انطلقت مساء الجمعة بمدينة طنجة فعاليات الدورة الخامسة والعشرين من المهرجان الوطني للفيلم، الذي يحتضنه قصر الفنون في الفترة الممتدة ما بين 17 و25 أكتوبر الجاري، بمشاركة نخبة من أبرز صناع السينما المغربية، من مخرجين وممثلين ومنتجين ونقاد، في احتفاء جماعي بالفن السابع وبالإبداع المغربي في أرقى تجلياته.
وحضر حفل الافتتاح شخصيات وازنة من المشهد السينمائي والثقافي الوطني، إلى جانب ممثلين عن الهيئات المهنية ومؤسسات الإنتاج والتوزيع، مما أضفى على انطلاق المهرجان طابعا احتفاليا خاصا يجمع بين البعد الفني والمؤسسي، في دورة تراهن على ترسيخ موقع السينما المغربية كقوة إبداعية وصناعية واعدة.
واعتبر عبد العزيز البوجدايني، الكاتب العام لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، في كلمة ألقاها خلال حفل الافتتاح نيابة عن وزير الثقافة محمد المهدي بنسعيد، أن السينما ليست مجرد تعبير ثقافي أو فني، بل هي صناعة قائمة بذاتها وخدمة عمومية تسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتخلق فرص شغل مهمة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
وقال البوجدايني إن المؤشرات المسجلة خلال السنة الماضية تعكس الدينامية الإيجابية التي يعرفها القطاع، إذ تجاوزت مداخيل القاعات السينمائية 127 مليون درهم، فيما بلغ عدد المتفرجين أكثر من مليونين ومئتي ألف متفرج، وهي أرقام غير مسبوقة منذ أكثر من 15 سنة، وتعبر عن استعادة الجمهور المغربي ثقته في الإنتاجات الوطنية والشاشات الكبرى، وفق تعبيره.
وأشار البوجدايني، إلى أن حجم الاستثمارات الأجنبية في مجال التصوير السينمائي بالمغرب بلغ مليارا ونصف المليار درهم خلال السنة الجارية، مقابل مليار درهم فقط سنة 2023، وهو ما ساهم في خلق آلاف مناصب الشغل وإنعاش الاقتصاد المحلي في عدد من مدن التصوير خاصة ورزازات، مشيرا إلى أن هذه الطفرة لم تكن لتتحقق لولا دعم الدولة ومواكبتها المتواصلة عبر المركز السينمائي المغربي.
وشدد الكاتب العام على أن تطور الصناعة السينمائية المغربية يرتبط ارتباطا وثيقا بالنضج الفني الذي تعرفه التجربة الوطنية، مؤكدا أن المملكة رسخت حضورها في كبرى المهرجانات الدولية مثل كان وبرلين والبندقية وفيينا، مما عزز موقع المغرب كوجهة عالمية مفضلة للتصوير والإنتاج.
وكشف البوجدايني، أن الوزارة عازمة على مواصلة دعم البنية التحتية السينمائية، من خلال البرنامج الوطني لتحديث وإنشاء القاعات السينمائية، مع الحرص على إدماج قاعات عرض داخل دور الثقافة في المدن الصغيرة والمتوسطة، باعتبار أن السينما حق ثقافي أصيل ينبغي أن يكون متاحا لكل المواطنين، حسب تعبيره.
وأضاف أن الوزارة تعمل على تطوير الإطار التشريعي المنظم للصناعة السينمائية، إلى جانب تقديم دعم مالي مستدام يضمن استمرارية الإنتاج الوطني وإشعاعه، انسجاما مع توجيهات الملك محمد السادس الداعية إلى جعل الثقافة رافعة للتنمية ومجالا لتثمين الطاقات الإبداعية المغربية.
وتابع ذات المتحدث، أن الدورة 25 من المهرجان الوطني للفيلم تتميز ببرنامج فني وثقافي متنوع، يشمل أحدث الإنتاجات السينمائية المغربية إلى جانب موائد مستديرة تجمع بين سينمائيين مغاربة وأجانب لمناقشة آفاق تطوير الصناعة السينمائية بالمغرب وتعزيز تنافسيتها إقليميا ودوليا.
كما تشهد هذه الدورة إضافة نوعية تتمثل في إحداث سوق ومعرض للألعاب الإلكترونية، في خطوة طموحة تهدف إلى تعزيز التكامل بين الصناعة السينمائية وصناعة ألعاب الفيديو، وفتح آفاق جديدة أمام التعاون بين المبدعين في مجالات السرد البصري والرقمي.
وعبر البوجدايني عن سعادته بافتتاح هذه الدورة بمدينة طنجة التي وصفها بـ“الحاضنة العريقة للفن السابع”، مشددا على أن المهرجان الوطني للفيلم يظل موعدا سنويا للاعتزاز بإبداعاتنا الوطنية وتجديدا للعهد على دعم الصناعة السينمائية المغربية بكل مكوناتها، إيمانا بأن مستقبل السينما المغربية يكتب اليوم من خلال هذا الزخم المتجدد من المواهب والطاقات.
ويتنافس على جوائز مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، تتنافس 15 فيلما من أبرزها:“أفريكا” لعز العرب العلوي، “أطومان” لأنور المعتصم، “في حب تودا” لنبيل عيوش، “الوصايا” لسناء عكرود، “المرجا الزرقا” لداوود أولاد السيد، “عزيزي الصغير” لكريمة كنوني، و*“الأميرة المفقودة”* لهشام حجي، إلى جانب أعمال أخرى تحمل توقيعات أسماء مخضرمة وأخرى شابة.
أما في صنف الأفلام الروائية والوثائقية القصيرة، فيشارك عدد من الأسماء الجديدة والمكرسة بأفلام مثل “عايشة” لسناء العلاوي، “بوجلود” لغيثة بوصفيحة، “شيخة” لأيوب اليوسفي، “الهروب 1944” لسعيد حسبي، و“مرآة للبيع” لهشام أمال، وغيرها من الأعمال التي تعكس تنوع المواضيع والزوايا الفنية.
وفي مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، يشارك مخرجون من مختلف الأجيال، من بينهم هشام إبراهيمي بفيلمه “آمرز”، وسلمى لوخمسي برفقة رشيدة سعيدي في “أمازون”، إلى جانب “نساء الحصر” لمولاي خالد البومسهولي، و“استقلال الجزائر، قضية مغربية” لحسن البهروتي، و“النحام الوردي، نداء الصحراء” لحسن خر، وأعمال أخرى تسلط الضوء على التاريخ والهوية والإنسان المغربي في تنوعه الجغرافي والثقافي.
المصدر: العمق المغربي