاملة المندمجة لمخاطر الكوارث والقدرة على التكيف معها، منذ عام 2016، ويتضمن 3 مكونات: تعزيز الإصلاح المؤسسي وبناء القدرات، وتشجيع تطوير أنشطة الحد من مخاطر الكوارث الطبيعية، وتحسين آليات التمويل والتأمين ضد مخاطر الكوارث الطبيعية”.

الزلزال يثير تساؤلات العلماء

أجمعت أبرز مداخلات الباحثين والخبراء في علوم الأرض والجيوفيزياء على أن الزلزال الذي ضرب مساحات شاسعة في 6 أقاليم مغربية نواحي الحوز مازال يثير الكثير من الأسئلة في أوساط العلماء والمؤسسات الأكاديمية المختصة حول الكشف المبكر عن هذه المخاطر الطبيعية، وآليات التدخل التي تجب بلورتها لتوقّعها والتخفيف من آثارها؛ وهو ما أكده خالد أمروش، الأستاذ الباحث في الجيولوجيا بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بنجرير، في تصريح لهسبريس على هامش اللقاء.

يشار إلى أن أرضية الندوة الوطنية، المرتقب أن تفتح دورة تفكير وأبحاث ممتدة في الموضوع، أوردت نقاشا بشأن “التطورات العلمية الأخيرة في الديناميات الجيولوجية والتصوير المَقطعي وتكتونية الصفائح، فضلا عن الاستشعار المجالي عن بُعد”، من أجل استكشاف حلول للتخفيف من المخاطر الزلزالية المستقبلية في المغرب.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *