ميارة يرصد مواجهة المغرب لأزمات المناخ
شارك النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين، الأربعاء، في أشغال الاجتماع البرلماني المنعقد في سياق احتضان دولة الإمارات العربية المتحدة للدورة الـ28 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ(COP28) ، ممثلا لبرلمان المملكة المغربية، وبمشاركة صقر غباش، رئيس المجلس الوطني الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتوليا أكسون، رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي.
وفي هذا الصدد، قال ميارة إن “اللقاء العالمي المرجعي يشكل تعبيرا فعليا على انخراط البرلمانيات والبرلمانيين في مسار مكافحة التغيرات المناخية والحفاظ على كوكبنا المشترك وبناء عالم مستدام ومستقبل يتسع للجميع.
وتقدم ممثل برلمان المملكة المغربية، خلال كلمة له بالمناسبة، بـ”جزيل الشكر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة على حفاوة الاستقبال والتنظيم النموذجي والمبهر، كما عودتنا دائما، للدورة الـ28 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، التي تشكل محطة تاريخية في مسار العمل الدولي المشترك للحد من التغيرات المناخية وآثارها على سكان كوكبنا، خاصة أن هذه القمة تستضيف أول مراجعة عالمية لتقييم التقدم الجماعي نحو تنفيذ الأهداف طويلة الأمد لاتفاقية باريس؛ بما فيها الحد من الانبعاثات، وتطوير القدرة على التكيف مع آثار التغيرات المناخية، وتأمين مصادر التمويل والدعم والمتابعة للحد من أزمة المناخ”.
وأشار المسؤول ذاته إلى أن “العالم يواجه مجموعة من المخاطر التي تهدد مستقبلنا المشترك، ويمكن الجزم أن موضوع التغيرات المناخية يطرح نفسه بقوة على الأجندة العالمية المشتركة، لتأثير هذه الظاهرة بشكل مباشر على حياة سكان الكوكب وعلى مستقبل العيش فيه”، مسجلا أن “طريق حماية الأجيال الحالية والمستقبلية من مخاطر تغير المناخ ما زالت طويلة وشاقة وتحتم علينا تكثيف الجهود الجماعية، من أجل العمل على اعتماد خطط أكثر نجاعة ودقة لتسريع تنفيذ اتفاق باريس، وخاصة هدف الحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة”.
وزاد: “إننا، كبرلمانيات وبرلمانيين، مدعوون إلى التعبئة الشاملة من أجل بناء “أجندة برلمانية مشتركة” تشكل قاعدة عمل البرلمانات الوطنية للمساهمة في تعزيز الالتزامات الحكومية فيما يتعلق بمحاربة ظاهرة التغير المناخي وتسريع مسارات الوصول إلى الأهداف الوطنية الخاصة بتحقيق الحياد الكربوني”.
وتابع المتحدث: “الدراسات والأبحاث الدولية المتعلقة بالتغيرات المناخية ترسم صورة قاتمة ومخيفة للوضع المناخي العالمي؛ فالعشر سنوات الأخيرة كانت الأكثر حرارة على الإطلاق. وهذه السنة سجل العالم درجة حرارة تفوق بـ1,4 درجات ما كان يسجل قبل العصر الصناعي”، مضيفا أن “العالم يسجل دخولا متسارعا في موجات من الكوارث الطبيعية التي تهدد الاستقرار العالمي، من قبيل تفاقم ظواهر الجفاف والأعاصير والفيضانات المدمرة تقريبا بجل دول العالم؛ وهو ما ينعكس سلبا على الوضع الاقتصادي بشكل عام ويمس الحياة اليومية للشعوب، خاصة في دول الجنوب”.
وفي حديثه، عن مساهمة المملكة المغربية في الحد من الإكراهات التي تواجهها القارة الإفريقية، أكد ميارة أن “قارة إفريقيا توجد في قلب مآسي التغيرات المناخية، علما أنها هي القارة الأقل إصدارا لانبعاثات الغازات التي تؤدي إلى الاحتباس الحراري؛ وهو ما يقوض من قدرة القارة على النمو والتقدم والازدهار، ويهدد على نحو خطير الحقوق الأساسية لعشرات الملايين من الأفارقة”.
