اخبار المغرب

ندوة بالجديدة تناقش المحاكم الإدارية

نظّم مختبر الأبحاث في القانون العام والدراسات القانونية والسياسية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة أبي شعيب الدكالي بالجديدة، أمس الثلاثاء، بشراكة مع المركز الوطني للبحث العلمي والتقني، ندوة وطنية حول موضوع “القاضي الإداري والسياسات العمومية”، بمشاركة عدد من الأساتذة المختصين من جامعات مختلفة بالتراب الوطني إلى جانب عمداء كليات وطالبات وطلبة باحثين.

عبد الغني السرار، أستاذ القانون العام العلوم السياسية بكلية الحقوق بالجديدة وأحد منسقي الندوة، قال، في تصريح لهسبريس، إن “الهدف من هذه الندوة يتجلى في تبادل الآراء ووجهات النظر بخصوص تدخلات القاضي الإداري في مجال السياسات العمومية ذات الصلة الوثيقة بحقوق الأفراد وحرياتهم، الجماعية منها أو الفردية والموضوعاتية أو الفئوية”.

وأبرز السرار “أن القاضي الإداري في المغرب قطع أشواطا إضافية، قصد صيانة الاختيار الديمقراطي، وتوفير بيئة قانونية وحقوقية تحمي الحقوق من تعسفات الإدارة التي يمنحها القانون الإداري امتياز السلطة العامة في ممارستها لوظائفها واختصاصاتها، إذ يمكن أن تكون لها رغبة جامحة من أجل توسيع سلطتها التقديرية. ومن هنا، يعتبر القاضي الإداري حارسا أمينا على إرجاع الإدارة إلى حدودها المضبوطة بنصوص القوانين، دون إغفال التوجهات الحديثة للقضاء الإداري في مجال السياسات العمومية سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية”.

وفي السياق ذاته قال عبد الرحيم أضاوي، الباحث بكلية الحقوق بالجديدة، بعد التنويه برئيس جامعة أبي شعيب الدكالي وعميد كلية الحقوق وباقي المشاركين لإنجاح مثل هذه الندوات”، إن مبدأ فصل السلط يعد من أهم المبادئ دون أن يكون فصلا جامدا، حيث يجب أن يكون هناك نوع من التعاون والتوازن بين السلط.

واستطرد بالقول: “إذا كانت الحكومة تمارس السلطة التنفيذية والإدارة موضوعة تحت تصرفها، فإن هذه الأخيرة تحتاج للقيام بوظائفها إلى ضمان امتيازاتها وسلطاتها، في مقابل حاجة المواطن إلى آليات قصد ضمان حقوقه الدستورية والقانونية؛ أهمها القضاء الإداري”.

وحول دور القضاء الإداري في دعم الاستثمار وحمايته، أوضح أحمد أجعون، عميد كلية العلوم القانونية والسياسية بالنيابة جامعة ابن طفيل القنيطرة، أن “موضوع الندوة يطرح مجموعة من الإشكاليات القانونية والقضائية، نظرا لأهميته وراهنيته”.

وأشار أجعون إلى أن “الاستثمار يحتاج إلى بنية إدارية وقضائية آمنة، للقيام بالمشاريع الاستثمارية؛ وهو ما يتطلب أمنا قضائيا فيما يتعلق بالتطبيق العادل للقانون، بالإضافة للترسانة القانونية التي تتوفر عليها بلادنا في مجال التشجيع وجلب الاستثمار”.

واعتبر المتدخل عينه القضاء الإداري حاميا للحقوق والحريات ومبدأ المشروعية، وهو ما يتجلى في عدد من الصور؛ منها دوره في حماية الملكية العقارية، وإلغاء القرارات الإدارية غير المشروعة المرتبطة بمجال الاستثمار كفتح المحلات الصناعية والتجارية، ودوره في مجال الصفقات العمومية، باعتباره مجالا خصبا يستهوي المستثمرين، فضلا عن دوره الأساسي فيما يتعلق بالمنازعات الضريبية”.

إبراهيم كومغار، أستاذ التعليم العالي في القانون العام وقانون البيئة بجامعة ابن زهر أكادير، تناول، في مداخلته، ما “يرتبط بأدوات الضبط الإداري والقضائي في مجال البيئة”.

وأكد كومغار أن “وظيفة الضبط الإداري من خلال الآليات التي تستخدمها الإدارة في الحفاظ على النظام العام البيئي هي مدخل أساسي لتحقيق نجاعة السياسات العمومية، لا سيما استهداف التنمية المستدامة؛ لأن الإدارة تتوفر على مجموعة من الآليات والوسائل لحماية النظام العام البيئي في مواجهة مختلف الممارسات والسلوكيات التي تهدد التوازن البيئي”.

وأوضح المتحدث خلال الندوة العلمية أن ربط وظيفة الضبط الإداري بالضبط القضائي يحيل على دور القضاء في مواجهة مختلف المخالفات المرتكبة في هذا المجال، مستحضرا دور القاضي المدني والمسؤولية الجنائية التي يقف عندها القاضي الجنائي، مركزا على القضاء الإداري، بناء على ما له من آليات أساسية التي صار يتبناها في أحكامه مثل التوازن البيئي وحماية النظام العام البيئي والمظاهر البيئية للموارد الطبيعية، دون إغفال دور القضاء المالي”.

الحسن الحميدي، أستاذ بكلية العلوم القانونية والسياسية بالقنيطرة، قال إن “جدلية العلاقة بين القاضي الإداري والسياسات العمومية تتطلب ضرورة التفكير في حسم العلاقة بين ما هو قانوني وما هو سياسي”، مشيرا إلى “دور القضاء الإداري في مواكبة وملاءمة السياسات العمومية مع المتطلبات الواقعية”.

واعتبر الحميدي أن القاضي الإداري بدوره الناعم “تفاعل إيجابيا مع التحولات القانونية الحالية، خاصة التي تسعى إلى تثبيت بعض التوجهات الحكومية؛ في مجالات محددة كالاستثمار أو الحقوق، في إطار ما يسمى رقابة المشروعية، وكشف التأثير والتأثر المتبادل، حيث إن المشرع ينصت للاجتهادات القضائية، والتفاعل الإيجابي للقاضي الإداري مع التحولات القانونية التي يفرضها السياق الحالي”.

وفي حديثه عن التوزيع الدستوري والقانوني لاختصاصات كل من المحاكم المالية والمحاكم الإدارية في الرقابة على المال العام، اعتبر رشيد قاعدة، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ابن زهر أكادير، أن “المال العام هو عصب الحياة باعتباره الأساس لتنفيذ السياسات العمومية، وتجسيدها على أرض الواقع، والقيام بالمشاريع العمومية”.

وأكد رشيد قاعدة على “ضرورة تدخل جهازين أساسيين للرقابة على المال العام، المتمثلين في القضاء الإداري باعتبار دوره في الرقابة على العقود الإدارية؛ من خلال الاختصاصات التي منحها له القانون رقم 90.41 المحدث للمحاكم الإدارية سنة 1993، وكذلك القانون 03.80 المحدث لمحاكم الاستئناف الإدارية الصادر سنة 2006، فضلا عن الاختصاصات التي تتمتع بها الغرفة الإدارية بمحكمة النقض فيما يتعلق بالرقابة على المراسيم التنظيمية، التي تصدر عن رئيس الحكومة والتي يمكن أن تتعلق بمجالات مهمة مرتبطة بالسياسات العمومية باعتبارها تدخل في اختصاص الحكومة والمكلفة بتنزيلها على أرض الواقع”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *