أسدل، مساء السبت، الستار على الدورة العشرين من مهرجان “موازين.. إيقاعات العالم”، وسط سيل من الانتقادات الحادة التي طالت مختلف جوانب التنظيم، ما جعل منها بحسب العديد من المتابعين الأسوأ في تاريخ المهرجان، وأبعد ما تكون عن شعارات “الإشعاع الثقافي” و”الترويج السياحي” التي لطالما رفعها القائمون عليه.

اختيارات فنية مثيرة للجدل.. تهميش المغاربة ومحاباة “النجوم العرب المنطفئين”

واجهت إدارة مهرجان “موازين” هذا العام موجة غضب غير مسبوقة من الجمهور المغربي، بعد برمجة أسماء فنية غير معروفة على منصتي النهضة وسلا، في تغييب واضح لأسماء مغربية تحظى بشعبية واسعة وتحقق أرقاماً قياسية على المنصات الرقمية.

وصف متابعون الدورة الحالية بـ”دورة المحسوبية”، بعدما تم منح فرص الحضور لفنانين عرب لا يمتلكون قاعدة جماهيرية واضحة، بينما تم تهميش فنانين مغاربة وازنين، مثل أسماء لمنور، سعد لمجرد، حاتم عمور ودنيا بطمة. الأمر الذي دفع مجموعة من  الفنانين المغاربة  إلى التعبير عن استيائهم من توجيه الدعوة ليسرى سعوف، شذى حسون، ديانا حداد،  وابن فضل شاكر رغم عدم امتلاكهم لجماهرية كبيرة أو أعمال تخول لهم الصعود فوق خشبات مهرجان كبير يستضيف ألمع النجوم العالميين.

قاعة ندوات بدون تكييف.. وصحفيون مهنيون يُعاملون كمتطفلين

تحولت تغطية مهرجان “موازين” هذا العام إلى “مهمة شبه مستحيلة” بالنسبة للصحفيين، الذين اشتغلوا في قاعة ندوات صغيرة لا تتوفر على تكييف، وسط درجات حرارة مرتفعة قاربت الـ40 درجة، ما أثر على ظروف عملهم، خاصة مع برمجة الندوات بشكل يومي من الساعة 11 صباحا حتى الخامسة مساء.

ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل وجد الصحفيون أنفسهم مضطرين للوقوف في طوابير طويلة قد تصل إلى 3 ساعات مع الجماهير لدخول المنصات، بسبب غياب بوابات مخصصة لهم، وتعرضت بعض الصحفيات للتدافع والعنف الجسدي، خاصة خلال حفل شيرين عبد الوهاب الذي عرف فوضى شديدة، دفعت إحدى مراسلات القنوات الدولية إلى البكاء بشكل هستيري بعد شعورها بالخوف على سلامتها الجسدية نتيجة التدافع ورفض المسؤول عن الصحفيين تأمين موقع لهم قريب من المنصة وبعيد عن الفوضى.

مسرح محمد الخامس معلمة تاريخية عريقة تتحول لـ”حمام شعبي”

لم ينجُ مسرح محمد الخامس من “عبثية”  تنظيم موازين 2025، حيث شهد هذا الصرح الثقافي الكبير مجموعة من الاختلالات خاصة خلال حفل كاظم الساهر وتامر عاشور الذي امتلأت القاعة فيهما عن آخرها ما اضطر العشرات من الحاضرين للوقوف أو الجلوس على الأرض بعد أن عجزوا عن إيجاد مقاعد بعدما غصت جنبات المسرح بالحضور، الأمر الذي جعل الأجواء خانقة في ظل غياب التهوية الجيدة والتكييف، للتحول القاعة إلى فضاء حار تعرّق فيه الحاضرون والفنانون بشكل واضح.

واشتكى الجمهور الحاضر من رداءة الصوت والمشاكل التقنية التي حالت دون تمتعهم بصوت فنانيين يحظيان بشعبية كبيرة في المغرب، وهو الأمر الذي أثار استياء كاظم الساهر الذي لم يُخفِ امتعاضه.

وفي رد فعل غريب، لإيجاد حل لهذا الموضوع عمد المنظمون إلى منع الصحفيين والمصورين من تغطية حفل ماجدة الرومي التي كان يرتقب أن تحقق إقبالا جماهريا، من أجل “تخفيف الضغط” وتقليل عدد الحضور، وبما تفادي نقل صورة الازدحام أو الفوضى في حال حصولها.

فنانون عرب يفرضون الشروط ويقصون الإعلام المغربي

في سابقة غير معهودة، فرض عدد من الفنانين العرب المشاركين شروطا على اللجنة المنظمة، أبرزها رفض إجراء ندوات صحفية أو مقابلات مع الإعلام المحلي، مفضلين التعامل حصرا مع القنوات العربية والأجنبية. هذا التصرف اعتبره الصحفيون المغاربة “إهانة مزدوجة” من الفنانين والمنظمين، وأثار استياء واسعا داخل الجسم الإعلامي.

اختناق مروري وتدافع و”إقصاء بتذاكر مدفوعة”

تسببت حفلات “طوطو”، شيرين وبودشار، في اختناق مروري غير مسبوق بالرباط، حيث شُلّت حركة المرور لساعات طويلة، وتكدست السيارات في الشوارع والأزقة المحيطة بمنصتي السويسي والنهضة. كما تم منع مئات الحاضرين من دخول المنصات رغم توفرهم على تذاكر بلغ ثمنها بين 700 و1400 درهم، بسبب امتلاء الساحات وعدم قدرة الأمن على تنظيم التدفقات البشرية.