وأكد رئيس مجلس المستشارين أن “المملكة المغربية تلتزم بالعمل على المساهمة الفعلية في الديناميات القارية لحماية إفريقيا من مخاطر أزمة المناخ، والدفاع عن حقوق الأجيال المقبلة في التنمية والتقدم؛ وهو ما أكده صاحب الجلالة الملك محمد السادس خطابه بمناسبة القمة العالمية للعمل المناخي، التي نظمت في إطار المؤتمر الحالي للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بتغير المناخ، حيث قال جلالته إن “المشاركة الفاعلة للمملكة المغربية في المبادرات الإقليمية الرائدة، القائمة على توحيد المواقف، والهادفة إلى تحسين مستوى تكيف الزراعة الإفريقية مع التغيرات المناخية، وتعزيز الاستدامة والاستقرار والأمن في القارة، وتشجيع ريادة الشباب الإفريقي لمبادرات العمل المناخي… كلها جهود تعكس مدى انخراط المغرب الثابت ومتعدد الأبعاد في دعم العمل الدؤوب الذي تقوم به البلدان الإفريقية الشقيقة في هذا الشأن”، انتهى المنطوق الملكي السامي.
وعرج على الرؤية التنموية للمملكة المغربية في محاربة التغيرات المناخية، لافتا إلى أن “المغرب يعمل بأسلوب فعال ومبتكر على الانتقال التدريجي إلى نموذج تنموي وطني طموح وأقل اعتمادا على الطاقات الملوثة؛ من خلال تبني سياسات وتدابير استباقية تهدف إلى تقليص انبعاث الغازات الدفيئة والتصدي لظاهرة الاحتباس الحراري، وتبني مزيج طاقي متقدم عماده الطاقات البديلة بأشكالها الشمسية والريحية والبحرية”، موردا أنه “بفضل سياسات عمومية ناجعة واستثمارات كبرى في مجال الطاقات البديلة، استطاع المغرب، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك، اليوم، الوصول إلى نسبة طاقة متجددة بنسبة 37 في المائة من المزيج الطاقي الوطني؛ وهو مؤشر يؤكد قدرة بلادي على تحقيق هدف الانتقال إلى 52 في المائة من الطاقة سنة 2030 والوصول إلى الهدف الأكبر المتمثل في صفر كربون سنة 2050. وكل هذه التوجهات مكنت المغرب من الحضور بين أحسن عشر تجارب دولية ناجحة في تصنيف مؤشر أداء تغير المناخ لسنة 2023CCPI 2023).
واسترسل المتحدث في القول إن “الدول، مهما كانت قوتها أو تطورها، فلا يمكن أن تواجه أزمة المناخ بمعزل عن المنتظم الدولي؛ لأن مسار حماية مستقبل الكوكب والحد من أزمة المناخ هو مسار متعدد الأطراف بامتياز. لذلك، فنحن مدعوون إلى التفكير في أساليب تعاون أكثر نجاعة وفعالية في مواجهة ظاهرة التغيرات المناخية، من خلال اعتماد مقاربة مبنية على التضامن وتبادل الممارسات الفضلى والتشاور المؤسساتي المستمر. وينبغي علينا، كبرلمانات، العمل على التفكير في بناء “آلية برلمانية دولية لمواجهة أزمة المناخ” في الإطار المؤسساتي للاتحاد البرلماني الدولي، تشكل منصة مشتركة لتتبع مؤشرات تنفيذ اتفاق باريس بشكل مستمر وفضاء برلمانيا لتبادل الخبرات والتكوين وتطوير قدرات البرلمانات الوطنية في مجالات التشريع ومراقبة العمل الحكومي؛ فيما يتعلق بأوراش تقليص الانبعاثات والتكيف مع آثار أزمة المناخ وتعزيز آليات النمو الأخضر”.
ودعا المسؤول المغربي كل البرلمانيات والبرلمانيين المشاركين في الاجتماع، باعتبارهم ممثلين لشعوب العالم، إلى “تحمل مسؤولياتنا التاريخية للحد من أزمة المناخ وتبعاتها”، معتبرا أن “هذا اللقاء البرلماني يشكل فرصة كبيرة لتحرير الطاقات والمضي قدما، وبشكل عاجل ومتحد للسرعة القصوى للمساهمة في الحفاظ على كوكب الأرض وتوفير الشروط التنموية السليمة لهذا الجيل ولكل الأجيال المقبلة، وفق مبادئ الاستدامة والتنمية المشتركة والتضامن بين الأمم والأجيال”، مضيفا: “نحن على يقين أن أشغال لقائنا ستنبثق عنها توصيات مهمة وخارطة طريق برلمانية مرجعية تشكل انطلاقة جديدة لمسار الالتزام البرلماني المشترك من أجل الأرض والمستقبل”.
المصدر: هسبريس