بأكثر من 600 ألف سائح إضافي عما تحقق في عام 2024 بأكمله، ومدفوعا بحصيلة قياسية جديدة بلغت 18 مليون وافدٍ على المملكة (إلى متم شهر نونبر) قبل شهر واحد من إسدال سنة 2025 ستارها، يعيش القطاع السياحي في المغرب “أزهى” فتراته.

جاء ذلك بمثابة تتويج لمسار “تصاعدي”؛ فيما قدّرت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني نسبة نمو القطاع بـ 13.5 في المائة على أساس سنوي (مقارنة بالفترة ذاتها قبل عام).

وإذا كانت “لغة الأرقام والمؤشرات” قد حسمت نجاح سنة 2025 قبل انتهائها، فإن الأنظار تتجه الآن صوب شهر دجنبر الذي يَعِد بتحويل “توقعات متفائلة” إلى واقع ملموس، مسنودا بزخم حدث قاري استثنائي.

ويُنتظَر أن يكون احتضان المغرب نهائيات كأس أمم إفريقيا (على بعد أيام معدودة من صافرة البداية) حدثا رياضيا سيمثلوفق ما استقته هسبريس من مهنيينرافعة سياحية قوية ستُغيّر ملامح الموسم الشتوي المعتاد، لا سيما تزامنا مع موسم عطلة نهاية السنة (البوناني).

وتنتظِر فنادق المملكة، خاصة في المدن الست المستضيفة لفعاليات “كان المغرب 2025″، أن يخلق توافد الآلاف من المشجعين الأفارقة، والوفود الرسمية، ووسائل الإعلام الدولية، دينامية استثنائية في نسب ملء الفنادق، وحركة النقل الجوي، وقطاعات الخدمات الموازية، من نقلٍ وإرشاد ومطعمة وترفيه.

هذا الحدث الكروي الأضخم قاريا، المتزامن مع عطلات نهاية السنة، يمنح المهنيين ضمانات واقعية لاستمرار المنحنى التصاعدي، مكرسا بذلك مفهوم “السياحة الرياضية” كدعامة أساسية ضمن خارطة الطريق الاستراتيجية للمملكة، ومبشرا بإسدال الستار على سنة 2025 برقم قياسي يقرّب الفاعلين، حكوميين وغير حكوميين، من أهداف خارطة الطريق للسياحة.

وعزَتْ وزارة السياحة، ضمن بلاغ رسمي، الرقم القياسي الجديد إلى “نجاعة الاستثمارات الاستراتيجية التي تم تنفيذها في إطار خارطة الطريق 20232026، سواء من خلال تعزيز الربط الجوي أو التّرويج الدولي أو تطوير وتنويع العرض السياحي”.

“فرصة إضافية”

مروان شويوخ، خبير مهني فاعل في السياحة والتسيير الفندقي، قال إن “قطاع السياحة بالمغرب يشهد انتعاشا ملحوظا بعد تسجيل 18 مليون سائح حتى نهاية نونبر”، واصفا ذلك بأنه “إنجاز كبير يوضح قوة جاذبية المملكة على صعيد الإشعاع بأبعاده الثلاثة: الإقليمي والقاري والعالمي”.

وفي حديث لهسبريس معلقا على الموضوع، أكد شويوخ، الذي يشغل حاليا منصب رئيس المجلس الإقليمي للسياحة بالحوز، أن “دخول شهر دجنبر يمثل فرصة إضافية لاستثمار ذروة النشاط السياحي، وهو ما يفتح آفاقا لجميع المهنيين سواء على المستوى الوطني أو الجهوي”، مبرزا أن هؤلاء المهنيين تحدُوهم “آمال عريضة لاستثمار التراكم الإيجابي لحصيلة العام وذروة مواسمه؛ ومنها نهاية السنة”.

من منظور فاعل في القطاع، قال المتحدث لهسبريس: “اليوم، التحدي ليس فقط زيادة أعداد السياح، بل تحويل هذا الزخم إلى تنمية مستدامة واقتصاد مزدهر”، مضيفا أن ذلك “يتطلب تبسيط المساطر الإدارية وتصنيف المؤسسات السياحية، بما يضمن إدماج جميع الفاعلين في الاقتصاد الرسمي”.

كما استحضر المهني عينه “أهمية دعم الاستثمار المحلي في المدن، القرى، والمناطق الجبلية، مع مراعاة خصوصيات كل جهة وطبيعة السياحة ونوعية النشاط الممارس فيها”، مبرزا أن “تطوير العروض السياحية بما يشمل السياحة التضامنية، الإيكولوجية، والتراثية، يعزز القيمة المضافة وتجربة مخصَّصة لكل زيارة”.

ودعا إلى “المواكبة والتكوين والتأطير للمهنيّين، بدل الاقتصار على مقاربة مرحلية، لضمان استدامة الجودة والخدمات”.

كما ذكر المصرح أن “إقليم الحوزرغم تداعيات زلزال شتنبر 2023نهضَ بقوة ليشكل نموذجا ناجحا، لكن هذه الدينامية يجب أن تكون قابلة للتوسع على الصعيد الوطني، لتشمل مختلف الجهات وتساهم في تعزيز الاقتصاد المحلي، خلق فرص الشغل وتوزيع منافع السياحة بشكل عادل”، خاتما بأن “الاستثمار في السياحة ليس مجرد أرقام، بل هو رافعة استراتيجية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية على مستوى المغرب بأكمله، بما يتوافق مع النموذج التنموي الجديد للمملكة”.

نحو “سنة استثنائية”

وفي قراءته لهذه المؤشرات الرقمية، يرى مصطفى أماليك، فاعل مهني في قطاع الفندقة الكاتب العام للمجلس الجهوي للسياحة بمراكش، أن “ما تحقق يعد سابقة في تاريخ القطاع الثالثي، مما يسهم في ارتفاع قيمة مساهمته في دينامية ورواج الاقتصاد الوطني”.

وأوضح أماليك، في تصريح لهسبريس، أن “الأرقام القياسية المسجلة خلال الـ11 شهرا الأولى من سنة 2025 تتحدث عن نفسها؛ إذ تجاوزنا بالفعل الحجم الإجمالي لما استقطبه المغرب طيلة العام الماضي (2024) برمته” (حينها 17,5 مليون سائح). وزاد: “هذا الإنجاز المبكر يؤكد نجاعة الاستراتيجية الوطنية المتبعة على أصعدة مختلفة (…) ويعطينا كمهنيين ثقة كبيرة في المستقبل”.

وعن توقعات ختام السنة، تفاعل أماليك مع سؤال لهسبريس بنبرة يغلب عليها التفاؤل، قائلا: “نحن نتجه لأن تكون 2025 سنة استثنائية بكل المقاييس، فشهر دجنبر الحالي يعرف زخما مضاعفا لا نعهده كل سنة”.

ولفت إلى أن “المهنيين في السياحة أمام تقاطع حدثين محرّكين للطلب: الأول هو الدينامية القوية لكأس أمم إفريقيا التي أنعشت بشكل لافت مختلف القطاعات السياحية والخدماتية المرتبطة بها ورفعت مستوى الحجوزات لتُلامس مؤشرات تامة، والثاني هو موسم عطلات رأس السنة (البوناني) الذي يحافظ على جاذبيته المعهودة؛ هذا المزيج بين السياحة الرياضية والاحتفالية يبشر بنهاية سنة تاريخية”، بتعبيره.

المصدر: هسبريس

شاركها.