من الغباء الحديث عن معاقبة البيجيدي في الانتخابات الأخيرة بسبب قربه من القصر
انتقد الكاتب والمفكر والمؤرخ المغربي، عبد الله العروي، التحليلات السياسية التي جزمت بمعاقبة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة بسبب قربه من القصر الملكي.
وقال العروي، في كتابه “دفاتر كوفيد” الصادر حديثا: “إن أغبى تحليل سمعته عن نتائج الانتخابات الأخيرة هو ذلك الذي أجراه عالم أنثروبولوجيا عجوز أراد بلا شك إرضاء محاوره الأجنبي”.
ويرى العروي أن فرضية “خسارة حزب العدالة والتنمية لأن ناخبيه كانوا سينتقدونه لأنه وضع نفسه في خدمة الدولة العميقة، أي القصر” لا أساس لها من الصحة، مضيفا أنه “تم بالفعل اقتراح نفس التفسير لتفسير تراجع قوة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”.
وتابع المفكر المغربي: “منطق غريب القول أنه لمعاقبة حزب العدالة والتنمية على تواطئه مع القصر، كان سيختار الناخب استبداله بحزب أقرب إلى القصر”، وزاد متسائلا: “ولماذا لم يفعل ذلك قبل خمس سنوات عندما كان بوسعه التصويت لصالح حزب الأصالة المعاصرة، صاحب النفوذ في ذلك الوقت، والذي كان مسؤول سابق في وزارة الداخلية قد أسسه للتو؟”.
وحسب العروي، “كان المنطق يفرض في هذه الحالة أن أصوات الساخطين، وأعداء القصر المفترضين، ستنتقل إلى أقصى اليسار الذي ينتقد بدقة كل تصرفات هذا القصر نفسه”، علاوة على ذلك، فإن هذا يعني، وفق المفكر المغربي، أن كل حزب يقترب من الدولة العميقة لن يجني شيئا سياسيا. فلماذا يفعل ذلك؟ كل هذا لا معنى له”.
وأضاف: “أولئك الذين يستخدمون مثل هذه اللغة تعميهم تحيزاتهم الأيديولوجية، وليس من قبيل الصدفة أن يكونوا عمومًا مهندسين أو علماء أنثروبولوجيا؛ فهي تفتقر إلى البعد الواقعي التاريخي، لقد سمعوا عن الدولة العميقة وكان يطلق عليها في اللغة الشيوعية جهاز الدولة ويستخدمونها بكل الطرق دون أن يكلفوا أنفسهم عناء التفكير فيها”.
وختم: “هناك بالطبع شيء ملموس في مفهوم الدولة العميقة. وقد أشرت إليه عند الحديث عن المسكوت عنه في كتابي عن الحسن الثاني. من الجدير التفكير في فهم الحياة السياسية الحقيقية لبلد مثل المغرب، لكن استخدامها في كل مناسبة لشرح أي شيء وكل شيء لا يخدم أحدا”.
وربطت مجموعة من الدراسات والتحليلات السياسية، بعد نتائج الانتخابات التشريعية في 8 شتنبر 2021، “اندحار” حزب العدالة والتنمية من صدارة المشهد السياسي بالمغرب إلى مؤخرة الترتيب وانتقاله من 125 مقعدا إلى 14 مقعدا، (ربطته) بـ”انقلاب الحزب على جملة من الثوابت التي لطالما دافع عنها، مثل تمرير التطبيع مع “إسرائيل” أو الموافقة عليه في الحكومة ومعارضته في الحزب، واعتماد اللغة الفرنسية في التدريس، وتقنين القنب الهندي، فضلا عن مشاكل داخلية وتأثير ذلك على تسييره الحكومي.
المصدر: العمق المغربي