مواقف الدبلوماسية المغربية من الأزمة السودانية ترشح الرباط للقيام بالوساطة
بينما تستمر المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وسط تبادل للاتهامات بين الطرفين بخرق اتفاق الهدنة الأخير، الذي تم التوصل إليه برعاية سعوديةأمريكية، يستمر المغرب، من جهته، انسجاما مع المبادئ المؤطرة لسياسته الخارجية، في التعبير عن مواقفه الداعية دوما إلى إيجاد حلول سياسية متوافق عليها لكل أزمات المنطقة على غرار الأزمة السودانية.
ناصر بوريطة، وزير الخارجية والشؤون الإفريقية والمغاربة المقيمين بالخارج، عبر خلال مشاركته في اجتماع لمجلس السلم والأمن الإفريقي، أول أمس السبت، عن “تضامن المملكة مع السودان الشقيق في هذه الظرفية الصعبة التي يمر منها”، مؤكدا “استعداد الرباط لتقديم الدعم والمساعدة للسودانيين لتجاوز أزمتهم”.
وشدد المسؤول المغربي على ضرورة “إيجاد حل توافقي بين الأطراف السودانية والدخول في حوار بناء للوصول إلى سلام مستدام ينعم فيه الشعب السوداني الشقيق بالأمن والاستقرار والرخاء”، مجددا دعوة الرباط إلى “احتواء الأزمة في إطارها الوطني، ومنع التدخلات الخارجية في شؤون أبناء البلد الواحد”.
ويرى محللون أن موقف المملكة من الأزمة في السودان هو استمرار لجملة من المواقف المتوازنة والمتأنية، التي طالما عبرت عنها الرباط إزاء التطورات التي عرفها هذا البلد على امتداد السنوات الأخيرة، إذ حافظ المغرب على علاقات جيدة مع الجانب السوداني، ولم تتأثر هذه العلاقات بتغير وتوالي حكام هذا البلد.
وكلها مؤشرات تدل على أن المغرب، انطلاقا من التراكمات التاريخية والعلاقات الأخوية التي تجمعه بالسودان، مرشح للعب دور الوساطة بين الأطراف السودانيين، والعمل على تقريب وجهات النظر من أجل إحلال الأمن والاستقرار على غرار دوره في الأزمة الليبية.
قناعة راسخة
هشام معتضد، الخبير في الشؤون الدولية والاستراتيجية، قال إن “موقف المغرب من الأزمة السودانية ينبثق من المبادئ والقيم التي تؤطر السياسة الخارجية للرباط على المستوى الدولي”.
وتابع أن “المملكة أكدت منذ الانفلات الأمني في السودان وانهيار سلطاتها المركزية دعمها للحل الداخلي، وعدم فتح المنافذ لأي تدخلات أجنبية قد تعصف بالمكتسبات الاستراتيجية والتاريخية للشعب السوداني”.
وأوضح الخبير ذاته، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن “القيادة في الرباط بنت موقفها من الأزمة السودانية انطلاقا من قناعتها الراسخة بدعم الوحدة الترابية للدول العربية، وإيمانها بالعمل العربي المشترك من أجل تأسيس فضاء عربي يستجيب لتطلعات شعوب المنطقة ويؤهلها لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية بمزيد من العزيمة والحكمة”.
المغرب محل ثقة
حول إمكانية لعب المغرب دور الوساطة بين الأطراف السودانية، أبرز المتحدث عينه أن “دور المغرب الإقليمي ومصداقيته الدبلوماسية يجعلانه منصة صلبة لتقريب وجهات النظر السياسية، ويؤهلانه للعب دور ريادي في مساعدة الأطراف السودانية لبناء خارطة طريق قادرة على إخراج السودانيين من أزمتهم”.
من جهته، قال طلحة جبريل، المحلل السياسي والصحافي السوداني المقيم بالمغرب، إن “الرباط إذا بادرت إلى رعاية الحوار بين السودانيين فإنها بالتأكيد ستحصد ثقة جميع الأطراف، ذلك أن المملكة تحظى في ذهن السودانيين بمصداقية وثقة كبيرتين”.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “العلاقات المغربية السودانية دائما كانت علاقات ممتازة ولم تتأثر أبدا بتغير الجالسين على كرسي الحكم في السودان”، مؤكدا وجود “روابط تاريخية وجسور بشرية بين البلدين من خلال تواجد قبيلة تعرف باسم المغاربة في السودان، إضافة إلى مئات الطلبة السودانيين الذين يتابعون دراستهم بالمغرب”.
وحول رؤيته للموقف الذي عبرت عنه الرباط إزاء الأزمة في بلاده، قال جبريل إن “موقف المملكة المغربية إزاء الأزمة في السودان موقف إيجابي وحكيم، يحمل إشارات جريئة، خاصة فيما يتعلق بتأكيده رفض التدخلات الخارجية التي تؤجج الصراع حول السلطة في البلاد”.
المصدر: هسبريس