اخبار السودان

الازمة السودانية وتضاؤل فرص الحسم العسكري والحل السياسي

السر العجمي

 

الازمة السودانية وتضاؤل فرص الحسم العسكري والحل السياسي

دخلت حرب السودان عامها الثالث ومازالت المواجهات العسكرية مستمرة. ولا يوجد أي افق لإيقاف هذه الحرب، وذلك من خلال خطابات أطراف الصراع الأخيرة التي تؤكد على ضرورة الحسم العسكري واستمرار الحرب. ومع التدخلات الإقليمية ودعمها لأطراف الحرب وفقا لأجندتها ومصالحها أصبح السودان أقرب الي نموذج الدولة الساحة التي أصبحت مسرحا لصراع القوي الإقليمية والدولية، وان الاحتمالات التي تختلط فيها الأوراق الإقليمية والدولية يجعل من عملية التنبؤ بمستقبل هذا الصراع وإيقاف عملية في غاية الصعوبة والتعقيد، ليصبح بلا حسم عسكري او سياسي، حتى تتلاشي الدولة السودانية.

فعلى الصعيد الداخلي ان إصرار طرفي الصراع على خيار الحسم العسكري هو خيار لم تؤتي نتائجه المرجوة بالنسبة لكليهما بل العكس تزداد دائرة الصراع الميدانية وتسمح لدخول مليشيات إرهابية من الخارج، وان ادي ذلك الى تغيير ميزان القوة لبعض الأطراف حيث ان ميزان القوة في الاواني الأخيرة تحول للجيش بعد سيطرته علي المناطق التي كان يسيطر عليها الدعم السريع واخرها القصر الجمهوري مما جعل الجيش يضمن التفوق الميداني في وسط البلاد، التي مازالت فيها المعارك العسكرية مستمرة بسبب الجماعات الإسلامية وميلشياتها وكتائبها الجهادية التي تدعم الجيش وتحلم بالعودة الي السلطة رافعه شعار (بل بس) واصرارها علي مواصلة الحرب ورفض أي حل سياسي. ومقاطعتها للجهود التي بذلها المجتمع الدولي والإقليمي بشأن الوضع الإنساني وحماية المدنيين. كما ان اختلاف الجيش وكتائب الاسلامين بعد تحرير الخرطوم في الأهداف يؤدي الي إطالة امد الصراع وعدم إمكانية الحسم العسكري. حيث ان هدف الكتائب هو تصفية الثوار والقضاء على شباب الثورة وقتلهم بأبشع الوسائل القتل كالذبح وبقر البطون. اما هدف الجيش هو تحويل الحرب الي حرب أهلية. وفي ذات اللحظة نجد التفوق الميداني للدعم السريع في الغرب واصراره على مواصلة الحرب بالتهديد الى وصول الحرب في الشمال ورفضه الأخير لاي تفاوض او تسوية، ومن ثم تصبح حالة اللاحسم سواء عبر الخيارات العسكرية او الدبلوماسية او السياسية هي اصدق تعبير للحالة الراهنة للحرب في السودان. وحالة اللاحسم العسكري هذه أشار اليها واكدها دكتور الشفيع خضر في مقاله الأخير المنشور في القدس اللندنية بتاريخ السادس من ابريل 2025. فضلا عن ذلك ان حالة التشرذم والانقسام التي تعاني منها القوي السياسية وضع القوي السياسية في متغيرات جديده فرضها الصراع مما كان له تأثير بالنسبة لميزان القوة العقلية في الصراع واستمرار الحرب. وان حالة الانقسام الأخيرة من قبل القوي السياسية وتكوين حكومة موازية. من قبل بعض القوي السياسية والحركات المسلحة. يجعل الحل السياسي ليس متضائلا بل مستحيلا. وربما إصرار الأطراف على استمرار القتال ربما يكون تنفيذا لمشروع بيرناد لويس (مشروع التقسيم) الذي ظهر على المسرح السياسي في العام 1983م، ويتضح ان هؤلاء الأطراف وحواضنهم يعملون على تنفيذ هذا المشروع بكل وعي ودراية. وسبق ان أشرنا الى ذلك في مقالنا المنشور ب الالكترونية بتاريخ 1/مارس/2025م. بعنوان برناد لويس يكرم نخب وقادة السودان.

وعلى الصعيد الدولي أيضا تتضاءل فرص الحل السلمي حيث يشير السلوك الدولي الى نيته في استمرار الحرب متناسيا المهمة التي أنشئت من اجلها المنظمة وهي حفظ السلم وإيقاف الحرب ويظهر ذلك من خلال القرار الغير ملزم الذي أصدره مجلس الامن بالرقم 2724، الخاص بوقف العدائيات. حيث ان هذا القرار لم يكن تحت البند السادس من الميثاق بل ان مرجعيته القانونية البروتوكول الأول الملحق باتفاقية جنيف للعام1949م. فالمجتمع الدولي فشل فشلا زريعا فيما يتعلق بحرب السودان حيث انه لم يكن قادرا على تدشين هدنة بين الطرفين تكون لديها الاليات والضمانات مما يجعلها قابلة للتنفيذ ناهيك عن وقف القتال بصورة نهائية. بل اكتفي بصدور عقوبات فردية على بعض أطراف الصراع. ومن خلال قرأه سريعة لجلسات مجلس الامن في الاواني الأخيرة ثمة تراجعا واضحا في حظوظ التسوية السلمية للصراع من قبل المجلس وذلك بسبب الفيتو الذي يعطل ويعيق عمل المجلس في مهامه في حفظ السلم والامن. والذي تستخدمه الدول التي لها مصالح في استمرار الحرب. وسبق ان صرح بذلك مندوب روسيا في جلسة مجلس الامن المنعقدة في التاسع عشر من ديسمبر الماضي عندما هدد باستعمال الفيتو قائلا (سوف تستم روسيا في عرقلة أي محاولة من زملاءنا الغربيين من خلال فرض القيود على السودان) .

اما على المستوي الإقليمي فان الدول التي تدعم أطراف الصراع سواء سلبا او إيجابا، تسعي الى استمرار الحرب وبالرغم من اختلاف اجندة ومصالح تلك الدول الا انها تتفق في هدف واحد وهو مشروع برناد لويس فدول الإقليم التي تدخلت في الحرب يحركها محرك واحد وهي الولايات المتحدة الامريكية وهذه الدول تقوم بأدوار وظيفية فقط لتحقيق اهداف واجندة السياسية الامريكية وهي حماية امن إسرائيل، لذلك نجد ان هذه الدول تمارس النفاق من اجل استمرار الحرب فنجدها في المحافل الدولية والاعلام تنادي بالحل السلمى، وفي ذات اللحظة نجدها تتوظف الياتها العسكرية لأحداث تغيرات على الأرض من اجل تغيير الوقائع لتحقيق مزيد من المكاسب لمصالحها الخاصة ومصالح المحرك لها وليس بخصوص ما تدعيه وتنادي به بالحل السلمى.

أخيرا كل الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية لم يكن همها وضع حد لإراقة الدماء ووقف القتال وانهاء معاناة الشعب السوداني، بالتالي في مسؤولة مسؤولية تامه.

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *