عرض فيلم “شارع مالقة” ضمن فقرة العروض الاحتفالية في الدورة 22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم، وهو ثالث أعمال المخرجة المغربية مريم التوزاني.
وتدور أحداث الفيلم في مدينة طنجة، حيث تكافح الإسبانية المسنة ماريا أنخيليس (74 عاما) للحفاظ على منزل طفولتها في المغرب، بعدما قررت ابنتها كلارا بيعه لتجاوز أزمتها المالية بعد الطلاق، وبين ضغوط الواقع ورغبة الأم في البقاء، تدخل ماريا في خطة ذكية لتأمين المال اللازم لاستعادة مقتنياتها التي بيعت لتاجر تحف، وفي خضم الصراع، تكتشف شرارة رومانسية غير متوقعة مع شخص كان يُنظر إليه سابقا باعتباره خصما.
وفي هذا السياق، قال الناقد عبد الكريم واكريم في تصريح لـ”العمق”، إن “فيلم شارع مالقة لمريم التوزاني يستحق المشاهدة لعدة أسباب، من بينها أنه يحتفي بفضاءات طنجة بشكل مختلف، وصعب أن يصوره مخرج أو مخرجة غير طنجاويين ولا يعرفون هذه الأماكن المختارة بعناية في المدينة القديمة طيلة طفولتهم وما بعدها”.
وأضاف واكريم، أن الفيلم “يعيد الاعتبار عبر قصة سينمائية ممتعة لشريحة عمرية قليلا ما تهتم بها السينما، ليس المغربية فقط بل العالمية، واضعا الأصبع على رغباتها وشبقها وعشقها للحياة وتمسكها بها لآخر رمق، حتى لو كانت الظروف كلها تدفعها إلى عكس ذلك”.
ويرى واكريم أن التوزاني “وصلت بفيلم شارع مالقة إلى النضج السينمائي الذي كانت تسعى إليه منذ فيلميها الأولين آدم وأزرق القفطان”.
وتوقف الناقد السينمائي، عند أداء الممثلة الإسبانية الثمانينية كارمن ماورا، قائلا إنها لم تكن في موقع إثبات قدراتها، فهي معروفة بأدوارها القوية مع مخرجين كبار مثل بيدرو ألمودوفار، كارلوس ساورا، فرانسيس فورد كوبولا، وكلود شابرول، لكنها “تقمصت الشخصية الرئيسية في كايي مالكا بتمكن واضح”.
ويشير الناقد إلى أن التوزاني، في فيلمها الطويل الثالث، “كانت صارمة مع نفسها أولا لتوصل أحاسيسها الخاصة، قبل أن تكون صارمة مع طاقمها التشخيصي”، وهو ما ظهر خلال تقديم الفريق للفيلم أمام الجمهور.
ويستدعي واكريم خلال تحليله فيلم “خوانيتا بنت طنجة” للمخرجة الطنجاوية المخضرمة فريدة بليزيد، المقتبس عن رواية للكاتب الإسبانيالطنجاوي أتخيل فاسكيز، مؤكدا أن “نقط الالتقاء بين الفيلمين واضحة للعين السينفيلية، خصوصا في تركيبة الشخصيتين الرئيسيتين”.
ويضيف: “نجد أنفسنا ونحن نشاهد فيلم التوزاني وكأننا نتابع نفس شخصية بليزيد حيث تركناها في نهاية خوانيتا بنت طنجة، وهي تائهة في المدينة التي ولدت وعاشت فيها، لكنها وجدت نفسها في نهاية المطاف تهيم في فضاءاتها، لا تعرف غيرها موطنا وملاذا”.
كما يلفت إلى أن الفيلمين يشتركان في “الحرص على التعبير بشكل فني موارب عن كون الفضاء الطنجاوي المصور يحتضن شخوصه ويطردهم في آن واحد، وهي معادلة تحمل تناقضاتها من داخلها، ولا يمكن أن ينقلها إلى الشاشة إلا من انكوى بها في طنجته التي يعرفها حق المعرفة”.
وحصل الفيلم على دعم بقيمة 3 ملايين و200 ألف درهم (320 مليون سنتيم) من المركز السينمائي المغربي عام 2024، ومنحة بقيمة 552 ألف أورو (ما يعادل 584 مليون سنتيم) من المعهد الإسباني للسينما والفنون السمعية والبصرية في شتنبر 2024، وفي نونبر 2024 حصل على منحة إنتاج ثالثة بقيمة 500 ألف أورو (ما يعادل 530 مليون سنتيم) من الصندوق الثقافي للمجلس أوروبي بستراسبورغ “أوريماج”.
الفيلم يُعد إنتاجا مشتركا بين شركات من المغرب (Ali n’ Productions)، وفرنسا (Les Films du Nouveau Monde)، وإسبانيا (Mod Producciones)، وألمانيا (One Two Films)، وبلجيكا (Velvet Films)، بمشاركة من قناتي RTVE و Movistar Plus+.
ويعد “شارع مالقة” ثالث عمل روائي طويل للتوزاني بعد “آدم” و”القفطان الأزرق”، وأول فيلم لها باللغة الإسبانية، وهي المرة الثالثة التي تمثل فيها المخرجة المغرب في الأوسكار.
يذكر أن الفيلم الروائي الطويل من تأليف مريم التوزاني ونبيل عيوش، وبطولة كارمن مورا بدور ماريا أنخيليس، ومارتا إيتورا، وأحمد بولان.
المصدر: العمق المغربي