هذا المشهد أعاد إلى الواجهة سؤال جاهزية المغرب لتنظيم تظاهرات كبرى مثل كأس إفريقيا أو كأس العالم، حيث بدت البنية التنظيمية واللوجيستيكية، بحسب مراقبين، غير مؤهلة للتعامل مع حشود ضخمة في غياب خطط محكمة وإجراءات احترازية مدروسة.

غياب التنسيق فوق المنصات.. فوضى في التوقيت و”هدايا غير مفهومة”

كشفت دورة “موازين” هذا العام عن غياب التنسيق بين إدارة المهرجان ومديري أعمال الفنانين، ما أدى إلى مشاهد محرجة فوق المنصات، أبرزها تقديم هدايا غير مبررة للفنانين، مثل قميص المنتخب الوطني المغربي وكرة قدم احتفاء بتنظيم كأس العالم، في مواقف أربكت بعض الفنانين الذين لا علاقة لهم بالرياضة أو لم يكونوا على علم بالسياق، كما حدث مع نانسي عجرم التي بدا عليها الاستغراب وعدم الفهم.

في سياق مشابه، شهدت منصة سلا ارتباكا ملحوظا، بعدما تجاوز المغني “ديوك” المدة الزمنية المتفق عليها ورفض مغادرة المنصة، دون أي تدخل من المنظمين لضبط البرمجة. هذا الانفلات تسبب في تأخير فقرة المغني سليم كرافاطا لساعتين كاملتين، ما أثار غضب الجمهور الذي انتظر منذ الحادية عشرة ليلا، قبل أن يعتلي الأخير المنصة في حدود الواحدة صباحا. موجها اعتذاره للجمهور، ومؤكدا أن الأمر خارج عن إرادته.

المسؤول عن التعاقد مع الفنانين “بدون حزم”.. وغياب الاطلاع على العقود يربك الجميع

نقلت جريدة “العمق” حجم الاختلالات التنظيمية والفوضى التي طبعت الدورة العشرين من مهرجان “موازين.. إيقاعات العالم” إلى بعض الجهات المنظمة للوقوف على خلفيات ما جرى وتحديد المسؤوليات.

وكشف مصدر مطلع، أن تغيير الفريق الذي كان يشرف على مهرجان “موازين” بآخر جديد لا يملك الخبرة والكفاءة كان السبب وراء جل المشاكل التنظيمية التي طبعت هذه النسخة من المهرجان، مشيرا إلى أنه تسبب في عدة مشاكل لجهات أخرى مسؤولة عن تنظيم الحدث الفني الكبير بسبب عدم حزمه وتفاعله من طلباتهم بشكل سريع.

وحمل ذات المصدر، مسؤولية وصف دورة موازين 2025 بـ”الفاشلة للجهات التي عينت الفريق الذي جاء ليتدرب في مهرجان عالمي ولم يكن في المستوى المطلوب”.

وأشار ذات المصدر، إلى أن السبب الرئيسي وراء ما وصف بـ”فشوش الفنانين العرب” هو غياب الحزم من المسؤول المباشر عن التعاقد معهم، حيث لم يكن هذا الأخير صارما بما يكفي في مواجهة مديري أعمالهم، ولم يُدرج التزامات واضحة بخصوص احترام الإعلام المغربي ضمن العقود.

الأخطر، حسب المصدر، هو أن شركة التنظيم المكلفة بالجانب الإعلامي لا تطلع على البنود الدقيقة في عقود الفنانين الموقعة مع جمعية مغرب الثقافات، ما يجعلها في موقف ضعيف أمام “حجج” مديري الأعمال الذين يتحججون بأن كل قرار أو منع هو “بموجب العقد”.

وأضاف المصدر، أن الدورات السابقة كانت تشهد تدخلا واضحا من المسؤول عن الفنانين، والذي كان يتواصل مباشرة مع مديري أعمالهم ويجبرهم أحيانا على تلبية طلبات الصحفيين المغاربة. أما في دورة 2025، فافتقر المكلف بالملف إلى “الخبرة والصرامة”، ما جعل الشركة المسؤولة على التواصل في مرمى نيران الصحفيين، وتحت ضغط جماهيري وإعلامي غير مسبوق.

وأكد المصدر، أن العاملين في الشركة حاولوا بشتى الطرق، ولو بمجهودات فردية غير رسمية، امتصاص غضب الصحفيين المغاربة الذين شعروا بالإهانة، وهم يشاهدون كيف يُمنح الإعلام الأجنبي الأولوية في إجراء المقابلات مع النجوم العرب، داخل مهرجان يُفترض أنه مغربي الهوية والمرجعية.

وتابع ذات المصدر، أن التعامل “المتعالي” لبعض الفنانين العرب، وفرضهم المسبق لأسماء القنوات التي سيتعاملون معها، لم يقابل بأي رد حازم من اللجنة العليا للمهرجان، ما فتح الباب أمام فوضى عارمة وتمييز واضح داخل فضاء الحدث، وخلق توترا غير مسبوق بين الجسم الصحفي والجهة المنظمة.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.