مهنيون يرحبون بالتحقيق في “اختلالات” سوق الأعلاف ويستعجلون إنهاء الاحتكار
في خطوة تهدف معالجة الاختلالات التي تعصف بقطاع تربية الدواجن بالمغرب، أعلن مجلس المنافسة عن فتح تحقيق رسمي حول الممارسات التجارية في سوق الأعلاف المركبة، وهو قرار يأتي بعد الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار الدواجن مؤخرًا، والذي أثار موجة من الاستياء بين المنتجين والمستهلكين على حد سواء.
ويستند التحقيق إلى الخلاصات الواردة في رأي المجلس رقم ر/3/24 الصادر بتاريخ 26 سبتمبر 2024، الذي كشف عن نسبة تركيز عالية في السوق، مما يضع المنافسة الحرة في موضع تساؤل ويعزز هيمنة بعض الشركات على السوق المحلية.
يشكل التحقيق المذكور، الذي يسعى إلى التأكد من مدى توافق الممارسات التجارية مع مقتضيات القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، خطوة مهمة بالنسبة لمربي الدواجن والمستهلكين الذين يتحملون تبعات ارتفاع الأسعار في قطاع تشكل فيه الأعلاف والكتاكيت نحو 75% من تكلفة الإنتاج.
في تصريح لرئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم بالمغرب، أعبود محمد، أكد أن قطاع تربية الدواجن يعاني من مشاكل كبيرة تهدد استمراريته بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف المركبة والكتاكيت، بالإضافة إلى غياب المنافسة الحقيقية واحتكار السوق من طرف بعض الشركات.
وأوضح أعبود أن الجمعية قد تواصلت مع مجلس المنافسة منذ سنة 2013، وقدمت مراسلات متعددة في سنوات 2013، 2018، و2020، بهدف تسليط الضوء على الممارسات الاحتكارية التي تؤثر سلبًا على القطاع، مشيرا إلى أن قرار مجلس المنافسة الأخيرة يكتسي أهمية بالغة إذا اتخذ خطوات فعلية لمراقبة الشركات التي تتحكم في الأسعار دون مبررات اقتصادية واضحة.
وأشار المتحدث إلى أن أسعار الكتاكيت شهدت ارتفاعًا غير مسبوق، حيث انتقل سعر الكتكوت الواحد من 2 دراهم إلى ما بين 12 و14 درهمًا حاليًا، فيما بلغت أسعار الأعلاف المركبة 4.45 درهم للكيلوغرام، وهو ما يتسبب في رفع كلفة الإنتاج بشكل كبير، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الدجاج في السوق المحلي، وبالتالي تحميل المواطن المغربي تبعات هذه الأزمة.
ورغم استفادة الشركات من دعم حكومي على مستوى الأعلاف، إلا أن أعبود شدد على أنها لم تُخفض الأسعار، مسجلا مطالبة الجمعية باستيراد الأعلاف المركبة من الخارج وإعفائها من الرسوم الجمركية لتوفير بدائل تنافسية، إلا أن وزارة الفلاحة فضلت منح الامتيازات للشركات الكبرى بدلاً من دعم المربين الصغار والمتوسطين، مما جعلهم عرضة لتقلبات السوق واحتكار الشركات الكبرى.
وردًا على مبررات الشركات بأن الغلاء المحلي يعود إلى ارتفاع الأسعار العالمية، أشار المتحدث إلى أن الأسعار العالمية انخفضت إلى النصف، مؤكدا أن هذا الغلاء ليس له علاقة بالأسواق العالمية، بل هو نتيجة مباشرة لسيطرة الشركات على السوق المحلية وفرضها أسعارًا مرتفعة.
وكشف المهني على أن نقص تفريخ البيض وارتفاع أسعار الكتاكيت ناتج عن سياسات احتكارية، حيث يتم تقليص الإنتاج عمدًا بهدف رفع الأسعار، ما يدفع الفلاحين الصغار والمتوسطين إلى الخروج من القطاع، ويتسبب في ضعف المنافسة وسيطرة الشركات الكبرى على السوق.
وشدد عبود على أن المعطيات تؤكد إمكانية إنتاج ما يعادل 16 مليون كتكوت بشكل وهو ما يتجاوز احتياجات السوق المحلية، مشيرا إلى أنه سنة 2011، كانت المفاقس تعمل على إنتاج 11 مليون كتكوت، إذ كان من المرتقب أن يتم تصدير 4 ملايين، وإدخال 6 ملاييين للسوق الوطنية، إلا أن فشل السياسة أدى دخول كل الكميات المنتج للسوق المحلي، ما نتج عنه خلل.
وحمّل محمد أعبود، رئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم بالمغرب، وزارة الفلاحة ومديرية سلاسل الإنتاج مسؤولية ما يعانيه القطاع، مشيرًا إلى أنها كانت غائبة في اللحظات الحرجة التي كانت تحتاج إلى إجراءات استباقية.
يذكر أن تقرير لمجلس المنافسة كشف أن ثمان شركات تهيمن على 75 بالمائة سوق إنتاج الأعلاف المركبة بالمغرب، كما تتبع تطور أسعار هذه الأعلاف موضحا أنها ارتفعت بـ45 في المائة، متأثرة بأسعار المواد الأولية في السوق الدولية وتداعيات الجفاف.
وأوضج المجلس، في رأي له حول وضعية المنافسة في سوق الأعلاف المركبة بالمغرب، أن سوق تصنيع هذه الأعلاف يتسم بنسبة عالية من التركيز، إذ يستحوذ عليها عدد قليل من الشركات الكبرى بالرغم من وجود 48 شركة فاعلة تمارس أنشطتها داخل هذه السوق.
المصدر: العمق المغربي