“نتائج تفتقد للأساس العلمي”.. انخفاض نسبة الناطقين بالأمازيغية بالمغرب يُثير جدلاً حول مستقبل اللغة
كشف المندوب السامي للتخطيط، شكيب بنموسى، عن نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لعام 2024، والتي أبرزت أن 91.9% من المغاربة يستخدمون اللغة الدارجة المغربية كلغة تواصل يومية، بينما انخفضت نسبة المستخدمين اللغة الأمازيغية إلى 24.8%، في حين يستخدم 1% فقطمن المغاربة اللهجة الحسانية.
وتُظهر هذه الأرقام تراجعًا ملحوظًا في نسبة الناطقين بالأمازيغية مقارنة بالإحصاءات السابقة، مما أثار ردود فعل متباينة من طرف الفاعلين في الشأن الأمازيغي. وخلق جدالا على منصات التواصل الاجتماعي.
في هذا السياق اعتبر الناشط الأمازيغي أحمد الأرقام المعلنة “غير دقيقة وتفتقد للأسس العلمية المعتمدة عالميًا”، مشيرًا إلى أن الأرقام المتداولة لا تعكس الوضع الحقيقي للأمازيغية على مستوى المغرب.
وأضاف أرحموش أنه وفقًا لمعطيات المندوبية نفسها، فقد تراجعت نسبة الناطقين بالأمازيغية بشكل كبير على مرّ العقود، حيث انخفضت من 72.3% في إحصاء 1994 إلى 26.7% في إحصاء 2014 (استنادًا إلى عينة 2%)، ثم إلى 25% في الإحصاء الأخير لعام 2024 الذي اعتمد على عينة أوسع بنسبة 20%.
ويرى المتحدث، في تصريح لجريدة “”، أن النسبة المُعلنة “مجرد أرقام انطباعية تفتقر إلى المصداقية”، مُشيرًا إلى الجدل الذي رافق عملية الإحصاء بين الاستمارة الملخصة والعامة.
واعتبر أن تراجع نسبة الناطقين بالأمازيغية منذ 1994 بنسبة 47.3% وصولًا إلى 25% اليوم يُمثّل “رسالة خطيرة مفادها أن الأمازيغية في طور الانقراض”، رغم ترسيمها كلغة رسمية في دستور 2011 وصدور القانون التنظيمي المتعلق بها.
وأضاف أن ما يُروّج له حول ارتفاع عدد التلاميذ الذين يدرسون الأمازيغية ليصل إلى 647 ألف تلميذ سنويًا “ليس إلا بيانات فارغة لا تحمل تأثيرًا حقيقيًا على أرض الواقع”.
وكانت الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي قد اعتبرت أن “نتائج الإحصاء لا ينبغي أن تكون مرجعًا صالحًا لوضع السياسات العمومية اللغوية”، مقررة الطعن في نتائح عملية الإحصاء، بكل الطرق القانونية الممكنة.
وأشارت الهيئة ذاتها في بلاغ، سابق لها، إلى أن “هذه العملية التي يُفترض أن تُساهم في وضع سياسات عمومية تُراعي التعددية الثقافية واللغوية، لا تعكس الواقع اللساني والثقافي المتنوع للمغرب، وخاصة الأمازيغية التي تعتبر مكونًا أساسيًا لهوية البلاد”.
وترى الجمعية أن المندوبية السامية للتخطيط، “من خلال تجاهل الأمازيغية كلغة رسمية معتمدة في الدستور المغربي منذ عام 2011، أظهرت ممارسات إقصائية خلال إعداد وتحضير استمارات الإحصاء”، مشيرة إلى أن “استمارات الإحصاء لا تستند إلى الأسس الدستورية والقانونية المتعلقة بالتعدد اللغوي والثقافي في المملكة”.
ومن خلال مراقبة سير العملية في الأيام الأولى من شهر شتنبر، لفتت الجمعية إلى أن البيانات التي يتم جمعها “لا تعكس التنوع اللغوي الفعلي للمجتمع المغربي”، مضيفة: “على سبيل المثال، تم استبعاد سؤال حول اللغة التي يتحدث بها المواطنون في حياتهم اليومية، واستبدلت بطرح الأسئلة بالدارجة المغربية، مما قد يؤثر على دقة النتائج”.
وتصف الجمعية هذه الممارسات بأنها “تحايل متعمد للوصول إلى نتائج تخفض من عدد المتحدثين بالأمازيغية في البلاد، مشابهة لما حدث في إحصاء 2014″، معتبرة أن “استمرار تصنيف المغاربة على أساس لهجاتهم المختلفة دون مراعاة التعددية الثقافية الحقيقية للبلاد يعد انتهاكًا لأحكام الدستور”.
المصدر: العمق المغربي