كشفت ندوة إعلامية نظمتها الأمم المتحدة عن الواقع المأساوي الذي يعيشه الصحفيون في غزة والضفة الغربية، مسلطة الضوء على التحديات القاتلة التي تجعل من المنطقة واحدة من أخطر البيئات الإعلامية في العالم.

وأوضحت إدارة الأمم المتحدة للتواصل العالمي، التي نظمت الندوة يوم الاثنين تحت عنوان “كسر الحواجز: مواجهة مخاطر وتعقيدات التغطية الإعلامية من غزة والضفة الغربية”، أن النقاش تمحور حول سبل صمود الصحفيين الفلسطينيين في وجه الموت وانهيار البنية التحتية، والدور الذي يمكن للمجتمع الدولي أن يلعبه لحمايتهم.

وأكد الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح، مدير مكتب الجزيرة في غزة، في رسالة مسجلة، أن ما يمر به الصحفيون في القطاع هو “تجربة لا مثيل لها في العالم”، حيث ينقلون أخبار حرب تحاصر عائلاتهم ومنازلهم. وأضاف الدحدوح أنه مع إغلاق إسرائيل للقطاع ومنع دخول الصحفيين الأجانب وقطع كافة سبل الحياة والاتصالات، لم يتبق أمام الصحفيين الفلسطينيين سوى خيار مواصلة العمل، مدركين أن كل خطوة قد تكلفهم حياتهم من أجل ألا يبقى مليونا إنسان في عزلة تامة عن العالم.

وسلط الدحدوح الضوء على الخسائر الفادحة التي بلغت مقتل 256 صحفيا، داعيا العالم إلى التحرك لمحاسبة الجناة ومنع تكرار مثل هذه الجرائم.

وتابعت ميليسا فليمنج، وكيلة الأمين العام للتواصل العالمي، في كلمتها الافتتاحية أن الندوة تحتفي بشجاعة وصمود من يعملون على قول الحقيقة في أصعب الظروف، مشيرة إلى كيف يمكن للصحافة المسؤولة أن تساهم في تحقيق السلام.

وأشار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في رسالة قرأتها فليمنج، إلى أن الصراع الحالي هو الأكثر دموية للصحفيين منذ عقود، حيث قُتل أكثر من 260 عاملا في مجال الإعلام، مجددا التأكيد على أن قواعد الحرب واضحة وتقتضي حماية المدنيين والصحفيين، ومنددا بالحظر غير المقبول الذي يمنع الصحفيين الدوليين من الوصول إلى غزة.

وأدان ناصر أبو بكر، رئيس نقابة الصحفيين الفلسطينيين، في كلمة مسجلة، ما وصفه بـ “أبشع مجزرة في تاريخ البشرية” بحق الصحفيين الفلسطينيين، متهما إسرائيل بتدمير أكثر من 250 مؤسسة إعلامية، وهو ما يمثل البنية التحتية الإعلامية الكاملة في غزة، واستهداف عائلات الصحفيين، واصفا ما يحدث بأنه “أول حرب إبادة إعلامية”.

ومن جانبه، أوضح حجاي مطر، المدير التنفيذي لمجلة +972، وهي منظمة إعلامية ثنائية القومية، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف الصحفيين الفلسطينيين بشكل ممنهج، بينما يُمنع الصحفيون الإسرائيليون والدوليون من دخول غزة، مما يترك مهمة التوثيق على عاتق الفلسطينيين وحدهم الذين يتم في الوقت نفسه نزع الشرعية عنهم واتهامهم بالانتماء لحماس.

وقالت تانيا كريمر، رئيسة جمعية الصحافة الأجنبية، إن منع إسرائيل للصحفيين الأجانب من دخول غزة بشكل مستقل لأكثر من عامين يفرض قيودا غير مسبوقة ويخلق بيئة قاتلة للصحفيين الفلسطينيين، مشيدة بالعمل الشجاع الذي يقوم به الزملاء الفلسطينيون رغم المخاطر الجسيمة.

وذكرت ابتسام عازم، كبيرة مراسلي صحيفة العربي الجديد، أن الخسائر في صفوف الصحفيين الفلسطينيين تمحو الذاكرة الثقافية والتاريخية وتضعف الفهم العالمي للواقع الفلسطيني، مؤكدة أن حماية الصحفيين الفلسطينيين تعني حماية الصحافة في كل مكان.

وشددت جودي جينسبيرج، الرئيسة التنفيذية للجنة حماية الصحفيين، على ثلاثة احتياجات ملحة هي: الحماية الكاملة للصحفيين بموجب القانون الدولي، ووصول وسائل الإعلام الدولية بشكل غير مقيد إلى غزة، والمساءلة عبر تحقيقات مستقلة لإنهاء الإفلات من العقاب.

واختتم رياض منصور، المراقب الدائم لدولة فلسطين، كلمته بإدانة الهجمات الإسرائيلية على الإعلاميين، قائلا إن “عدو إسرائيل الرئيسي هو الحقيقة”. واقترح تشكيل لجنة من الصحفيين المرموقين عالميا لتنظيم مؤتمر دولي كبير في الأمم المتحدة لتكريم زملائهم الفلسطينيين وضمان ألا يمر مصيرهم مرور الكرام، بل أن يكون لحظة فارقة في مسيرة الصحافة العالمية.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.