يشهد سوق اللحوم الحمراء، منذ مدة، حالة من الاستقرار على مستويات سعرية مرتفعة، حيث بقيت الأثمنة ثابتة تقريبا دون أي تغيّر يُذكر؛ مما دفع المستهلكين إلى مواصلة التعامل مع الكلفة المرتفعة نفسها لفترة طويلة، فيما تتسم حركة الأسواق بهدوء لافت يرافقه ترقب واسع لعل الأسعار تتراجع إلى مستويات أقل.

 تقلّب الأسعار

عزيز رضى، مهني بقطاع اللحوم الحمراء، قال إن “أسعار اللحوم مستقرة منذ مدة، وقد يعتبرها البعض مرتفعة، في الوقت الذي يرى آخرون أنها تراجعت عن المستويات القياسية التي بلغتها في أوقات سابقة؛ ولو أن المستهلك يأمل دائما في أن تبلغ الأسعار مستويات أدنى مما هي عليه الآن”.

وفي حديثه عن بعض الأسعار المعتمدة في الوقت الراهن بعدد من المدن، ومن بينها المحمدية على سبيل المثال، أوضح المتحدث، في تصريح لهسبريس، أن “الكيلوغرام من لحم العجل يُباع بـ100 درهم، والغنم 110 دراهم، والماعز 120 درهما، واللحم المفروم (كفتة) 120 درهما، واللحم المفروم الخالي من الشحم 140 درهما، وكبد الغنم والبقر 170 درهما، والأحشاء (الدوارة) 300 درهم، وقوائم البقر (الكرعين) 170 درهما للقطعة”.

وأكّد المهني أن “أسعار اللحوم الحمراء ترتبط عادة بمجموعة من العوامل المتداخلة في ما بينها، سواء في اتجاه الارتفاع أو الانخفاض؛ أهمها تأثير الجفاف، ونقص المراعي، وارتفاع تكلفة الأعلاف، وتراجع القطيع الوطني، والاعتماد على الاستيراد، إضافة إلى الطلب الموسمي المرتفع خاصة في فترات الأعياد، وتأثير التضخم العام وتكاليف النقل، فضلا عن تدخل الوسطاء والمضاربات التي ترفع الأسعار في السوق في بعض الأحيان”.

استقرار الغلاء

رضوان زويتني، رئيس الجمعية الإقليمية للجزارين بالمحمدية، قال إن “أسعار اللحوم الحمراء لا تزال مستقرة عند مستويات مرتفعة منذ مدة، وهذا الوضع يرتبط بعدد من العوامل”، موضحا أن “من بين أسباب هذا الاستقرار المرتفع استيراد العجول واللحوم المجمّدة، إضافة إلى قلة اللحوم المحلية”، مؤكدا أن “السوق لا يزال يتأثر بتنوع مصادر التزويد”.

وأوضح زويتني، في تصريح لهسبريس، أن “العجول المحلية لا تزال مرتفعة التكلفة”، مبرزا أن “السعر الذي يبتاع به الجزار يتراوح بين 90 و95 درهما للكيلوغرام، حسب الجودة؛ وهو ما يجعل أي انخفاض وشيك في أثمنة البيع للمستهلكين أمرا مستبعدا في الوقت الراهن”.

وفي حديثه عن التوقعات المستقبلية، أبرز المتحدث أن “الانخفاض غير منتظر في المستقبل القريب؛ لأن الأمر يرتبط بالتساقطات وتوفر الكلأ وباقي العوامل المتحكمة في القطاع”، لافتا إلى أن “تراجع عدد الكسابين والفلاحين الصغار والمتوسطين زاد من تعقيد الوضع”، مضيفا في هذا السياق أن “الكسابة الذين كانوا يحركون السوق لم يعودوا موجودين، ولم يبق إلا المستثمرون الكبار”.

وختم رضوان زويتني تصريحه بالتأكيد على أن “المستثمر يشتغل بمنطق الربح فقط، بخلاف الكساب التقليدي الذي قد يربح أو لا يربح؛ لكنه يستمر في المهنة”، مسجلا أن “هذا التحول في بنية السوق يؤثر بشكل مباشر في مستويات الأسعار واستقرارها”.

مفعول الاستيراد

عادل الأشهب، الكاتب العام لجمعية الجزارين للحوم الحمراء بخريبكة، قال إن “السنوات السبع الماضية كانت عجاف أثرت بقوة على قطاع تربية المواشي”.

وأوضح الأشهب، في تصريح لهسبريس، أن “العام الماضي عرف تحسنا ملحوظا، رغم وجود اختلالات في توازن منظومة تربية الأبقار نتيجة نظام التدوير الذي كان معمولا به، حيث كان المربون يبيعون العجول الموجهة للذبح”، لافتا إلى أنه “مع ارتفاع أثمان العلف واستمرار الجفاف، لم يعد من باع قادرا على شراء بديل”.

وأضاف الفاعل المهني عينه أن “هذا الوضع دفع الأسواق إلى التوجه نحو الأغنام، التي ارتفعت أسعارها بدورها؛ وهو ما أدى إلى تراجع وفرة القطيع، وخاصة الأبقار المخصصة للتسمين”، مشيرا إلى أن “الأبقار الموجهة إلى التسمين قليلة، وهذا النقص كان سيؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار اللحوم لولا التدخل عبر الاستيراد”.

وأوضح المتحدث ذاته أن “عملية استيراد العجول كان لها أثر واضح في تخفيض الأسعار”، مردفا أنه “لولا العجول المستوردة لما انخفض ثمن اللحم إلى مئة درهم إلى تسعين درهما”، مشيرا إلى أن “الأسعار كانت ستصل إلى مائة وعشرين أو مائة وثلاثين درهما لولا عملية الاستيراد، التي رغم أنها لم تحقق الانخفاض المأمول، فإنها أحدثت توازنا نسبيا في السوق”.

وختم عادل الأشهب توضيحه بقوله إن “مستقبل الأسعار يظل مرتبطا بالتساقطات المطرية”، مؤكدا أن “المشكل لا يزال قائما بسبب النقص في القطيع وارتفاع ثمن الرؤوس، والسوق لن يستعيد توازنه إلا إذا تحسنت الظروف المناخية، لأن نزول الأمطار كفيل بإنعاش الكلأ وتخفيف الضغط على المربين؛ بينما استمرار الجفاف سيعيد الأسعار إلى الارتفاع من جديد”.

المصدر: هسبريس

شاركها.